إيران: محاولة للفهم! - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيران: محاولة للفهم! - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 04:37 صباحاً

بوابة الكويت - الساحة النقاشية العربية والعالمية مليئة بوجهات النظر المختلفة، وربما المتعارضة في الموضوع الذي شغل العالم ولا يزال، وهو الاشتباك الإسرائيلي - الإيراني المسلح.

الكثير من العواطف والمشاعر ركبت تلك التحليلات، لذلك فإن المتوافر منها والمقنع للعقل قليل، فقد تخندق الجميع كل في سرديته.

هنا، محاولة الابتعاد عن المشاعر والعواطف، والمواقف المسبقة، من أجل تقديم صورة قد تكون أقرب ما أمكن إلى الواقع، رغم أن هذا الواقع ما نعرف عنه قليل وما نجهله ليس بالقليل.

أريد أن أقدم هذه الأفكار في مجموعة من نقاط عشر مترابطة هي الآتية:

أولاً: القيادات في إيران ليست على رأي واحد في الاقتراب من ملفات بناء الدولة الحديثة، هي تعيش في الفضاء الجغرافي نفسه، ولكن في أزمنة مختلفة؛ بعضها في الزمن الحديث، وبعضها في الزمن التاريخي القديم. لذلك نجد أن مرحلة محمد خاتمي مثلاً تختلف عن مرحلة أحمدي نجاد، فتمر إيران بتموجات على الأقل في القضايا الدولية، من مكان إلى آخر .

 

حرب إسرائيل على إيران أخيراً جعلت من الطيف السياسي الإيراني يتجمع في الغالب في الزمن التاريخي القديم، والحديث عن الانتصارات الكبرى التي حققتها الإمبراطورية الفارسية؛ فنحن أيضاً أمام موضوع تاريخي سياسي ليس من السهل تفكيك مفاصله أو وضعه أمام أشعة كاشفة، لأن الأزمات الكبرى تعيد الشعوب إلى الماضي.

ثانياً: هناك خلط ربما تلقائي أو متعمد بين المذهب الشيعي الإثني عشري، وبين السياسة الإيرانية، لذلك يعتقد البعض أن انتقاد التوجه السياسي الإيراني انتقاد للمذهب الشيعي. وللعقلاء، الإثنان مختلفان تماماً، وإنّ تساندهما بسبب سياسي في هذه المرحلة التاريخية.

ثالثاً: صرفت إيران حسب مصادر متقاطعة وربما مؤكدة بين 2011 و 2023 ما يقارب من 30 بليون دولار من أجل مساندة ما عرف بشكل واسع بـ"الأذرع الإيرانية" أو بالمعنى الاستراتيجي الخنادق الأمامية، تحت شعار أننا نحارب خارج أرضنا حتى لا نحارب على أرضنا. اشتباك الـ12 يوماً فضح فساد هذا التوجه على أرض الواقع من جانبين: الجانب الأول أن الاشتباك أصبح على الأرض الإيرانية، والجانب الثاني أن تلك الأذرع أو الخنادق الأمامية، لم تستطع أن تساعد إيران في معركتها مع إسرائيل.

رابعاً: الخنادق الأمامية أو الأذرع الإيرانية في عدد من البلدان العربية كان شعارها الذي يسوق للجمهور أنها من أجل تحرير فلسطين، سواء كانت في غزة أو في لبنان أو في سوريا سابقاً أو في العراق أو في اليمن. ومرت الصراعات المتعددة، دون أن تحرر ولو كيلومتر واحد من فلسطين التاريخية. معنى ذلك للعقلاء أيضاً أن تلك الخنادق الأمامية ومن صنعها يعرف أنها لا تستطيع أن تفعل ذلك، ولكن فعلها سلبي في نسيجها الاجتماعي وفي دولها كان ضاراً للغاية؛ فقد قسمت المجتمع، وأسقطت الدولة، وأفقرت الناس وزرعت الشكوك بين المكونات المختلفة في تلك الدول، عدا الأرواح التي زهقت ومعظمها من العرب.

