نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الطاقة المتجددة في الخليج تدخل مرحلة التشغيل بالخوارزميات - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 08:13 صباحاً
بوابة الكويت - *جاك جندو
في دول مثل الإمارات، حيث تتقاطع استراتيجيات الطاقة مع التحول الرقمي، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية، بل أصبح جزءاً أساسياً من البنية التشغيلية. من واقع عملي المباشر مع فرق "طاقة"، يمكنني القول بثقة: التحول لم يعد رقمياً فقط، بل أصبح تحوّلاً في طريقة التفكير وصنع القرار داخل قطاع الطاقة.
من البيانات إلى القرار: كيف تُدار التوربينات بذكاء؟
مزارع الرياح الحديثة لا تُدار ببرمجيات تقليدية. اليوم، يتم دمج التوربينات مع أنظمة ذكاء اصطناعي تحلل تدفقات البيانات القادمة من المستشعرات – من اهتزازات وحرارة وضغط الهواء إلى سرعة الرياح. هذه البيانات تُحوّل إلى مؤشرات أداء لحظية تمكّن من الصيانة التنبؤية، ما يقلل التوقفات الطارئة بنسبة تصل إلى 30%، وفق تقارير "مصدر" بعد شراكتها مع Presight AI.
في "طاقة"، لا يُستخدم الذكاء الاصطناعي فقط لصيانة الأصول، بل لتحسين توزيع الكهرباء، توقّع الأعطال، وإدارة المياه بكفاءة. النموذج الذي نراه أمامنا واضح: كفاءة أعلى، تكاليف أقل، واستقرار تشغيلي يعتمد على مؤشرات فعلية وليس افتراضات.
حماية البيئة: تقنية في الميدان لا في الشعارات
أحد أبرز الأمثلة على التكامل بين التقنية والاستدامة نراه في مشروع "ظُرافشان" التابع لـ "مصدر"، حيث طُبّق نظام IdentiFlight، وهو نظام ذكاء اصطناعي يراقب الطيور الجارحة ويوقف التوربينات مؤقتاً عند مرورها، لتجنّب الاصطدام. النتيجة؟ انخفاض بنسبة 85% في وفيات الطيور. هذا ليس إجراءً رمزياً، بل تطبيق عملي لمسؤولية بيئية تعتمد على تقنيات متقدمة – نموذج يستحق التعميم في كافة مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة.
العقلية أولاً... ثم التقنية
التحدي الحقيقي في دمج الذكاء الاصطناعي بقطاع الطاقة لا يكمن في التقنية ذاتها، بل في إعادة تصميم العقلية التشغيلية. أين تُوضع الخوارزميات؟ كيف تُربط بالقرارات؟ من يديرها؟ الفرق لا يظهر في النظام، بل في اليوميات: عندما تتحول البيانات إلى قرارات فعّالة، عندها فقط نكون قد بدأنا التحول الحقيقي.
من الطاقة إلى السيادة الرقمية
هذا التحول لا يُقرأ فقط من منظور تقني أو تشغيلي. من واقع بحثي في صعود الأمم الرقمية، أرى أن ما يحدث في مزارع الرياح بالخليج – وخصوصاً في الإمارات – هو مختبر عملي لما ستكون عليه القطاعات الحيوية في الدول الذكية. حين تتحول الطاقة إلى منصة تحليل لحظي وصناعة قرار مستقل، فنحن لا نحسّن الكفاءة فقط، بل نعيد تعريف السيادة. من يملك الخوارزميات، يملك القرار... ومن يدير القرار، يدير الدولة.
ماذا بعد؟
الخطط الطموحة لدول الخليج في توسيع نطاق الطاقة المتجددة – مثل هدف الإمارات للوصول إلى 100 جيغاواط – تتطلب ما هو أكثر من بنية تحتية ضخمة. المطلوب بنية تشغيلية ذكية، قائمة على الذكاء الاصطناعي كأداة تخطيط وتحليل، لا كأداة صيانة فقط.
إذا كانت دول المنطقة تطمح للحفاظ على موقعها القيادي في قطاع الطاقة، فالمعادلة باتت واضحة: التوسع في الإنتاج لا بد أن يُقابله توسع في التحليل واتخاذ القرار الذكي.
* خبير في التحول الرقمي، والرئيس التنفيذي لشركة Brain Digits
0 تعليق