نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عاصفة مالية عالمية تقترب: وول ستريت تهتز واليورو يتراجع والبيتكوين يتألّق - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 12:57 مساءً
بوابة الكويت - تدخل الأسواق المالية العالمية أسبوعًا بالغ الأهمية وسط تداخل معقّد بين العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. ففي أعقاب أسبوع حافل بالتقلّبات، يترقّب المستثمرون تطورات حاسمة تشمل نتائج أرباح البنوك الأميركية الكبرى، وبيانات تضخم مفصلية في الولايات المتحدة، وتصعيداً جديداً في السياسات التجارية بقيادة الرئيس دونالد ترامب. بالتوازي، تسلّط الأسواق الضوء على إشارات التباطؤ من الصين، ومؤشرات الضعف المتزايد في منطقة اليورو، مما يجعل هذا الأسبوع محورياً في رسم ملامح النصف الثاني من العام المالي 2025.
تقلّبات وول ستريت: من التفاؤل إلى الحذر
شهدت أسواق الأسهم الأميركية أسبوعاً حافلاً بالتقلبات، إذ بدأت المؤشرات تعاملاتها على ارتفاع، مدعومة بتفاؤل المستثمرين في موسم أرباح الربع الثاني، خصوصاً من قطاع البنوك والشركات الكبرى في التكنولوجيا، في ظلّ توقعات بتحقيق نتائج إيجابية رغم البيئة النقدية المتشدّدة. التفاؤل في بداية الأسبوع ارتكز إلى ثبات عوائد السندات وغياب إشارات مباشرة من البنك الفيديرالي حول رفع جديد للفائدة، مما أعطى دفعة لأسهم النمو المرتبطة بالقطاع التكنولوجي.
لكن المزاج العام في الأسواق تبدّل بشكل حادّ مع اقتراب نهاية الأسبوع، بعد إعلان الرئيس ترامب نيّته فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على واردات الاتحاد الأوروبي والمكسيك، بدءاً من الأول من آب/أغسطس، ضمن سياسة توسّعية جديدة تستهدف إعادة التوازن التجاري لمصلحة الولايات المتحدة. هذا الإعلان فاجأ المستثمرين، بخاصة في ظل بوادر تهدئة سابقة، مما أعاد المخاوف من حرب تجارية شاملة إلى الواجهة.
القطاعات الأكثر تأثرًا بالخسائر
وقد تركّزت الضغوط البيعية على أسهم الشركات الصناعية والمُصدّرة، مثل Boeing وCaterpillar، إلى جانب شركات السيارات والطاقة التي يُتوقع أن تتأثر مباشرة بالتكاليف الإضافية الناجمة عن الرسوم. كذلك تأثرت الأسهم المالية بسبب مخاوف من تراجع النشاط التجاري والائتماني، بينما حاولت قطاعات الدفاع والصحة أن تؤدّي دور الملاذ الدفاعيّ، لكنها لم تكن كافية لوقف موجة التراجع الجماعيّ.
وقد أنهت مؤشرات الأسهم الثلاثة الرئيسية, داو جونز وS&P 500 وناسداك، الأسبوع، على تراجعات متفاوتة، رغم تسجيل بعضها قمماً تاريخية خلال منتصف الأسبوع، مما يعكس عدم استقرار الثقة لدى المستثمرين. ورافق هذا التذبذب ارتفاعٌ في مستويات التقلب (VIX)، مما يشير إلى أن الأسواق تسعّر مرحلة من الغموض في السياسة الاقتصادية الأميركية، سواء في ما يتعلق بالتجارة أم بتوجهات الفيديرالي بشأن أسعار الفائدة.
هذه الديناميكية تعكس حالة الحذر الشديد التي باتت تسيطر على سلوك المستثمرين، إذ أصبحت الأسواق أكثر حساسية تجاه التطورات السياسية والاقتصادية المفاجئة، وأقلّ قدرة على الحفاظ على اتجاه صاعد مستقرّ من دون وضوح في المسار النقدي والتجاري خلال النصف الثاني من العام.

صورة تعبيرية (وكالات)
اليورو تحت الضغط
شهد اليورو أداءً باهتاً ومتراجعاً إزاء الدولار الأميركي خلال الأسبوع الماضي، منهياً تعاملاته دون مستوى الـ 1.1700، في ظل مزيج من العوامل السلبية التي أثقلت العملة الأوروبية. أبرز هذه العوامل كان تصاعد التوترات التجارية بعد إعلان الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي بدءًا من 1 آب. هذا التصعيد المفاجئ أعاد إلى الواجهة مخاوف الأسواق من انكماش النشاط التجاري بين ضفتي الأطلسي، مما ضغط بشدة على اليورو.
