نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المشروبات الكحولية "المسمومة"... فاجعة تصدم الأردنيين مع تزايد الوفيات والإصابات - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 08:25 مساءً
بوابة الكويت - ينشغل الأردنيون بحوادث الوفيات والإصابات الناتجة عن التسمم جراء تناول مشروبات كحولية ملوثة بمادة الكحول الميثيلي (الميثانول)، حيث شهدت الوفيات والإصابات منذ يومين تصاعداً وصل اليوم الاثنين إلى 9 وفيات و27 إصابة موزعين على العاصمة عمان ومحافظتي البلقاء والزرقاء، في حين وصفت حالات المصابين بين المتوسطة والسيئة.
بالتزامن مع ذلك، تستنفر الأجهزة الرسمية المعنية، لا سيما مديرية الأمن العام والمؤسسة العامة للغذاء والدواء، حيث تم إغلاق مصنع ثبت تورطه بالقضية واعتقال القائمين عليه، بالإضافة إلى سحب وإتلاف كميات كبيرة من المشروبات الكحولية، بينما تواصل وزارة الصحة رفع درجة الاستعداد في أقسام الطوارئ والإسعاف بمستشفيات المملكة لمواجهة أي حالات جديدة.
وفي أحدث بيانات مديرية الأمن العام اليوم، قال الناطق الإعلامي باسم المديرية إن "التحقيقات في حوادث الوفيات والإصابات أثبتت تورط أحد المصانع بالقضية، وتم ضبط القائمين والعاملين بالمصنع، من بينهم الموظف المختص بتركيب الخلطات والذي قام بطلب تلك المادة من أحد الأشخاص وزوّده بها وتم استخدامها بتصنيع المشروبات الكحولية".
وأضاف الناطق الإعلامي أنّ "الشخص الذي قام بتزويد المصنع بكميات من تلك المادة أكّد قيامه بشرائها من أحد المستودعات والذي جرت مداهمته والتحفظ على المواد كافّة بداخله".
مبنى مديرية الأمن العام في الأردن (أرشيفية)
و"الميثانول" مادة صناعية شديدة السمية غير المخصصة للاستهلاك البشري، وُستخدم كمذيب للطلاء والدهان ومدعّم للوقود، وعند تناولها تتحول في الكبد إلى مواد سامة تُعطّل إنتاج الطاقة بالخلايا، وتستهدف الخلايا العصبية في الدماغ وشبكية العين، وتتسبب بارتفاع حموضة الدم التي تؤدي إلى غثيان واستفراغ مستمر، وتسارع النّفس، وضبابية الرؤية قد تصل للعمى، وصداع شديد وهذيان، وفشل متعدّد للأعضاء الحيوية.
وتشهد منصات التواصل الاجتماعي في الأردن سجالاً حاداً بين "أصوات شامتة" بالوفيات والإصابات على قاعدة أن تناول المشروبات الكحولية محرم في الدين الإسلامي، وبين أصوات تعتبر أن تلك "الشماتة" تعد سلوكاً غير أخلاقي ولا ترفضه جميع الأديان، في حين تتعالى أيضاً الأصوات التي تدعو إلى عدم زج الدين في القضية، بل التركيز على كيفية ضمان عدم تكرار مثل هذا الأمر.
ووفق ما يقول لـ"النهار" المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير والكاتب الصحفي طلال غنيمات، فإن "الرأي العام الأردني لا يملك إلا أن يطرح سؤالاً يلامس الضمير، وهو: أين كانت الدولة حين تسلّل كحول الميثانول القاتل إلى السوق؟"، مضيفاً في الوقت ذاته أنه "سؤال لا يكتفي بتقليب أوراق اللوم المباشر، وإنما يغوص عميقاً في بنية المسؤولية الأخلاقية لمؤسسات وُجدت أصلًا لحماية الحياة قبل الحسابات والأرباح".
وتحدث غنيمات عن أن "مسؤولية وزارة الصناعة والتجارة تتسع أخلاقياً ووظيفياً لتشمل بناء منظومة رقابية حقيقية تتابع سلسلة الاستيراد والتصنيع والتوزيع بصرامة لا تتيح للسموم موطئ قدم، حتى وإن جرى ترويجها عبر قنوات غير مشروعة لكنها متوقعة في واقع يعرف الجميع خباياه، فالسوق الموازي صار واقعًا راسخًا يفرض استعدادًا يقظًا لا يكتفي بردّ الفعل".
أما المؤسسة العامة للغذاء والدواء، فيرى أن "مسؤوليتها الأخلاقية تتجاوز حدود اللوائح والتصاريح المكتوبة، لتتجلى في الرقابة الاستباقية المتواصلة من جانب، وفي إخضاع المنتجات لتحاليل مختبرية دورية من جانب آخر، الأمر الذي سيُغلِق الباب أمام الغش التجاري الذي طالما وجد ضالته في أي تراخٍ أو ثغرة، إذ أثبتت الوقائع أنّ مجرد سنّ القوانين لا يكفي ما لم تُرافقه يقظة دائمة وروح مسؤولية تسبق الكارثة لا أن تلحقها".
ومن وجهة نظر غنيمات، فإن "السؤال الأكثر إيلاماً، والذي لا مفر من مواجهته هو: أما كان بالإمكان إنقاذ هذه الأرواح لو اتسمت الرقابة بقدر أكبر من الصرامة والجاهزية؟"، مشيراً إلى أن "قيمة حياة الإنسان تظل في النهاية هي المعيار الأخلاقي الأسمى الذي تُقاس به كفاءة الدولة ومصداقيتها في عيون شعبها".
أما الناشط منذر صالح فيرى من جهته أن "حجم الشماتة بالوفيات والإصابات عبر منصات التواصل يعد مؤشراً خطيراً على وجود عقول متطرفة لا تقيم وزناً للمعاني السامية في الدين والقيم والأخلاق".
وأضاف صالح لـ"النهار" أن "الوفيات قتلوا مرة بسبب تلوث المشروبات الروحية بمادة سامة، ومرة أخرى على منصات التواصل الاجتماعي"، داعياً بهذا الخصوص إلى "مراعاة حرمة الموت ومشاعر ذوي الموتى، وتقديم خطاب يصب باتجاه ضمان عدم تكرار مثل هذه الفاجعة بدلاً من الانشغال بجزئيات تضر ولا تنفع".
0 تعليق