نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المغتربون اللبنانيون بين شوق العودة و"حق المشاركة" - بوابة الكويت, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 06:13 مساءً
بوابة الكويت - غابي لطيف
رغم اشتداد الأزمات السياسية والأمنية في لبنان، يبقى حنين الاغتراب أقوى من كل الحواجز. لا مسافة، ولا حرب، ولا أزمة تمنع اللبنانيين من التطلع إلى الوطن، وكأن الحبل السري الذي يربطهم بأرضهم لا ينقطع مهما طالت الغيبة أو تبدلت الظروف.
فما إن توقفت الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران، حتى وجدت نفسي أتصل بطيران الشرق الأوسط بعد 48 ساعة فقط، أبحث عن مقعد في أولى الرحلات إلى بيروت. كانت المفاجأة أن كل المقاعد قد حُجزت. آلاف الاتصالات من مختلف أنحاء العالم ترد إلى مكتب الشركة في مطار شارل ديغول، فيما كانت الرحلات محصورة بشركة الطيران اللبنانية، التي لم تتخلَّ يوماً عن ربط لبنان بأبنائه، رغم كل التحديات.
وبعد محاولات عديدة، حصلت "معجزة" تأكيد الحجز. وجدت نفسي على أعتاب مغامرة جديدة من مغامرات العودة التي اعتدتها منذ عقود.
في المطار، بدا المشهد مألوفا: عائلات لبنانية، شباب، أطفال، وضجيج يعكس قلقاً مشتركاً بسبب تأخر الرحلة. عاد ذاك القلق اللبناني المزمن: هل أُلغيت الرحلة؟ هل هناك طارئ جديد؟ لكن الإعلان عن الإقلاع أعاد الطمأنينة إلى القلوب، وارتسمت علامات الارتياح على الوجوه.
في الباص المؤدّي إلى الطائرة، بدأ التواصل الصامت بين العيون قبل أن تُكسر الحواجز بالكلمات. لبنانيّ آتٍ من الولايات المتحدة منذ 16 ساعة، قال بابتسامة: "لبنان لا يشبه أي بلد... تفاصيله تسكننا". تحدّث عن ضرورة وجود مشروع وطني يجمع المغتربين ويوفر لهم تمثيلاً حقيقياً يعيد التوازن المفقود في المعادلة السياسية.
لبناني آخر عائد من فرنسا لأداء صلاة الأربعين عن روح والده، تحدث بثقة عن مستقبل لبنان. رغم الحزن، كان متفائلا بقدرة بلاده على النهوض، وخصوصا أنه يعمل في مجال التكنولوجيا مع شركاء في الداخل اللبناني.
قبل الصعود إلى الطائرة، التفت اللبنانيّ - الاميركيّ قائلاً: "أنا طبيب متخصص، إذا احتجتم إلى شيء فلا تترددوا". تحولت هذه اللحظات العابرة إلى مساحة للتلاقي وتبادل الأمل. واتفق الجميع على أن دور المغترب يجب ألا يقتصر على التحويلات وزيارات الصيف، بل يتعداه إلى دور سياسي فعّال ومشاركة في صنع القرار.
لقد خضنا تجربة التصويت في انتخابات 2022 بفخر، عندما شعرنا للمرة الأولى بأننا نؤثر ونشارك في تقرير مصير وطننا. انتخاب 128 نائبا من داخل لبنان وخارجه هو حق طبيعي.
من مطار رفيق الحريري الدولي (وكالات)
المغتربون ليسوا فقط عابري صيف، بل هم فرصة مهدورة لدولة لا تزال تبحث عن ذاتها. ومشاركتهم في الحياة البرلمانية واجب وطني لالتقاء جناحي الوطن المقيم والمغترب.
ها نحن في الطائرة، متّجهون إلى لبنان. تختلف دوافع السفر، لكن ما يوحّدنا هو ذلك الانتماء العميق إلى وطن لا يفارقنا، مهما باعدت بيننا المسافات. أما في لبنان، فالجدل لا يزال محتدما، والانقسامات تتفاقم حول قانون اقتراع المغتربين، وسط محاولات البعض تفصيله بما يتناسب ومصالحه الانتخابية، لا بما يخدم المصلحة الوطنية الشاملة.
غير أن الواقع يفرض طرح السؤال: أما آن الأوان لإعادة بناء الجسور بين المقيمين والمغتربين من خلال إقرار قانون عصري يسمح لهم بالتصويت المباشر في دوائرهم الانتخابية للمشاركة في انتخاب ممثليهم في البرلمان، أسوة بما هو معمول به في غالبية الدول الديموقراطية؟
إن استمرار تهميش صوت الاغتراب لا يؤدي فقط إلى إقصاء فئة واسعة من اللبنانيين، بل يهدد بفقدان أحد أعمدة التوازن الوطني. فمشاركة الاغتراب ليست خيارا سياسيا، بل ضرورة وطنية تعزز الشراكة بين الداخل والخارج، وتفتح الباب أمام مساهمة فعالة في صنع القرار السياسي والاقتصادي، ورسم ملامح لبنان الجديد !
0 تعليق