لا قرار أميركياً وعربياً بتلزيم لبنان للشرع - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لا قرار أميركياً وعربياً بتلزيم لبنان للشرع - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 06:18 مساءً

بوابة الكويت - عماد جودية

تخصّص الإدارة الأميركية في موازنتها المركزية سنوياً حوالي ملياري دولار لنشر معلومات مضللة على المسرح الدولي حيث تُصرف عبر أجهزة وزارة الخارجية والبنتاغون والـCIA ووزارتي الخزانة والصحة وتنشر إعلامياً انطلاقاً من مؤسساتها داخل أميركا ومنها إلى دول العالم قاطبة إما عبر شخصيات مؤثرة وفاعلة سياسياً واجتاعياً وفكرياً أو من خلال وسائل إعلامية موالية أو صديقة أو مأجورة.

 

ومنذ وصول أحمد الشرع إلى السلطة في دمشق خرجت في لبنان أصوات سياسية وإعلامية لتتحدّث عن وجود قرار أميركي بتلزيمه لبنان وإعادة الوصاية السورية عليه. بعضهم يقول من أجل تأديب أبناء الطائفة الشيعية فيه إن لم يسلّموا سلاحهم للدولة اللبنانية. والبعض الآخر يقول من أجل نصرة أهل السنّة فيه لأن الشرع أصبح زعيمهم. والبعض الثالث يقول من أجل إراحة العالم العربي من مشاكل لبنان وأزماته وقلاقله. والواقع أن كل هذا الكلام يدخل في إطار المعلومات المضللة وغير الصحيحة التي وصلت إلى هؤلاء وتبنّوها عن غير قصد طبعاً بهدف التسابق على من يملك المعلومة قبل الآخر .

أولاً: لم تبنِ الإدارة الأميركية في لبنان ثاني أكبر سفارة لها في العالم حتى تحيط نفسها بوصاية سورية متطرّفة على لبنان  إذ يمكن لهذه الوصاية أن تتحول بين ليلة وضحاها إلى عامل مفجّر لحرب أهلية داخل البلد وحول سفارتها، أو قد تتحول إلى قوة معادية للسفارة ولعملها داخل لبنان وفي المنطقة، خاصة أن الكلام عن رفع جبهة النصرة عن قائمة التصنيف الإرهابي ممكن أن يعود في أي لحظة عند أي خلاف قد يستجد بين الشرع ونظامه والإدارة الأميركية.

 

ثانياً: لمجرد القول إن المطلوب وصاية الشرع ونظامه الإخواني على لبنان تحت عنوان تأديب الشيعة من أبنائه فهذا يعني تحوّل هذه الوصاية إلى عدوّة لكل الشعب اللبناني قبل أن تطأ أرض لبنان، لأن من يريد تأديب الشيعة سيعمد أيضاً بطريقه إلى تأديب الدروز والمسيحيين والعلويين والأكراد والأرمن اللبنانيين معهم.

 

ثالثاً: مجرد القول إن المطلوب وصاية الشرع ونظامه على لبنان من أجل نصرة أهل السنّة فيه، يعني تحوّل هذه الوصاية كذلك إلى معاداة ثلاثة أرباع المكوّنات اللبنانية، لأن سنّة لبنان لا يقبلون بوصاية سورية إخوانية متطرّفة عليهم، ولا الدول العربية بدورها تقبل بمثل هذا الوصاية على سنة لبنان أيضاً.

 

رابعاً: أما القول إن الدول العربية وتحديداً الخليجية منها تريد تلزيم لبنان لسوريا الشرع من أجل إراحة نفسها من قرف طبقته السياسية ومشاكلها وأزماتها المذهبية والطائفية والسياسية والاقتصادية والمالية التي تسبّبها، فهو كلام بعيد عن المنطق ولا يمتّ إلى الواقع والحقيقة بصلة ولا علاقة له من قريب ولا من بعيد بالمعلومات الدقيقة والصحيحة، إذ كيف للدول العربية وخاصة الدول الخليجية ومعها مصر والأردن أن يسمحوا لنظام إخواني متطرّف بأن يدخل لبنان ويفرض وصايته عليه، وهم يعرفون تماماً أن من يسيطر على لبنان وعاصمته بيروت يصبح هو الرقم الصعب داخل العالم العربي والقوّة المؤثرة سياسياً على الساحة الإقليمية في المنطقة.

 

هذا بالطبع ما لا تقبل أن تعطيه لا السعودية ولا الإمارات ولا مصر والأردن للشرع ولنظامه المتطرّف حتى لو رفعت عنه العقوبات الأميركية صورياً. فجمال عبد الناصر لم يبنِ زعامته العربية الكبيرة لا من القاهرة ولا من قناة السويس بل بناها من قصر كمال جنبلاط في المختارة وقصر صائب سلام في المصيطبة وصفحات جريدة سعيد فريحة "الأنوار" في الحازمية. وياسر عرفات صار زعيم العالم العربي وفرض سطوته وهيبته وشروطه على قادته عندما كان مكتبه في منطقة الطريق الجديدة ببيروت. وكان قادة دول ووزراء خارجية عرب وغربيون وشرقيون عندما يزورون بيروت يلتقونه قبل أن يلتقوا سليمان فرنجية وإلياس سركيس في قصر بعبدا أو رئيس الحكومة اللبنانية في السرايا. وحافظ الأسد ما كان ليصبح اللاعب الإقليمي المؤثر الأول في المنطقة لو لم يدخل قواته إلى لبنان ويفرض وصايته العسكرية والسياسية عليه. وإيران خامنئي لم تصبح كذلك دولة إقليمية مؤثرة في المنطقة بسبب مفاعلاتها النووية أو صواريخها البالستية أو نفطها بل لأنها سيطرت على شيعة لبنان وأصبحت هي مرجعية غالبيتهم السياسية والدينية ما أتاح تأمين مقعد لها على الطاولة الدولية لأن نصر الله وضع رجلي خامنئي على شواطئ صور، ومن يكُنْ له مطلّ على البحر الأبيض المتوسط يصبح له وزن في اللعبة الدولية.

 

وانطلاقاً ممّا تقدّم لا يوجد قرار أميركي ولا خليجي مصري أردني بتلزيم  لبنان إلى سوريا الإخوانية لفرض وصاية جديدة عليه؛ لأنه لمجرد السماح للشرع بالتحكم بالساحة اللبنانية يتحوّل إلى عبد الناصر آخر أو عرفات جديد أو نسخة منقحة عن حافظ الأسد. ولكي لا يصبح كل هؤلاء الثلاثة معاً، فهذا الأمر من المحرمات.  

 

- المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.                                                                                                                          

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق