نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القرار لنا - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025 04:58 صباحاً
بوابة الكويت - ماهر إبراهيم قمبرجي
تفاءل الناس بانتخاب الرئيس العماد جوزف عون ومن ثم بتسميته الرئيس القاضي نواف سلام وتشكيل حكومة من وزراء أكفاء بمجالات اختصاصاتهم والكل يشهد للجميع بنزاهتهم ابتداءً من رئيس الجمهورية مروراً برئيس الحكومة وصولاً إلى الوزراء.
أطل رئيس الجمهورية على اللبنانيين بخطاب قسم مفعم بالوعود التي ينتظرها كل اللبنانيين الشرفاء والحريصين على الوطن، كما أن البيان الوزاري أخذ من روحية خطاب القسم، وأدّى كل ذلك إلى بعض التفاؤل. وبدا هناك بصيص من الأمل لمستقبل لبنان الوطن، لسوء الحظ لم يدم هذا التفاؤل طويلاً إذ ابتدأ الواقع يغلب على آمال وتطلعات اللبنانيين.
انطلق الرئيس عون بزيارات مكوكية إلى الدول الشقيقة ليصحح المسار ويؤكد للإخوان رجوع لبنان إلى الحضن العربي، كما أن الرئيس سلام أعلن في عدة مناسبات ومحافل دولية وعربية التزام لبنان البيان الوزاري وحصرية السلاح بيد الدولة المركزية. كل هذه الجهود رافقها تعنت ومواربة من قبل فريق الممانعة الذي يحاول شراء الوقت على حساب لبنان واللبنانيين. كما أن العدو الإسرائيلي أكمل مجازره على القرى اللبنانية يومياً من دون رادع أو أي اهتمام للتفاهمات التي وقع عليها مع الدولة اللبنانية. كل هذه التناقضات فاقمت الشرخ وكبحت انطلاقة العهد. أضف إلى ذلك الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران والتدخل الأميركي وفرض وقف إطلاق نار هش بين الفريقين بدون توقيع حقيقي بل فقط شكلي بإرادة ترامبية.
ماذا يعني كل ذلك؟ الحقيقة أن الأمور معقدة وغير واضحة حتى الآن وإمكانيات عودة الحرب أكبر من عدمها للأسباب التالية:
لبنان المقاومة اختار أن يكون ساحة، ومع كل التنبيهات و زيارات الموفدين، فريق المقاومة في لبنان ما زال يلعب الورقة الإيرانية على حساب أهله وبيئته قبل مصلحة لبنان واللبنانيين. في الحقيقة كل استثمارات إيران في الحزب طيلة هذه السنين هي للتحضير لهذا الموقف موقف ربع الساعة الأخير من النزاع الإيراني الإسرائيلي. ما لم يستوعبه فريق المقاومة أن اللعبة هذه المرة تغيرت والموازين في المنطقة تغيرت والأهم أن دور المقاومة في لبنان سقط وحاجة المنطقة للمقاومة انتهت إذ إن اغلبية العالم العربي ماضية لتوقيع معاهدات سلام مع إسرائيل عن طريق اتفاقيات أبراهام.
كل الحروب عادة في التاريخ هي حروب لأسباب اقتصادية والحرب في منطقتنا هي لأسباب اقتصادية فالكل على علم بكميات الغاز والمعادن والثروات الطبيعية الموجودة في هذه المنطقة الممتدة من قبرص وسوريا ولبنان وغزة ومصر وإسرائيل، والعالم الغربي وعلى رأسه أميركا يريدون السيطرة على هذه الثروات تحت شعار أن هناك إيرادات تكفي الجميع نتقاسمها وكل دولة تحسن أمورها على شرط الخلاص من الحروب والتهديدات اليومية، فحاولوا بالاقناع وفشلوا فلجؤوا إلى القوة عن طريق بوليس المنطقة إسرائيل. وللتاريخ، هذه الحرب الأخيرة كرّست إلى أجل غير مسمّى أن إسرائيل هي بوليس وراعي المنطقة حتى إشعار آخر على غرار ما كان البعض يراهن على لعب دور لإيران وتركيا .
وظيفة الهلال الشيعي في المنطقة انتهت. التمدد الشيعي في المنطقة كان نتيجة تفاهمات دولية على رأسها بين الولايات المتحدة الأميركية إسرائيل وإيران والعالم الغربي على أثر عملية نيويورك في أيلول / سبتمبر 2001 آنذاك الـ"الله أكبر السنية" أخافت العالم وأرعبته فخلقوا الهلال الشيعي ظناً منهم أن ذلك سيحدّ من الخطر السني في العالم. وهكذا كان حتى استوعب الغرب أن السنة في العالم ليسوا أشراراً أو إرهابيين أو تكفيريين ولا يريدون تصدير ثورات أو إيديولوجيات، وأسهم في قلب هذه الصورة في العالم التوجه الذي التزمه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من تطورات في المملكة العربية السعودية و تحسين صورة الإسلام السني الحضاري، ومع هذا اكتشف الغرب أن السنة في العالم العربي على استعداد لملاقاة إسرائيل لسلام عادل للشعب الفلسطيني على أساس حل الدولتين والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين .
كل هذه التغيرات أسهمت بتغيير الرؤية في المنطقة والوصول إلى ترتيبات أخرى تضمن الأمن والرفاهية للجميع، من هنا سقط دور المقاومة .
طالما راهن فريق الممانعة في لبنان على الورقة الإيرانية التي خسرت الكثير من قدراتها وزخمها في المنطقة. لطالما دفع لبنان الثمن باهظاً فنحن على بعد أميال قليلة من أن يصبح لبنان دولة مارقة ينخرها الفساد وتبييض الأموال ومصارف مفلسة ووكر للهاربين من القانون في العالم من أثرياء وسياسيين ورجال أعمال ومصرفيين وتجار مخدرات وغيرهم، والمشكلة أن الكل in denial في حالة إنكار للحقيقة يختبئون وراء الحفلات الطنانة الرنانة والمطاعم التي تفتح وتغلق في عدة شهور وصور المطار بعجقة أهل البلد، وكما يقول المثل الشعبي "جحا وأهل بيته"... الحقيقة يا سادة في مكان آخر؛ الحقيقة أن الفساد والزبائنية مع الاصطفافات المحورية ذبحت لبنان وقضت عليه...
الحقيقة أن لا أحد يجرؤ على فتح الملفات الصعبة، الكل يريد أن يتشاطر على الواقع. هذه المرة ليست كما كل مرة؛ انتهت اللعبة Game Over ويجب أن يذهب الجميع إلى الآخر فإما لبنان وطن لجميع أبنائه تحت سقف الدستور والقانون والحاضنة العربية أو لبنان ساحة مارقة فاسدة خارجة عن القانون لتصفية الحسابات. حان الأوان لأن نتحمّل نتيجة أفعالنا. القرار لنا.
– المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
0 تعليق