الغرب وإيران.. مواجهة مؤجلة أم صدام نووي وشيك؟ - بوابة الكويت

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الغرب وإيران.. مواجهة مؤجلة أم صدام نووي وشيك؟ - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 10:07 صباحاً

بوابة الكويت - في ظل حالة الاحتقان الإقليمي وتضارب المصالح الدولية، تبدو المواجهة بين إيران والغرب أقرب إلى التأجيل منها إلى التسوية، إذ تزداد المؤشرات على أن التهدئة الحالية لا تعبّر عن اتفاق مستقر بقدر ما تعبّر عن هدنة مفروضة بفعل الضغط الميداني والخسائر الاقتصادية، فيما يتنامى تحذير الكيان الإسرائيلي للغرب من تحول إيران إلى قوة نووية فعلية، مما يعيد طرح سيناريو الغزو البري كخيار محتمل لحسم النزاع في مراحله النهائية.

السؤال المطروح منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم 24 يونيو الجاري، وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، هو: هل سيستمر وقف إطلاق النار أم سيعود التوتر وتعود الحرب مرة أخرى؟ حيث لا يوجد اتفاق مكتوب يوضح خطة طريق لما بعد التهدئة، كما أن الطرفين أعلنا تحقيق النصر وكسر إرادة الآخر، ما يعزز احتمالات العودة إلى المواجهة المسلحة في أي وقت.

يرى مراقبون أن ما جرى لا يعدو كونه هدنة مؤقتة، لأن جذور الحرب التي اندلعت فجر 13 يونيو لا تزال قائمة. تؤكد طهران أن مشروعها النووي مستمر، وأنها لن تتراجع عنه، خاصة أنه بدأ منذ نحو ربع قرن، وأصبح يمثل مشروعًا قوميًا إيرانيًا يحتشد حوله الشارع الإيراني. وهو ما يجعل أي تراجع عنه بمثابة خيانة جماعية لتطلعات أكثر من 90 مليون إيراني.

النظام الإيراني لطالما قدّم المشروع النووي كوسيلة للتحرر من الحصار والمقاطعة والعقوبات الغربية، وصوّره على أنه الممر الإجباري نحو السيادة الوطنية. لذلك فإن التراجع عنه اليوم لن يُقرأ إلا بوصفه خضوعًا وانكسارًا استراتيجيًا، وليس مجرد تعديل في المسار. وهذه القراءة تسكن الخطاب الرسمي الإيراني، وتحكم قراراته تجاه مستقبل الملف النووي.

أما إسرائيل، فقد تلقت ضربات صاروخية موجعة أدت إلى تعطيل عدد من مراكزها الحيوية والخدمية والاستراتيجية. وقد خرج العديد من هذه المرافق من الخدمة تمامًا بفعل دقة الضربات التي طالتها، ما شكل صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي. وبدت البنية الداخلية للكيان المحتل مكشوفة، ليس فقط على المستوى الأمني، بل على مستوى الجبهة الداخلية الهشة أمام صدمة الحرب.

كان لمشهد الأبراج المهدّمة والأحياء السكنية المدمّرة، ومراكز القيادة والسيطرة، ومقرات الموساد ومعامل الأبحاث العسكرية وهي تنهار، أثر نفسي بالغ على الإسرائيليين، الذين اعتادوا رؤية هذا الدمار في غزة ولبنان وسواهما من الدول العربية. هذه المرة، انقلبت الصورة، وأصبح الداخل الإسرائيلي يتلقى ما اعتاد تصديره، وهو ما يزيد من عمق الأزمة النفسية داخل الكيان.

ذكرت مصادر أن من أهم أسباب وقف إطلاق النار هو تعرّض اقتصاد الكيان المحتل لخسائر فادحة تجاوزت المليار دولار يوميًا، نتيجة فاتورة الحرب المتصاعدة. وقد تلقت حكومة الكيان أكثر من 40 ألف طلب تعويض، وهو رقم مرشّح للزيادة، نتيجة الخسائر التي لحقت بأصحاب المصانع والشركات، فضلًا عن فقدان المساكن والمركبات والبنى التحتية، ما زاد الضغط الشعبي والاقتصادي على صانع القرار في تل أبيب.

