نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منع "المزود" والراب" في مهرجانات تونسية: وصاية على الذوق العام وطمس للهويّة - بوابة الكويت, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 09:59 صباحاً
بوابة الكويت - فيما لم تصدر وزارة الثقافة بياناً رسمياً يُعلن منع حفلات "الراب" و"المزود" من المهرجانات الصيفية، تؤكد تصريحات متطابقة أن أشهر فنّين شعبيين في تونس سيغيبان هذا العام عن عدد من هذه التظاهرات الصيفية من بينها مهرجان سوسة الدولي ومهرجان قرطاج الدولي.
وأعلن مهرجان سوسة الدولي عدم برمجة أيّ عرض "راب" أو "مزود" خلال الدورة الحالية.
في المقابل قال عدد من الفنانين الشعبيين إنهم تقدموا بطلبات لإقامة حفلات بمهرجان قرطاج الدولي، أشهر مهرجانات تونس وأعرقها، لكنهم لم يتلقوا أيّ ردّ.
استياء وغضب
وأثار الإعلان عن منع عروض "المزود" و"الراب" من عدد من مهرجانات تونس جدلاً واسعاً في الأوساط الفنية وحتى الشعبية، وفيما اعتبر البعض القرار إقصاءً لأنماط فنّية لها مكانتها، استحضر البعض ذكريات فترة حكم الرئيس الحبيب بورقيبة الذي كان يمنع بث عروض الفن الشعبي في الإعلام الرسمي.
وفي مقطع فيديو طويل على حسابه على "فيسبوك" ظهر الفنان الشعبي وليد الصالحي معبّراً عن استيائه ممّا اعتبره "إقصاءً للفن الشعبي من المهرجانات التونسية"، مدافعاً عن هذا الفن الذي أكد أنه "يختزل ذاكرة تونس الفنية".
مخاوف على الأمن والذوق العام
وبرّر مدير مهرجان سوسة الدولي معز كريفة في تصريحات إعلامية القرار، موضحاً أنه يأتي "تجنّباً لحصول حوادث شغب مثلما حصل العام الماضي في عروض لفناني "راب" في بعض المهرجانات التونسية وارتقاءً بالذوق العام".
والعام الماضي شهدت مهرجانات تونسية على هامش عروض لفناني "راب" عراكاً بالأيدي بين الجماهير استدعت تدخل الشرطة واستعمال الغاز المسيل للدموع.
ويسود اعتقاد بأن جمهور "الراب" عادة "مشاغب وغير منضبط".
ويُنظر إلى الراب والمزود في تونس نظرة دونية رغم أنهما الأكثر شعبية، وذلك بسبب نوعية الكلمات التي يتغنيان بها.
طمس للهويّة
نقيب الفنانين التونسيين ماهر الهمامي استنكر قرار منع عروض "الراب" و"المزود" من مهرجاني قرطاج وسوسة وطالب سلطة الإشراف بتوضيح رسمي تنفي فيه علاقتها بهذا القرار.
الهمامي قال لـ"النهار" إنّ قرار منع عروض "الراب" و"المزود" يُعدّ بمثابة عملية طمس للهويّة الفنية التونسية، وأكّد أنّ "الفن الشعبي والراب ليسا مجرّد تعبير عن الواقع، بل هما وجه من أوجه الهوية الثقافية التونسية".
الأوسع شعبية
وفي تونس، يتمتع "الراب" و"المزود" بشعبية واسعة مسّت جميع الشرائح الاجتماعية والعمرية وخصوصاً فئة الشباب.
ومنذ أحداث 2011، بات "الراب" من الأنماط الموسيقية الأكثر انتشاراً متغلباً على باقي الأنماط التقليدية، ما أجبر العديد من الفنانين الكبار في تونس على التعاون مع مغنين يقدمون هذا اللون أملاً في الاستفادة من شهرتهم.
وتجاوزت شهرة "الراب" حدود تونس ليحقق عدد من نجومه شعبيةً كبيرةً على المستوى العربي وحتى العالمي، ما منحهم الحق في الصعود على أشهر مهرجانات تونس ومن بينها مهرجان قرطاج الدولي الذي كان سابقاً لا يصعد على مسرحه سوى كبار النجوم العرب والعالميين.
فنّ المهمّشين
أمّا "المزود" فهو أشهر فنون تونس الشعبية وأقدمها ويُلقبه البعض بـ"مهجة الشعب التونسي".
وقصّة منع "المزود" في تونس قديمة وتعود إلى فترة حكم الرئيس بورقيبة الذي كان يقال إنه لم يكن يستسيغ هذا اللون الموسيقي ويعتبر أنه "يمسّ الذائقة العامة".
وظهرت آلة "المزود" في تونس مطلع القرن العشرين، وتطرقت أغانيها إلى مواضيع جريئة تتناول أوضاع المجتمع والهجرة والسياسة، ما جعلها تصطدم مع الذوق المحافظ للسلطة آنذاك وشريحة واسعة من العائلات التونسية.
وحظرت السلطات لفترة طويلة إقامة حفلات "المزود" في الفضاءات الرسمية، ومنعت بثه على وسائل الإعلام الرسمية.
فنون هابطة
وارتبط المزود تاريخياً بالطبقات الشعبية والمهمّشة، وكان حضوره يقتصر على الأعراس والمناسبات الاجتماعية داخل الأحياء الفقيرة، وعُدّ نمطاً موسيقياً "غير لائق"، ورُسمت له صورة سلبية بسبب كلماته "البذيئة" وحفلاته الصاخبة وما يصحبها من استهلاك للخمر ومشاجرات بين الحضور.
كذلك رُبط "المزود" بالمجرمين و"الباندية" (الفتوات) حتّى إن أشهر أغانيه خرجت من عمق السجون، لذلك كان يُسمّى "نشيد السجون".
لكن بفضل جهود فنانين شعبيين بارزين مثل الهادي حبوبة بدأ المزود يكتسب شرعيةً تدريجية، وفي التسعينيات نُظم أول عرض ضخم جمع أشهر مغني "المزود" في تونس على مسرح قرطاج وبثه التلفزيون الرسمي، ما شكّل حينها أول اعتراف من السلطة بهذا النمط الشعبي.
0 تعليق