خامساً: هنا نصل إلى بيت القصيد أو مركز الثقل، أي ما يمكن أن يعرف بالوصاية التي تفرضها القوة الثورية الإيرانية على الآخرين. هذه الوصاية مستمدة من أفكار لم تعد قادرة على فهم الواقع أو مواجهة المشكلات الحالية، وما دامت تلك الوصاية موجودة في أذهان القيادة السياسية الإيرانية، فإن الارتياب فيها سوف يبقى قائماً من جوارها، لأن عدداً كبيراً من الدول العربية والمجتمعات العربية لا تقبل تلك الوصاية مع اعترافها بحرية الإيرانيين باتخاذ ما يرونه من أنظمة سياسية في بلادهم.

سادساً: امتلاك القدرة العسكرية النووية، وهنا تتعمق المشكلة. فهناك دول مثل باكستان والهند وكوريا الشمالية امتلكت القدرة النووية العسكرية، لماذا إذن تمنع إيران من ذلك؟ المؤكد أن تلك الدول ليس لها مشروع وصاية على ما حولها، لذلك فإن امتلاكها لتلك القوة قد يكون محتملاً من المجتمع الدولي أو من جوارها، أما إيران التي تقول بالوصاية على الآخرين، وتثبت ذلك في دستورها، فإن هذه الوصاية هي التي تقلق المجتمع المحيط بإيران، والمجتمع الدولي، لهذا السبب هناك مقاومة ظاهرة أو باطنة لأن تمتلك إيران سلاحاً نووياً عسكرياً.

سابعاً: على المستوى الدولي، هناك تأييد ولو مبطن من روسيا الاتحادية لدفع إيران للمواجهة من خلال التهديد بالنووي، أو من توسيع الوصاية. سبب روسيا الاتحادية للدفع بذلك أنها تريد توريط الولايات المتحدة في مستنقع حرب إقليمية، كما هي متورطة في حرب إقليمية أخرى في أوكرانيا، وبالتالي تنشغل الولايات المتحدة عن الملفات الأخرى في أوروبا، لذلك كان من الحصافة أن لا تتورط الولايات المتحدة بشكل مباشر وطويل في الحرب بين إسرائيل وبين إيران، وهذا ما حدث.

ثامناً: فكرة الوصاية بتفرعاتها المختلفة تحتاج من الدولة الإيرانية إلى إعادة النظر وبجدية كاملة في نتائجها لأنها تكلف إيران تكاليف باهظة، ومردودها تقريباً صفري، كما حدث في سوريا أو في بعض المناطق التي لإيران فيها أياد تمويلية أو تدريبية. لقد ثبت أن تلك القوى غير قادرة على المساعدة وأيضاً غير قادرة على تحقيق ما تعلنه من تحرير فلسطين.

تاسعاً: تحدث كثيرون عن قوة الموساد في الداخل الإيراني، وقليل لمح إلى أن ذلك ليس في المطلق كما يبدو، ربما للموساد بعض الأيادي في الداخل الإيراني، ولكن المعلومات الكثيفة التي سربت إلى أعداء إيران هي في بعضها من قوى إيرانية داخلية، ضاقت ذرعاً بتجربة أكثر من 40 عاماً للنظام الإيراني الحالي، وعلينا أن لا نتجاوز هذه النقطة، والحديث فقط عن الموساد الخارجي. هناك تيار داخلي لا يراد أن يُعترف به ولكنه موجود، وهو الذي سرب كثيراً من المعلومات إلى الآخرين، خاصة إذا ذكرنا أن هناك كتابات وتصريحات من رجال في النظام أيضاً، أن ما يصرف على الأذرع الإيرانية هو هباء، والأفضل أن تصرف هذه الأموال الطائلة على التنمية في إيران، وهذا رأي موجود  ويكتب أيضاً في الصحف الإيرانية.

عاشراً: هناك فشل واضح في إدارة الاقتصاد والدولة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ثمة بطالة مرتفعة وفقر متزايد، وتراجع في سعر العملة عدا عدم رضى واسع لدى طوائف مختلفة من الشعوب الإيرانية وخاصة الشباب، التي ترى أن تبني إيران الخط الاستراتيجي والعقيدة السياسية المعتمدة لم توصلها لما توقعت أن تصل إليه.

باختصار إذا لم تتغير العقيدة الإيرانية من  "الوصاية" إلى التعاون كدولة، فإننا سنبقى في الأزمة، وإن تغير شكلها.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق