نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان … لو كان إنساناً - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 01:30 مساءً
بوابة الكويت - ريمي حويك
لبنان يا قطعة سما، هكذا تغنّى به العشّاق، ردّدتها الأغاني كتعويذة حبّ، وعلّقها الحالمون في ذاكرة البلاد، فيا ليت المجاز يستطيع أن يُرمّم الكسر أو أن يحجب الشقوق خلف نغمةٍ شجية.
لكن، ماذا لو كانت السماء تُشبه لبنان فعلاً؟ وهل تحتمل السماء كلّ هذا التناقض؟
هل يليق بالنور أن يتقمّص ملامح وطنٍ يشيخ في ظلّ الموت ويحيا في قلوب أبنائه كفكرةٍ أزليّة؟
في الأغنية، لبنان هو الجبل والسهل، هو الأرزُ المنتصب كالصلاة، هو الموجُ حين يهدأ،
هو وجهُ الحبيبة وصوتُ الأمّ حين ينكسر، هو الضحكة التي تسبق البكاء وهو البكاء الذي يسبق كل شيء.
السماء، في الخيال، لا تعرف الجوع ولا المديونية، لا يُهاجر أبناؤها قسرًا،
ولا تُهدّد أرواحها على الحواجز. السماء لا تطلق النار على الحالمين، ولا تخنق الحقيقة في مهدها.
نحن نعلّق وجعنا على مشجب المجاز ونتوهّم أنّ الشعر يمكنه أن يُنقذ وطناً من احتضاره.
لو كان لبنان إنساناً، لكان شيخاً بكبرياء الأنبياء، وجهه محفور بالتاريخ،
وصدره ممتلئ بالحكايات عن أمجادٍ سُرقت، وخياناتٍ تكرّرت وأحلام تبدّدت.
هو الآن على سرير المرض، تُحيط به وجوه من لحمِه ودمِه، منهم من يريد أن يرثه، منهم من يطعن في وصيّته، ومنهم من يغنّي له، ومنهم من يبني نصباً تذكارياً، منهم من يضمّه، يقبّله، يبكي على صدره، وهو يحتضر.
لو كان لبنان إنساناً، لكان ممدّداً على فراش الحياة، ينتظر أعجوبة، عيناه نصف مفتوحتين، كمن لم يسلّم أمره بعد، صوته خافت، لا يطلب النجدة بل المغفرة، قلبه ينبض على مهل، يخشى أن يُعلن استسلامه. لكنّه، رغم كلّ شيء ما زال يتنفّس كأنّ في صدره رمقاً لا يريد أن يُطفأ، وكأنّ الأعجوبة، إن أتت، لن تكون من السماء بل من الذين ما زالوا يؤمنون به على الأرض.
0 تعليق