بالإضافة إلى ذلك، استفاد الدولار الأميركي من وضعه كملاذ آمن نسبياً في ظل اضطراب الأسواق، مع دعم ببيانات اقتصادية أميركية متماسكة، وبتراجع توقعات خفض أسعار الفائدة الفيديرالية على المدى القريب. أما تصريحات البنك المركزي الأوروبي فبقيت حذرة، من دون إشارة واضحة إلى اتجاه تشديد السياسة النقدية، مما عزز من الفجوة بين الفيديرالي والمركزي الأوروبي لمصلحة الدولار.
رأي
ميشال صليبي
كيف استفادت الأسواق من تمديد قانون ترامب الضريبي وما أبرز القطاعات الرابحة؟
مثّل هذا القانون عندما أُطلق للمرة الأولى في كانون الأول/ديسمبر 2017، تحوّلا جذريا في السياسة الضريبية الأميركية، إذ خفّض الضرائب المفروضة على الشركات من 35% إلى 21%، وقدم إعفاءات ضريبية موقتة للأفراد، إلى جانب حوافز ضخمة للاستثمار المحلي وإعادة الأرباح المحتجزة في الخارج.
البيتكوين يتجاوز الـ 122,000 دولار
في سوق العملات الرقمية، شهد البيتكوين موجة صعود قوية خلال الأيام الماضية فتجاوز سعره حاجز الـ122,000 دولار بداية هذا الأسبوع، مسجّلًا بذلك أعلى مستوى له على الإطلاق. وجاء هذا الأداء مدفوعاً بتزايد الثقة المؤسسية في العملة الرقمية، ولا سيما مع استمرار التدفقات القوية نحو صناديق البيتكوين الفوري. هذه التدفقات تعكس ثقة متزايدة من المؤسسات المالية في أن العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، أصبحت جزءاً من النظام المالي العالمي، خصوصاً في ظل توجهات الرئيس الأميركي التي يُنظر إليها على أنها داعمة بشدة لهذا القطاع.
ومن بين العوامل الرئيسية التي عززت هذا الصعود، إعلان إدارة ترامب إنشاء ما يُعرف بـ«الاحتياطي الاستراتيجي للبيتكوين»، وهو ما اعتُبر تحولاً سياسياً لافتاً باتجاه اعتبار البيتكوين أصلاً استراتيجياً لا مجرد أداة مضاربة. وقد وصف ترامب نفسه بأنه "رئيس البيتكوين"، في رسالة مباشرة إلى الناخبين الشباب والمستثمرين الرقميين، مؤكّداً التزامه دعم القطاع عبر تشريعات وتنظيمات محفّزة. هذه التوجهات فتحت الباب أمام صناديق ETF موسّعة تعمل ضمن فئة "Crypto Blue Chip"، مما يعني أن كبار اللاعبين في السوق باتوا يرون في البيتكوين أصلاً أساسياً يجب وجوده في المحافظ الاستثمارية الكبرى.
عوائد السندات الأميركية ترتفع مجدداً
من جانب آخر، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بشكل طفيف خلال الأسبوع الماضي، إذ وصل العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى نحو 4.40%، وهو أعلى مستوى له في أكثر من ثلاثة أسابيع. هذا الارتفاع يعكس حالة من الترقب والقلق في الأسواق، في ظل تضارب الرهانات حول مسار السياسة النقدية للفيديرالي في النصف الثاني من العام. فبينما تشير بعض التقديرات إلى إمكان خفض أسعار الفائدة في أيلول/سبتمبر أو تشرين الثاني/نوفمبر، تتزايد أصوات في داخل الاحتياطي الفيديرالي تنادي بالحذر والتروي، ولا سيما في ظل استمرار الضغوط التضخميّة فوق المستهدف البالغ 2%.
ماذا نتوقع هذا الأسبوع؟
يترقب المستثمرون أسبوعاً مزدحماً وحاسماً على أكثر من صعيد، يجمع ما بين موسم أرباح البنوك الكبرى في الولايات المتحدة وصدور بيانات تضخم أميركية مرتقبة وتطورات مشتعلة على صعيد السياسة التجارية، بالإضافة إلى مؤشرات اقتصادية من الصين ومنطقة اليورو قد تعيد رسم خريطة توقعات الأسواق للربع الثالث من 2025.
نتائج أرباح البنوك الأميركية: اختبار الثقة في الاقتصاد المالي
ابتداءً من اليوم، تبدأ البنوك الأميركية الكبرى مثل JPMorgan، Citigroup، Wells Fargo، Goldman Sachs، Morgan Stanley وBank of America نشر نتائجها المالية للربع الثاني. التقديرات الأولية تشير إلى نمو في الأرباح بنحو 11% على أساس سنوي، مع إجمالي عائدات يتجاوز الـ 26 مليار دولار مدعوماً بارتفاع نشاط التداول، بخاصة بعد التقلبات التي سببتها سياسة الرسوم الجمركية الجديدة التي أطلقها ترامب.
لكن ما يهم الأسواق بشكل أكبر ليس فقط الأرقام، بل تعليقات الإدارة التنفيذية لهذه البنوك حول التوقعات المستقبلية والتوسع في الإقراض التجاري وجودة الأصول ومستويات السيولة. كذلك، ستراقب الأسواق ردود الفعل على اختبارات الضغط الصادرة أخيراً عن الفيديرالي، بخاصة في ظلّ ارتفاع معدلات الفائدة وتأثيرها على الهوامش الربحية ونشاط الاقتراض.
بيانات التضخم الأميركية: الفيصل في قرارات الفيديرالي
تعدّ بيانات مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) لشهر حزيران/يونيو نقطة التحول الأهم في الأسبوع، وسط انقسام واضح بين أعضاء مجلس الاحتياطي الفيديرالي. بعض الأعضاء، مثل لوريتا ميستر وجيمس بولارد، عبّروا عن استعدادهم لخفض الفائدة إذا ظهرت إشارات واضحة إلى تراجع الضغوط التضخمية، في حين تمسّك آخرون، مثل نيل كاشكاري وجيروم باول نفسه، بموقف متحفظ يطالب بقراءات تضخم أكثر استقراراً قبل التحرك.
أي مفاجأة سلبية أو صعود غير متوقع في أرقام التضخم قد يعيد الأسواق إلى مربع الخوف من بقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مما سينعكس فوراً على عوائد السندات والدولار الأميركي وأسواق الأسهم.
بيانات من الصين: إشارات تباطؤ جديدة تحت المراقبة
إلى ذلك، يُنتظر صدور مجموعة من المؤشرات من الصين، بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني ومبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي. هذه البيانات تأتي وسط تصاعد القلق من تباطؤ اقتصادي أعمق مما كان متوقعاً، بخاصة بعد أن أظهرت البيانات السابقة تراجعاً في وتيرة الاستثمار، وضعفاً في الطلب الاستهلاكي المحلي.
أي قراءة دون التوقعات قد تؤثر بشكل مباشر على شهية المخاطرة عالمياً، نظراً إلى الدور المحوري للصين في سلاسل الإمداد والنمو العالمي، كما قد تضغط على أسعار السلع مثل النفط والمعادن. في المقابل، قد تفتح بيانات ضعيفة الباب أمام المزيد من التيسير النقدي من قبل بنك الشعب الصيني، مما يعيد التوازن جزئياً إلى الأسواق الآسيوية.
مؤشرات منطقة اليورو: الاقتصاد يواجه رياحاً معاكسة
منطقة اليورو ستشهد صدور بيانات رئيسية مثل مؤشر ZEW للثقة الاقتصادية ومؤشرات أسعار المنتجين، إلى جانب أرقام الناتج الصناعي في ألمانيا وفرنسا. تأتي هذه البيانات في وقت حساس، إذ بدأت التوقعات تشير إلى تباطؤ أوسع، بخاصة في ظل ضعف الطلب المحلي وتباطؤ الصادرات.
الاتجاه الضعيف لمؤشرات مديري المشتريات خلال حزيران دفع العديد من المحللين إلى التساؤل عما إذا كان البنك المركزي الأوروبي سيضطر إلى تعديل توقعاته بشأن وتيرة خفض الفائدة، خصوصاً في حال استمرار الضغط على اليورو مقابل الدولار.
(*) كبير محلّلي الأسواق المالية في FxPro، محاضر جامعي في لبنان وفرنسا.
0 تعليق