نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا يصعب قول لا؟ 6 عُقد نفسية وراء سلوك إرضاء الآخرين - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 12:23 مساءً
بوابة الكويت - هل تجد نفسك تقول "نعم" بينما تتمنّى لو قلت "لا"؟ هل تشعر بأنك تتحمّل فوق طاقتك خشية خذلان من حولك؟ إن كنت كذلك، فأنت لست وحدك.
كثيرون يعيشون في دائرة إرضاء الآخرين، مدفوعين برغبة دفينة في القبول وتجنب الرفض. لكن ما الذي يجعل هذا السلوك متجذّراً بهذا الشكل؟ وكيف يمكن التحرر منه دون أن نخسر علاقاتنا أو أنفسنا؟
الجذور: من الطفولة تبدأ الحكاية
بحسب المعالجة النفسية ماناهيل رياز، فإن السعي لإرضاء الآخرين لا يبدأ في مرحلة البلوغ، بل يعود إلى نمط تربوي في الطفولة، حيث قد يحصل الطفل على الحب أو المديح فقط عندما يلبي توقّعات المحيطين به. ومع مرور الوقت، يتجذّر لديه شعور غير واعٍ بأنه مسؤول عن سعادة الآخرين، ممّا يدفعه لإهمال احتياجاته الخاصة.
وترى ناتالي مور، معالجة في شؤون الزواج والأسرة، أن هذا السلوك يتحوّل لاحقاً إلى نمط متكرّر يصعب الخروج منه، حيث يضع الشخص مشاعر واحتياجات الآخرين فوق مشاعره الخاصة، حتى في أبسط المواقف، كرفض عمل إضافي أو الاعتذار عن مناسبة اجتماعية.
ويقول المعالجون إنه توجد مشكلات محدّدة غالباً ما يناقشها الأشخاص الساعون لإرضاء الآخرين خلال رحلتهم العلاجية. وفي ما يأتي هذه المشكلات وطرق التعامل معها بحسب "هاف بوست":
قد يحصل الطفل على الحب فقط عندما يلبي توقعات المحيطين به. ومع مرور الوقت، يتجذّر لديه شعور غير واعٍ بأنه مسؤول عن سعادة الآخرين
- صعوبة في وضع الحدود
تخيّل أنّك تفتح بابك دائماً من دون أن تسأل: "من الطارق؟". هكذا تماماً يشعر الأشخاص الذين يسعون لإرضاء الآخرين بلا حدود واضحة، ولا مفاتيح للخصوصية. المعالجة ميغان واتسون، مؤسِّسة ومديرة "بلووم سيكولوجي أند ولنس" في تورونتو، تقول إن موضوع الحدود الشخصية هو أحد أكثر المواضيع التي تُطرح في جلسات العلاج مع هؤلاء الأشخاص.
عندما يبدأ أحدهم بإدراك أنه يُقدّم الجميع على نفسه العائلة، الأصدقاء، الزملاء، تظهر مشاعر الإحباط، وأحياناً الغضب. الغضب من النفس، لأنهم لا يعرفون كيف يقولون: "كفى". ولكن كيف تعرف أن الوقت قد حان لوضع حدود؟
راقب إشارات جسمك ومشاعرك. كل مرة تشعر فيها بالضيق أو الانزعاج، اسأل نفسك: "هل تجاوز أحدهم خطاً ما؟ وهل كنت أنا واضحاً بخصوص ذلك الخط؟". مثلاً: إذا علّقت زوجة أبيك على وزنك، وشعرت بالاختناق أو الغضب فقد لا يكون الحلّ في مجادلتها، بل في رسم حدّ بسيط: "لا أحبّ الحديث عن جسدي. من فضلك، لنفتح موضوعاً آخر".

تعبيرية (واشنطن بوست)
- الشعور بالذنب
قد تبدو كلمة "لا" بسيطة، لكنها بالنسبة لمن يسعى لإرضاء الآخرين، تُشبه زر الطوارئ الذي يطلق صفّارات الذنب في كل مكان. أكثر ما يمنع هؤلاء من وضع حدود صحيّة هو الخوف من العواقب العاطفية، وأبرزها الشعور بالذنب؛ ذاك الإحساس الثقيل بأنك خذلت أحدهم أو كنت قاسياً فقط لأنك اعتذرت عن دعوة أو رفضت طلباً لا يناسبك.
المعالجة مور تشرح السبب: "من الأساسيات في سلوك إرضاء الآخرين هو الاعتقاد الخاطئ بأنك مسؤول عن مشاعر الآخرين وإدارتها." يعني إذا رفضت حضور عيد ميلاد صديقك وشعر بالانزعاج، فجأة تشعر أنك أنت المسؤول عن خيبته وحزنه كأنك ارتكبت جريمة، لا أنك فقط قلت: "لا أقدر اليوم".
وتقول مور بوضوح: "إذا كنت تحاول تحمّل مسؤولية مشاعر الآخرين طوال الوقت فأنت تحاول الهرب فقط من الشعور بالذنب."
-الصراع مع النزاع والانزعاج
إذا كنت من الذين يسعون دائماً لإرضاء من حولهم، فمجرد فكرة الدخول في نقاش حادّ أو قول "أنا ما بوافق" قد تبدو لك مثل السير وسط حقل ألغام. تخشى أن تُغضب أحداً، أو أن تُفهم خطأ، أو ببساطة... أن تُزعج السلام العام. لكن أيّ سلام؟ تسأل المعالجة رياز: "حين نحافظ على سلام الآخرين، هل نفعل ذلك على حساب سلامنا الشخصي؟" الإجابة على الأغلب: نعم.
وتوضح واتسون بأن كثيراً من عملائها الذين يسعون لإرضاء الآخرين يعانون عند مواجهة أبسط المواقف اليومية مثل قول رأي مخالف في اجتماع، أو التحدث مع زميل يتجاوز حدوده. هؤلاء الأشخاص لا يعرفون، في أغلب الأحيان، كيف يعبّرون عن رأيهم أو انزعاجهم إلا بالشعور بالذنب، وكأن التعبير عن الذات يعادل الوقاحة!
وهنا يأتي دور مهارة الحزم أي أن تقول "أنا أنزعجت من هذا التصرف" من دون أن تهاجم، ومن دون أن تبتلع مشاعرك.
رأي
فاطمة عباني
اليد الخضراء: ما بين الطاقة والمقصّ!
ما هي أحاديث صالونات التجميل يا ترى؟
- الشعور بالوحدة
قد يبدو التحرّر من سلوك إرضاء الجميع أمراً رائعاً حتى تدرك أنك أصبحت وحيداً. فجأة، الهاتف لا يرنّ كما كان، الرسائل تقلّ، والدعوات تختفي. ليس لأنك أصبحت شخصاً سيئاً، بل لأنك توقّفت عن أن تكون متاحاً دائماً لخدمة الجميع".
تشرح رياز هذه اللحظة قائلة: "إذا اعتاد أحدهم أن توافق دائماً على خططه، وتردّ على مكالماته فوراً، فقد ينزعج حين يكتشف أنك لم تعد تفعل ذلك."
البعض يشعر بالحزن على تلك العلاقات المفقودة، حتى وإن كانت سطحية أو من طرف واحد؛ وهذا طبيعي. وما يجيء لاحقاً؟ علاقات تشبهك أكثر.
- التغلّب على الشعور بالاستياء
إذا كنت من الأشخاص الذين لا يعرفون قول "لا"، فمن الطبيعي أن يتسلّل إليك الاستياء عندما لا يُقابل عطاؤك بنفس الكرم. تخيّل هذا المشهد: كل عام، تُخطّط بحماس لحفل عيد ميلاد صديقك، البالونات، الكعكة، وحتى الموسيقى المفضّلة لديه... ثم يأتي يوم ميلادك، فلا يردّ حتى على رسالتك. هل تشعر بالضيق؟ طبعاً. هل تستحق ذلك؟ قطعاً لا.
تقول مور إن كثيراً من عملائها يقعون في هذا الفخ: يعطون كثيراً في علاقاتهم، ثم يتألّمون عندما لا تُردّ لهم المعاملة بالمثل. وهنا تأتي القاعدة الذهبية: عدّل توقعاتك وفقاً لسلوك الناس، لا وفقاً لما تتمنّاه منهم. إذا لم يسبق لصديقك أن حضّر حفلة لعيد ميلادك، فلماذا تتوقّع منه ذلك هذا العام؟ إذا لم يقدّم لك هدية يوماً، فلماذا تستمرّ في شراء الهدايا له؟
الحلّ؟ لا يعني أن تصبح قاسياً أو أنانياً، بل أن تكون واقعياً. ضع حدوداً واضحة، ووازن بين ما تعطيه وما تتوقعه، وتذكّر أن المعاملة بالمثل ليست رفاهية بل احترام متبادل.
- صعوبة تحديد احتياجاتهم الخاصة
غريب كيف يمكن لشخص أن يكون خبيراً في تلبية احتياجات الآخرين، لكنه يقف حائراً حين يُسأل: "ماذا تريد أنت؟"
كثير من الذين يسعون لإرضاء الناس يكتشفون، في جلسات العلاج أو لحظات الصدق مع الذات، أنهم لا يمتلكون "بوصلة داخلية" واضحة تساعدهم على معرفة احتياجاتهم الفعلية. لقد اعتادوا التركيز على مشاعر الآخرين، لدرجة أنهم نسوا أن يسألوا أنفسهم: "كيف أشعر؟ ماذا أحتاج؟ ما الذي يسعدني أنا؟".
وللخروج من هذا التيه، تنصح واتسون بـ أولوية العناية الذاتية الواقعية. ليس المقصود أن تحجز جلسة تدليك كل أسبوع، بل أن تُخصّص وقتاً منتظماً للأنشطة التي تُغذّيك من الداخل. وحين تبدأ بفهم ما تقدّره فعلًا، ستندهش من سهولة اتخاذ القرارات التي تنسجم معك لا مع ما يريده الآخرون منك.
ليس كل إرضاء للناس خطأ
تؤكد واتسون أن سلوك إرضاء الناس ليس سلبياً دائماً، بل يمكن أن يكون تعبيراً صحياً عن القيم والعلاقات. "بناء المجتمع يتطلّب التنازل والتفاوض والعطاء، ولكن من دون التضحية بالنفس. لا يجب أن يكون الأمر إما كل شيء أو لا شيء. التوازن ضروري."
في عالم يمجّد العطاء والتفاني، تذكّر أن الاهتمام بالذات ليس أنانية. قول "لا" أحياناً هو أصدق تعبير عن احترامك لنفسك، وعن رغبتك في بناء علاقات صحية تقوم على التوازن والوضوح، لا على الخوف والذنب.
0 تعليق