نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران وأمن الخليج... هل من تغيير؟ - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 10:21 مساءً
بوابة الكويت - السؤال الواجبة محاولةُ الإجابة عنه في هذه المرحلة هو: هل قللت إيران من طموحها في مدّ سيطرتها على المجاور من الأراضي، وخاصة العربية، أم أن تجربة الاثني عشر يوماً في الاشتباك مع إسرائيل أقنعتها بتغيير استراتيجيتها في المنطقة؟
هناك تصريحات متعددة في هذا الأمر، جزء منها يذهب نسبياً إلى أن هناك شبه تغيير، لأن موقف دول الخليج، وأيضاً الدول العربية من تلك الأيام الاثني عشر، هو شجب الاعتداء على إيران، وهناك تصريحات تشير إلى أن إيران لم تغيّر عقيدتها السياسية في تصدير الثورة، والتعاون مع الجيوب التي تستطيع إقناعها بتبنّي أفكارها الثورية المذهبية بل تمدّ يدها إلى السودان وحتى الصحراء المغربية!
قراءة كتاب "صبح الشام" لحسين أمير عبد اللهيان (وهو الذي تولى وزارة الخارجية الإيرانية أثناء حكم الرئيس إبراهيم رئيسي، والاثنان سقطت بهما الطائرة في 19-5-2024. عبد اللهيان قضى فترة طويلة مساعداً لوزراء الخارجية المتعددين، والكتاب هو عبارة عن مجموعة من الأفكار جَمَعها مركز الدراسات في وزارة الخارجية الإيرانية، صدر أولاً بالفارسية، ثم صدر في 2022 مترجماً إلى العربية من إحدى المؤسسات الدينية في العراق)... يمكن أن تعطينا مؤشرات عامة لقواعد السياسة الخارجية الإيرانية، ربما حتى الاشتباك الأخير بين إيران وإسرائيل، وربما حتى بعده!!
الفكرة الرئيسية للكتاب أنها تتحدث عن جهود إيران في تثبيت حكم بشار الأسد في سوريا، ولكن أيضاً يعرج على ملفات أخرى كثيرة، فيقول مثلاً عمّا عرف بربيع العرب إن الحركة نابعة أو تابعة لأفكار السيد الخميني!!
في محاولته لإقناع الجانب الروسي بالوقوف مع بشار الأسد ضرب لهم المثال التالي كما يقول في الكتاب: "عندما وجدت السيد بوغدانوف وهو معاون وزير الخارجية الروسي، غير مقتنع بدعم بشار الأسد، قلت له إن دولة البحرين جزيرة صغيرة، وانفصلت عن إيران عام 1971 بسبب سوء تدبير النظام البهلوي وقتها، ومع ذلك فإن تلك الدولة لم ترضخ لثورة شعبية من أجل تغيير شخص واحد هو رئيس الوزراء، لذلك فإن تغيير بشار الأسد يمكن أن يغيّر هيكلية النظام في سوريا"!!
تحدث عن دول الخليج أنها "أنظمة عائلية وراثية"، وهو ينتقد من جهة أخرى ما سمّاه الحرب على اليمن فيقول: "كان الحوثيون نشيطين في عام 2011 وكانت مجريات الأحداث تظهر دوراً بارزاً لأنصار الله في تحوّلات السياسة والأمن، أسهمت هذه الأفكار في الوحدة الوطنية اليمنية"!
أما عن الاتفاق الذي وقعته إيران مع أميركا في عهد الرئيس باراك أوباما في 2015 فيقول: "قدمت أميركا بعض التنازلات لإيران في سوريا لتمرير الاتفاق في المباحثات النووية التي وقعت في 2015"، وبذلك غضّت الطرف عن النشاط الإيراني في شرق المتوسط!
ثم يكمل حسين عبد اللهيان سرده عن سوريا فيقول إن "طهران دعت إلى جلسات حوارية بين النظام السوري، وبين عدد من قوى المعارضة السورية المؤمنة بالحل السلمي، وقضينا ثلاثة أيام صعبة في ذلك الحوار، إلا أنه حدثت مشاجرات بين المجموعات المختلفة، وهي مشاجرات ذات طابع عربي"!! في إشارة إلى طبع العرب في الشجار. وهنا يذهب السيد عبد اللهيان إلى التعميم، بل وشيءٍ من العنصرية، حيث يصف هذه المشاجرات السياسية بـ"ذات طابع عربي"!! وكأن الإيرانيين لا يتشاجرون!!
يكمل في هذا الموضوع، أن المسؤول عن المفاوضات من الجانب السوري الرسمي، كان قدري جميل، الذي بعد أسابيع هرب من سوريا، وطلب اللجوء في مكان آخر!!
يقول إن السياسة الخارجية الإيرانية تعتمد أساساً على مصالح الأمن القومي الإيراني، وتمر في رسمها بعدة مؤسسات، ولكنها لا تأخذ شكل التنفيذ، إلا بعد موافقة "الإمام القائد"، وهذا يعني أن مركزية اتخاذ القرار في الدولة الإيرانية القائمة، كانت ولا تزال في يد المرشد!
يرى أن دول العالم العربي قاطبة، ليس فيها شخص لم يتأثر بخطاب الثورة الإسلامية الإيرانية! كما يقدم بعض الأفكار على أنها حقائق ثابتة، فيقول مثلاً: "عندما ينتهي النفط في المملكة العربية السعودية، فإن نفط العراق يمكن أن يستمر 50 إلى 70 عاماً، لذلك فإن العراق هو الأكثر غنى والأكثر أهمية في المنطقة"، لذا لا بدّ من البقاء فيه!!
أما في حرب لبنان في عام 2006 فيرى أن "حزب الله قد انتصر، والذي طلب وقف إطلاق النار بعد 30 يوماً من القتال هو إسرائيل، وليس حزب الله"، في الوقت الذي يعرف على نطاق واسع أن من طلب وقف إطلاق النار هو الدولة اللبنانية، وكان "حزب الله" جزءاً منها في وقتها، وكانت الحكومة برئاسة السيد فؤاد السنيورة.
الطابع الرسمي الاحتفالي للسياسة الخارجية الإيرانية مشحون بالأيديولوجيا الدينية، ويخاطب جمهوراً متعاطفاً، والكاتب كان على رأس الديبلوماسية الإيرانية في ذلك الوقت الذي صدر فيه الكتاب، فإذن هو وثيقة رسمية للدوائر السياسية الإيرانية.
السؤال، هل تتغيّر تلك الأفكار الرئيسية التي جاءت في كتاب السيد عبد اللهيان؟ والكتاب مليء بالقضايا التي تمسّ الوطن العربي، سواء في سوريا أو في مصر أو في جزيرة العرب، وينقل على لسان أشخاص كلاماً محرجاً لهم ولدولهم، إن صحّ قوله، لا أرغب في ترديده هنا.
بعد هذا الاشتباك الذي دام اثني عشر يوماً، ووقوف دول الخليج بشكل واضح ضد الاعتداء الإسرائيلي، السؤال المطروح: هل تغيّرت الأفكار الرئيسية في ذلك الكتاب، أم لا تزال الخطوط الرئيسية للسياسة الإيرانية هي المعتمدة؟
شخصياً أميل إلى أن التغيير، إن حدث، فهو طفيف، وما زالت قواعد اللعبة كما هي. ومن حسن الفطن أن يطلع متخذ القرار في الدول العربية، وفي الخليج بالذات، على هذه الوثيقة (الكتاب) لعله يكتشف النوايا التي تختفي وراء الحديث الناعم!
0 تعليق