بوابة الكويت - في قلب الصحراء الممتدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، تنهض مصر بخطى واثقة نحو مستقبل نووي سلمي، مدعومةً برؤية استراتيجية وشراكة دولية مع واحدة من أكبر قلاع الطاقة النووية في العالم، وليست مجرد مبانٍ خرسانية تُبنى، بل معاهد للتفوق ومصانع لإنتاج العقول التي ستحمل شعلة الطاقة النظيفة لأجيال قادمة. 

مجمع تدريبي عملاق يضع مصر على خريطة الطاقة النووية العالمية

من هنا، ومن الضبعة تحديدًا، تبدأ قصة مختلفة من التمكين والمعرفة، حيث يتلاقى العلم بالإرادة، ويتحول المشروع النووي إلى أكاديمية متكاملة تزرع الأمل في تربة التحديات.

محطة الضبعة النووية المصرية 

في مشهد يعكس حجم التقدم المصري في ملف الطاقة النووية، افتتحت مصر وروسيا مجمعًا تدريبيًا ضخمًا داخل موقع محطة الضبعة النووية، يهدف إلى إعداد وتأهيل كوادر المشروع على أعلى مستوى. 

الافتتاح جاء خلال زيارة ميدانية قادها الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، برفقة أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة روساتوم الروسية، وبدعم من كبار المسؤولين المصريين وعلى رأسهم وزيرة التخطيط الدكتورة رانيا المشاط، ورئيس هيئة المحطات النووية الدكتور شريف حلمي.

المجمع الجديد، الذي يمتد على مساحة تتجاوز خمسة آلاف متر مربع، يمثل نقلة نوعية في التدريب الفني النووي، إذ يحتوي على ورش إنتاج متطورة، ونماذج محاكاة طبق الأصل لمعدات التشغيل، وقاعات ذكية للتعليم الإلكتروني. 

تخريج كوادر مصرية ذات كفاءة عالية قادرة على تشغيل وإدارة المفاعلات

كما تم تصميم بيئته التشغيلية بما يتماشى مع أعلى المعايير الروسية والمصرية، ليخدم هدفًا استراتيجيًا يتمثل في تخريج كوادر مصرية ذات كفاءة عالية قادرة على تشغيل وإدارة المفاعلات الأربع في الضبعة.

ويُعد هذا المجمع أول منشأة تدريبية من نوعها ضمن مشروع الضبعة، إذ يُنتظر أن يُخرج ما يقارب 20 ألف فني ومهندس خلال مراحل المشروع، يشمل ذلك مجالات التركيب والبناء والتشغيل، كما سيكون مركزًا رئيسيًا لتقييم واختبار الكفاءات الفنية قبل التحاقها بالعمل في قلب المفاعل النووي.

وأكد وزير الكهرباء أن محطة الضبعة لا تقتصر على كونها محطة توليد طاقة، بل تمثل مشروعًا وطنيًا شاملًا لتوطين التكنولوجيا وبناء قاعدة بشرية مؤهلة تمتلك مفاتيح المستقبل، من جهته، أشار ليخاتشوف إلى أن تدريب الأفراد هو الأساس لنجاح أي محطة نووية، مشيدًا بالالتزام المصري في تنفيذ المشروع.

أما من ناحية التقدم في تنفيذ المفاعل، فقد اطلع الوفد على مراحل العمل في الوحدات الأربع، حيث تجري حاليًا أعمال متقدمة في البناء والتسليح وتركيب المكونات النووية، وسط مشاركة فاعلة من أكثر من 24 ألف عامل، غالبيتهم من المصريين، ما يعكس حجم الاعتماد المحلي في تنفيذ هذا الإنجاز.

كما لم تقتصر الزيارة على الجانب الفني فقط، بل شملت جولة في مرافق المعيشة والخدمات المخصصة للعاملين، مثل المجمع التجاري، مركز الطفولة، العيادة، والنوادي الرياضية، ما يعكس اهتمام الدولة بتوفير بيئة متكاملة ومستدامة للعاملين في هذا المشروع الطموح.