كشفت التقارير أن نحو 15 ألف محتل فقدوا مساكنهم بالكامل، ولم تنجح الحكومة الصهيونية في توفير أماكن لهم داخل الفنادق، ما اضطرها إلى نصب خيام في الساحات العامة والحدائق لإيوائهم. وقد تحول هؤلاء إلى عنصر ضغط مباشر على الحكومة المتطرفة التي تدير الكيان، خاصة مع تصاعد مشاهد الغضب والاستياء، في ظل عجز واضح عن الاستجابة لأبسط المتطلبات المعيشية لهؤلاء المستوطنين المنكوبين.

وكانت مشاهد الفارين من المستوطنين، وهم يهربون جماعيًا خارج تل أبيب، سببًا إضافيًا لتعجيل وقف الحرب، خاصة أن هؤلاء القادمين من أوروبا وأمريكا لم يعتادوا على رؤية منازلهم تُقصف. وقد لجؤوا إلى الكيان على أنه «وطن بديل»، فإذا بهم يصطدمون بحرب مفتوحة وسماء مستباحة، ما أدى إلى موجة هجرة عكسية كبيرة دفعت حكّام تل أبيب إلى مراجعة قراراتهم بشأن مواصلة الحرب.

الفاتورة الاقتصادية وحدها كفيلة بتفسير أسباب استعجال تل أبيب لطلب وقف إطلاق النار من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا سيّما أن الحرب الأخيرة جاءت بعد أكثر من عشرين شهرًا من القتال المتواصل في غزة ولبنان وسوريا، إضافة إلى مناوشات متفرقة مع ميليشيات يمنية وعراقية موالية لإيران. هذا الإنهاك العسكري والاقتصادي أضعف قدرة إسرائيل على الصمود، وهدد تماسك جبهتها الداخلية بصورة غير مسبوقة.

ونظرًا لعدم وجود اتفاق مكتوب وواضح البنود، فإن عددًا من المحللين يرون أن احتمال انهيار التهدئة وارد في أي لحظة، خاصة بعد استعادة إسرائيل لعافيتها الاقتصادية، ومعالجة إخفاقات طبقات الدفاع الجوي التي سقطت أمام الصواريخ والطائرات الإيرانية المسيّرة، ما جعل سماء تل أبيب مكشوفة بالكامل وعاجزة عن التصدي الفعال لتلك الهجمات.

في المقابل، كانت سماء طهران بدورها مستباحة أمام الطيران الحربي الإسرائيلي، الذي دكّ عشرات الأهداف الحيوية دون أن يُقابل بمطاردة حقيقية من الدفاعات الجوية الإيرانية. ويُعزى هذا الفشل إلى اختراق واسع النطاق من جانب عملاء نشطين داخل الأراضي الإيرانية، أسهموا في تعطيل المنظومات الدفاعية منذ اليوم الأول للمعركة، ما جعل الطرفين في مرمى النار، دون غلبة واضحة لأي منهما حتى لحظة وقف إطلاق النار.

وربما يزيد من تعقيد الوضع العسكري بين الجانبين هو إصرار كل طرف على موقفه. فبينما يصر الإيرانيون على الاستمرار في مشروعهم النووي، ويؤكدون رغبتهم في استكماله دون مساومة، يتمسك الكيان المحتل — مدعومًا من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي —برفضه القاطع لأي فرصة تُمكّن إيران من الوصول إلى سلاح نووي مستقبلي، حتى لو كان ذلك في إطار الاستخدام السلمي أو على المدى البعيد.

يأتي ذلك في الوقت الذي يؤكد فيه باحثون متخصصون أن إيران تمكنت من تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 60%، وهي نسبة تُقرّبها من القدرة على تصنيع قنبلة نووية بدائية، لكنها رغم ذلك تملك قوة تدميرية عالية. ويشيرون إلى أن هذه النسبة تضع طهران على حافة التحوّل من «مشروع نووي سلمي» إلى «قدرة ردعية» يصعب كبحها دبلوماسيًا أو عسكريًا.

