الاقتصاد الرقمي وصعود صناعة الألعاب: محرّك نمو عالمي جديد - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاقتصاد الرقمي وصعود صناعة الألعاب: محرّك نمو عالمي جديد - بوابة الكويت, اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 06:25 صباحاً

بوابة الكويت - في قلب الاقتصاد الرقمي العالمي المتسارع، تبرز صناعة الألعاب الإلكترونية أحد أسرع القطاعات نموًا وأكثرها ربحية، بعدما تحولت من مجرد وسيلة للترفيه إلى منظومة صناعية ضخمة تمزج بين التكنولوجيا، والإبداع، والابتكار. هذه الصناعة لم تعد هامشية، بل أصبحت ركيزة حيوية تساهم في الناتج المحلي الإجمالي لعدد متزايد من الدول، وتوفر ملايين فرص العمل، وتُشكّل عنصرًا أساسيًا في ثقافة الأجيال الرقمية الجديدة.

 

هذا التحوّل الجذري مدعوم بأرقام مذهلة تعكس مدى اتساع سوق الألعاب الإلكترونية. ووفق تقرير شركة Newzoo لعام 2024، بلغ حجم إيرادات هذا القطاع نحو 184 مليار دولار، مع توقعات بتجاوز 200 مليار دولار بحلول عام 2026. أما عدد اللاعبين النشطين عالميًا، فقد تخطّى 3.3 مليارات شخص، أي ما يقارب نصف سكان الكوكب، في مؤشر على التوسع الأفقي والعمودي لهذه الصناعة، خصوصاً في الأسواق الناشئة مثل الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

يتوزع هذا النمو على منصات متعددة، بحيث تستحوذ ألعاب الهواتف المحمولة على الحصة الأكبر بعائدات تفوق 90 مليار دولار، تليها ألعاب الحاسوب التي تحقق نحو 40 مليار دولار، ثم ألعاب الكونسول مثل PlayStation وXbox بإيرادات تقترب من 52 مليار دولار. ويُظهر هذا التوزيع تحوّل نموذج الألعاب من التجربة الفردية إلى تجربة رقمية شاملة، تعتمد على الاتصال الدائم، والسحابة، والذكاء الاصطناعي، وتخاطب جمهورًا عالميًا متعدد الاهتمام.

 

في هذا السياق، يؤكد خبير التحول الرقمي رودي شوشاني في حديث الى "النهار" أن هذا النمو طبيعي في ظل العصر الرقمي الذي نعيشه، موضحًا أن "من الطبيعي أن يشهد هذا القطاع نموًا سنويًا يراوح بين 10% و15% حتى من دون تدخل مباشر، لأن كل عام يشهد دخول أطفال جدد إلى المجتمع، يكبرون تدريجًا وينخرطون في عالم الألعاب. ومع تقدمهم في العمر، تتبلور تفضيلاتهم ويزداد الطلب على أنواع محددة من الألعاب والمحتوى".

ويضيف: "هذا النمو يرتبط أيضًا بتوسّع الوصول إلى الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية، مما سهّل دخول شرائح واسعة من المستخدمين إلى هذا العالم. كما أن مفهوم اللعب الجماعي والأبعاد الاجتماعية التي توفرها ألعاب مثل PUBG وFortnite ساعدت في خلق مجتمعات رقمية نشطة باتت تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل سلوك الأفراد، وخصوصًا فئة الشباب.".

 

ويتابع شوشاني: "منصات البث مثل Twitch وYouTube Gaming ساهمت أيضًا في تعزيز فرص النمو، عبر توسيع الوصول إلى الألعاب وتوفير محتوى متنوع يلبّي مختلف الاهتمامات. لم تعد السوق تعتمد على نوع واحد من الألعاب، بل أصبحت أكثر تنوعًا من حيث التصاميم ونماذج التسعير. كما أن جائحة كوفيد-19 كانت محفزًا إضافيًا لهذا التوسع، إذ زاد الإقبال على جميع أشكال الترفيه الرقمي، وكانت الألعاب الإلكترونية من أبرز المستفيدين".

وتقود هذا النمو شركات تكنولوجية عملاقة مثل Tencent الصينية، التي تُعد الأكبر من حيث الإيرادات بفضل استثماراتها في شركات رائدة مثل Riot Games وEpic Games، إضافة إلى هيمنتها على أكثر من نصف سوق الألعاب في الصين. أما Sony اليابانية، فتعزز مكانتها عبر منصة PlayStation وسلسلة ألعابها الحصرية، محققة أرباحًا سنوية تفوق 28 مليار دولار، مع اهتمام كبير بتقنيات الواقع الافتراضي. وتبرز أيضًا Microsoft كلاعب محوري بعد استحواذها على Activision Blizzard بقيمة 68.7 مليار دولار، واستثمارها المتزايد في الألعاب السحابية عبر Xbox وخدمة Game Pass.

 

ويرى شوشاني أن "النمو الاقتصادي في هذا القطاع لا يقتصر على حجم الإيرادات فحسب، بل يشمل أيضًا نموذج الأعمال نفسه. فقد بات بالإمكان تحقيق دخل فعلي من الألعاب عبر منصات مثل Twitch، أو من خلال الرعايات، أو بالمشاركة في بطولات عالمية. وحتى الألعاب التي تعتمد نموذج 'ادفع لتلعب' أصبحت مصدرًا ثابتًا للعائدات. وفي العام الماضي فقط، بلغت إيرادات الألعاب الإلكترونية حوالى 200 مليار دولار، وهو رقم يعكس نضج هذا القطاع واستقلاله كصناعة قائمة في ذاتها".

 

ويضيف: "هذا النمو أدى أيضًا إلى خلق وظائف جديدة كليًا في مجالات تطوير الألعاب، التصميم، التسويق، وصناعة المحتوى، وهو ما يعكس عمق التحوّل الذي أحدثته الألعاب في سوق العمل. كما أن البطولات العالمية، التي تبلغ جوائز بعضها ملايين الدولارات، ساهمت في ترسيخ مكانة هذا القطاع، خصوصاً في العالم العربي حيث تشهد السعودية والإمارات استثمارات ضخمة ودعمًا مؤسسيًا واضحًا".

صورة تعبيرية (وكالات)

ويؤكد شوشاني أن الحكومات لم تقف موقف المتفرج، بل أصبحت لاعبًا فاعلًا في هذا المجال، ويقول: "العديد من الحكومات أدركت أن قطاع الألعاب ليس مجرد مجال ترفيهي، بل هو فرصة اقتصادية وتنموية. السعودية على سبيل المثال، أطلقت عبر شركة 'ساڤي للألعاب' استثمارات بأكثر من 38 مليار دولار لدعم هذا القطاع محليًا وعالميًا. كذلك، تحظى الشركات المطوّرة في كوريا الجنوبية واليابان بدعم حكومي مباشر، بينما يمول الاتحاد الأوروبي الألعاب الثقافية والتعليمية، وتعمل الإمارات على تنظيم فعاليات دولية لجذب المواهب والشركات".

وبات من الواضح أن صناعة الألعاب الإلكترونية تجاوزت حدود الترفيه، لتصبح قوة اقتصادية وثقافية تُعيد تشكيل ملامح الاقتصاد العالمي، مدفوعة بالتكنولوجيا والابتكار والتفاعل الاجتماعي. هذا القطاع الذي يجمع بين الفن والربح والتقنية أصبح حجر الأساس في الثقافة الرقمية الحديثة، وساحة تنافسية تجمع بين الحكومات والشركات واللاعبين.

 

ويشير إلى أن هذا التطور أنتج بدوره طلبًا متزايدًا على أجهزة الحاسوب المتقدمة، والتعليم المتخصص، وأثّر على صناعة الإعلان التي أصبحت تواكب هذه المجتمعات الرقمية الشابة، ما يبرهن على التأثير العميق للألعاب الإلكترونية على مختلف جوانب الاقتصاد الرقمي العالمي.

ويختم قائلًا: "نمو الاقتصاد الرقمي تأثّر بشكل مباشر بازدهار قطاع الألعاب، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الرقمية السائدة. وإذا تأملنا في صناعات إبداعية كالموسيقى والسينما، فنرى أنها بدأت تتأثر بأساليب هذه الصناعة وتقنياتها، سواء على صعيد الرسوميات أو التجربة التفاعلية. وهذا يؤكد أن الألعاب الإلكترونية لم تعد هواية جانبية، بل باتت قوة ثقافية واقتصادية تُساهم في رسم ملامح المستقبل".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق