نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أفضل أداء لليورو منذ سنوات… فهل يستمر الزخم في النصف الثاني من 2025؟ - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 12:23 مساءً
بوابة الكويت - شهد زوج اليورو/الدولار الأميركي واحدة من أقوى فتراته منذ قرابة أربع سنوات، إذ تجاوز مستوى 1.1700 للمرة الأولى منذ عام 2021، مدعوماً بضعف واضح في أداء الدولار الأميركي، وتزايد الثقة بالاقتصاد الأوروبي نسبياً مقارنةً بنظيره الأميركي. ويعكس هذا الأداء تحوّلاً في ميزان القوى بين العملتين، وسط تغيّرات جوهرية في التوقعات المرتبطة بالسياسة النقدية لكل من البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
ضعف الدولار الأميركي كان عاملاً محورياً في دعم اليورو، إذ انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قوة العملة الأميركية في مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عام ونصف عام، واقترب في نهاية الأسبوع الماضي من مستوى 97.00. ويأتي هذا التراجع في ظل تصاعد التوقعات بقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ايلولسبتمبر، بل تزايد الرهانات على مزيد من الخفوضات خلال ما تبقى من العام، في ظل مؤشرات متزايدة على تباطؤ الاقتصاد.
رغم أن بيانات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة أظهرت ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي إلى 2.7% في أيارمايو، وهو مقياس مفضل للفيدرالي، إلا أن الأسواق رأت في هذا الارتفاع المحدود دليلاً على تباطؤ وتيرة التضخم وليس العكس، مما دفعها للتمسك بتوقعاتها التيسيرية. بالإضافة إلى استمرار الضغوط السياسية في واشنطن، وتزايد المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي، ما ساهم في تعزيز حالة عدم اليقين وأضعف شهية المستثمرين حيال الدولار.
إلى جانب ذلك، لعبت عوائد سندات الخزانة الأميركية دوراً بارزاً في حركة الدولار. فقد شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية، مع تراجع العائد على سندات العشر سنوات دون مستوى 4.25%، وهو ما يعكس توقعات السوق بانخفاض الفائدة الفيدرالية في الأجل القريب . انخفاض العوائد يضعف جاذبية الدولار بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن عائد أعلى، ويدفعهم إلى التوجه نحو عملات بديلة، وعلى رأسها اليورو، خصوصاً في ظل استقرار العوائد الأوروبية نسبياً. هذا التراجع في العائد الحقيقي بعد خصم التضخم, يجعل الدولار أقل جذباً كأصل استثماري، ويدعم العملة الموحدة في المقابل.
اليورو مقابل الدولار (وكالات)
على صعيد السياسة النقدية، يتزايد ترسخ الاعتقاد أن الفيدرالي سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أيلولسبتمبر، مع احتمالات خفض إضافي في كانون الأولديسمبر، في حال واصلت البيانات الاقتصادية الإشارة إلى تراجع في النمو والتضخم. في المقابل، لا تزال توقعات البنك المركزي الأوروبي أكثر تحفظاً؛ فبعد أول خفض للفائدة في حزيران/يونيو، أشار صناع القرار إلى أن أي خطوات تيسيرية إضافية ستكون مشروطة بوضوح بمسار البيانات الاقتصادية، خصوصاً في ما يتعلق بتراجع التضخم واستقرار النمو.
ورغم استمرار بعض التحديات الاقتصادية في منطقة اليورو، أبرزها ضعف مؤشرات الثقة وتراجع مؤشر المعنويات الاقتصادية إلى 94 في حزيران/يونيو، إلا أن الأسواق بدأت تلمس تحسناً تدريجياً في أداء القطاع الصناعي والخدمي في ألمانيا وفرنسا. ومع استمرار البنك المركزي الأوروبي في تبني نهج حذر ولكن مرناً، وعدم استعجاله في خفض الفائدة بشكل متتالٍ، فإن الفجوة بين السياسات النقدية الأوروبية والأميركية بدأت تصب في مصلحة العملة الموحدة.
وعلى صعيد البيانات الاقتصادية المنتظرة هذا الأسبوع، من المقرر صدور مؤشرات مهمة من جانبي المحيط الأطلسي. في منطقة اليورو، يترقب المستثمرون بيانات التضخم الألماني والإجمالي لمنطقة اليورو، والتي ستكون حاسمة لتقييم مدى جدية البنك المركزي الأوروبي في الحفاظ على معدلات الفائدة من دون تغيير لمدة أطول. أما في الولايات المتحدة، فتتجه الأنظار إلى بيانات سوق العمل، وفي مقدمها تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) الجمعة، إلى جانب مؤشرات ثقة المستهلك من جامعة ميشيغان، والتي قد تقدم إشارات إضافية حول الحالة النفسية للمستهلك الأميركي.
في المجمل، فإن المسار الحالي لزوج اليورو/الدولار يعكس تحوّلاً أساسياً في الديناميكيات الاقتصادية والنقدية بين الاقتصادين الأكبرين في العالم. استمرار ضعف الدولار، وتراجع عوائد السندات الأميركية، إلى جانب تحسن نسبي في مؤشرات اليورو، واختلاف وتيرة السياسات النقدية بين الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، قد تدفع الزوج نحو مستويات أعلى خلال الفترة المقبلة، ما لم تظهر مفاجآت جوهرية في البيانات الأميركية المنتظرة.
**كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.
0 تعليق