ويرى علماء في المجال الذري أن ما وصلت إليه إيران في تخصيب اليورانيوم يُعد إنجازًا متقدمًا، إذ إن تجاوز نسبة الـ20% يمثل العقبة الأصعب فنيًا، أما ما بعد ذلك، فيُعد من المراحل الأسهل نسبيًا، ويمكن تسريعها خلال فترة قصيرة، بما يسمح بصنع قنبلة نووية بدرجة تخصيب 90% أو حتى أقل بقليل، مع الحفاظ على القدرة التفجيرية الفاعلة.

في المقابل، تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية مرارًا وتكرارًا رفضها المطلق امتلاك إيران لأي سلاح نووي. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح مساء الجمعة الماضي بأنه «لن يتردد في ضرب إيران مرة ثانية إذا حاولت امتلاك سلاح نووي». وأضاف قائلًا: «لا أستبعد أن تمتلك إيران مواقع سرية تخفي فيها جوانب من مشروعها النووي»، في إشارة واضحة إلى فقدان الثقة الكاملة في التصريحات الإيرانية.

يمكن توقّع مواجهة مؤجّلة بين إيران والغرب في ظل تصاعد تنازع الإرادات بين الجانبين. بل إنّ بعض التحليلات تذهب إلى أن الغزو البري قد يصبح خيارًا مطروحًا، وربما ضروريًا، للقضاء على المشروع النووي الإيراني، خاصة في ظل حالة الشحن المكثّف التي يمارسها الكيان المحتل تجاه أمريكا ودول أوروبا، عبر تخويفها من تطوّر البرنامج النووي الإيراني وتحوله إلى تهديد استراتيجي شامل يتجاوز الإقليم.

وظهر الكيان المحتل أن إيران تمتلك صواريخ فرط صوتية بمدى يتجاوز ألفيْ كيلومتر، استخدمتها في ضرب أهداف حساسة في حيفا وتل أبيب والقدس المحتلة. وتؤكد تقارير استخباراتية أن إيران تملك صواريخ أخرى يصل مداها إلى 4000 كيلومتر، ويمكن تزويدها برؤوس نووية قادرة على تهديد عدد كبير من الدول الأوروبية وبعض الولايات الأمريكية، ما عزز مخاوف الغرب من تحوّل إيران إلى قوة ردعية نووية لا يمكن السيطرة عليها.

وقد دفع هذا التطور الاستراتيجي عددًا من زعماء أوروبا إلى التحذير من تحوّل إيران إلى نموذج مشابه لكوريا الشمالية، في قدرتها على ابتزاز الغرب وتهديد استقراره. هؤلاء الزعماء أكدوا ضرورة الحيلولة دون تمكّن إيران من امتلاك أي سلاح نووي، لأن ذلك سيغيّر قواعد الاشتباك الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ويُخرج الملف الإيراني من أيدي التفاهمات الدبلوماسية إلى حسابات الردع النووي.

وفي ظل حالة التوتر الراهنة بين الطرفين، يبقى الاتفاق الهشّ الحالي أقرب ما يكون إلى حافة الانهيار، بما يُنذر بصدام مدمر جديد ما لم تتوافر آليات واضحة لفضّ الصراع على النفوذ داخل الإقليم. فالطرفان لا يبدوان مستعدّين للتنازل، والهوة بين مواقفهم السياسية والعسكرية لا تزال عميقة، ما يجعل أي تهدئة قابلة للاهتزاز في لحظة مفاجئة.

وربما يتجدد الصراع في وقت قريب، لا سيما في حال تسريع وتيرة إنهاء الحرب في غزة، وهي الخطوة التي يعمل دونالد ترامب حاليًا على تثبيتها. ومن المرجّح أن نشهد تطورات حاسمة خلال ساعات، في حال أُعيد رسم خارطة المنطقة كما هو مخطط. وتشير التسريبات الغربية إلى نية توسيع رقعة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة وسوريا، والقضاء على فصائل المقاومة، ثم إسناد إدارة قطاع غزة إلى قوة عربية مشتركة تتولى المهام الأمنية والإدارية كجزء من تسوية شاملة.

اقرأ أيضاً
مجموعة السبع تدعو لاستئناف المحادثات بشأن «نووي إيران»

إيران: التعرف على هوية 935 قتيلًا جراء الحرب الإسرائيلية بينهم أطفال ونساء

ترامب ينفي تقديم عروض لإيران أو إجراء محادثات معها

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق