درس 30 يونيو الذي لم تتعلمه "الإرهابية" - بوابة الكويت

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
درس 30 يونيو الذي لم تتعلمه "الإرهابية" - بوابة الكويت, اليوم الأحد 29 يونيو 2025 02:01 مساءً

بوابة الكويت - ثورة المصريين كانت صفعة قسّمت التنظيم وأنهت وهم حكم  المرشد

الثورة أصابت الجماعة بـ"الشلل الدماغي".. والمصريون كتبوا الشتات على "أبناء البنا" في الأرض

ذاكرة المصريين لا تنسى ما أساله الإخوان من دمائهم ولن يسمحوا بتكرار الكارثة

في صيف 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع في واحدة من أكبر موجات الاحتجاج في تاريخهم المعاصر، ليعلنوا في 30 يونيو رفضهم الصريح لحكم جماعة الإخوان الإرهابية، بعد عام واحد فقط من صعودها إلى السلطة عبر أول انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير. لم يكن ما جرى مجرد لحظة سياسية عابرة، بل نقطة تحول فاصلة أعادت تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، ووضعت مشروع الإسلام السياسي في مصر أمام مأزقه البنيوي الأكبر.

ومع مرور أكثر من عقد على تلك اللحظة، لا يبدو أن الجماعة استوعبت حجم التحوّل ولا طبيعة الرسالة. فعوضًا عن المراجعة، تمسكت بسردية «المظلومية»، واختزلت أسباب السقوط في نظرية المؤامرة، متجاهلة الإخفاقات الكبرى التي طبعت تجربتها في الحكم: من عجزها عن بناء شراكة وطنية حقيقية، إلى اختزال الدولة في التنظيم، وانتهاءً بانفصالها المتزايد عن الواقع الاجتماعي والثقافي المصري.

لقد تصرفت الجماعة – كما تفعل كثير من الحركات الأيديولوجية عند الاصطدام بالواقع – كما لو أن المجتمع أخطأ، لا هي. حافظت على خطابها المغلق، وانقسمت تنظيميًا، وتآكلت قواعدها الاجتماعية، بينما ظلّت أسيرة فكرة «العودة» كخلاص وحيد، دون طرح أي تصور عملي يعيد وصلها بالمجتمع أو بالزمن السياسي الذي تجاوزها.

في هذا التحليل، نعيد تفكيك تجربة الإخوان في ضوء دروس 30 يونيو، من خلال قراءة في ثمانية محاور رئيسية ترصد مظاهر الإنكار، والانقسام، والجمود الفكري، وتآكل المشروع السياسي والتنظيمي. تحليل لا يكتفي بوصف ما حدث، بل يحاول تفسير لماذا لم تتعلم الجماعة من اللحظة التي أسقطتها، ولماذا لا تزال تتعامل معها كحادثة طارئة وليست نتيجة طبيعية لمسار خاطئ.

 

خطاب المظلومية بدلاً من تعلم الدرس

منذ اللحظة التي خرجت فيها جموع الشعب المصري في 30 يونيو للمطالبة برحيل حكم الجماعة، لم تُظهر الأخيرة أي استعداد للاعتراف بأخطائها أو مراجعة تجربتها في الحكم، بل آثرت الهروب إلى الأمام، واختارت الاحتماء بخطاب "المظلومية"، الذي قدّم الرواية على أنهم كانوا ضحية مؤامرة كبرى، دون أن تُفسّر لماذا انفضّ الناس عنها بهذه السرعة؟ ولماذا أخفقت في بناء قاعدة دعم مجتمعية واسعة تُمكّنها من الصمود سياسيًا؟

سادت داخل الجماعة الإرهابية نغمة تُرجع الفشل إلى "البيئة المعادية"، أو إلى "الدولة العميقة" التي لم تُمكّنها من الحكم، في تجاهل كامل لما ارتكبته من أخطاء حقيقية أثناء وجودها في السلطة، سواء في إدارة الدولة أو في تعاطيها مع شركاء الثورة، وبدلًا من مراجعة المواقف والسياسات، راحت القيادة تُحمّل الجميع المسؤولية: خصومها، الإعلام، القوى السياسية، بل وحتى الشعب نفسه، متناسية أن المشروع السياسي الناجح هو الذي يُصاغ ليتعامل مع بيئة معقدة لا مثالية، درجة أن هذا الإنكار لم يقتصر على الخطاب الخارجي، بل تمدد إلى داخل التنظيم نفسه، فبدلًا من فتح نقاشات جادة حول أسباب ما جرى، حافظت الجماعة على خطابها المغلق، ودعت قواعدها إلى الثبات والصبر، وكأن ما حدث ليس نتيجة مسار خاطئ بل بلاء ينبغي احتماله، وتدريجيًا، انسحبت بعض عناصر التنظيم بل وتفكك، وتوجه البعض منهم للحديث عن النشاط الدعوي فقط، في محاولة لحماية ما تبقى من شرعية رمزية، وهو أيضاً ما لم يستجب له المصريين، فسريعاً ما تجاوز المصريون الصدمة وعادوا إلى حياتهم اليومية، وكأن الإخوان وهم لم يكن.

 

شعارات وهمية و"سعار" حكم

بين عامي 2012 و2013، وجدت الجماعة الإرهابية نفسها على رأس الدولة المصرية، بعد عقود من العمل في الظل والمعارضة؛ لكنها بدلًا من أن تتحول إلى فاعل سياسي مدني يُدير مرحلة انتقالية معقّدة بتوافقات وطنية، تصرّفت كما لو أنها وحدها صاحبة الحق الثوري والشرعية المطلقة، وهنا، تكمن لحظة الانكشاف الأولى: فالجماعة التي رفعت شعارات "الحرية" و"العدالة الاجتماعية"، لم تكن تملك في جعبتها مشروعًا حقيقيًا للحكم، بل مجرد خطاب أيديولوجي هش، سرعان ما تهاوى أمام اختبار الدولة، وبدت الجماعة كمن دخل إلى مؤسسات الحكم بروح تنظيم مغلق، لا بعقلية دولة، وبدلاً من بناء شراكة وطنية واسعة، انقلبت الجماعة على القوى التي شاركتها لحظة 25 يناير، واستأثرت بالمشهد السياسي في مرحلة كان التوافق فيها ضرورة لا ترفًا، وتصرّفت كـ"وصي على الثورة"، متجاهلة تنوع المجال السياسي المصري، وعاجزة عن استيعاب ديناميات الدولة الحديثة.

وهنا تجلت ثلاثية الإخفاق:

1.     الهيمنة بدل الشراكة: اختارت الجماعة الإرهابية المضي في طريق الإقصاء، لا التوافق، تجاهلت شركاء الثورة، ودخلت في صدام مفتوح مع المؤسسة القضائية، والإعلام، والمجتمع المدني، والمؤسسة العسكرية، وفي ظل هذا المناخ المتوتر، بدا أن الجماعة لا تؤمن بالتعددية بقدر ما تسعى لتثبيت سيطرتها عبر آليات ديمقراطية شكلية.

2.     الجمود التنظيمي: واجهت الجماعة الإرهابية أزمة في تحويل بنيتها المغلقة إلى كيان سياسي قادر على إدارة الدولة، بقيت آليات اتخاذ القرار مركزية ومحتكرة، ما أدى إلى عجز في استيعاب الكفاءات، وغياب كامل لمبدأ الشفافية، هذا الجمود التنظيمي حوّل التجربة إلى إدارة بيروقراطية متضخمة وعاجزة.

3.     شعارات بلا مضمون: رفعت الجماعة الإرهابية راية "الديمقراطية المحافظة"، لكنها سرعان ما تخلت عن مضامينها. لم تُقدّم برنامجًا اقتصاديًا جادًا، ولا رؤية لإصلاح مؤسسات الدولة، بل حاولت تطويع تلك المؤسسات لسلطة التنظيم، وهو ما وسّع الهوة بينها وبين قطاعات واسعة من المجتمع، وبدا للناس أن الشعارات كانت غطاءً لأجندة لا تشبه ما وُعدوا به، وأن خطاب الثورة تحول في يد الجماعة إلى أداة لإعادة إنتاج الاستبداد باسم الدين.

ومع تسارع وتيرة الأزمات السياسية والاجتماعية، انهار الغطاء السياسي للجماعة الإرهابية بسرعة، ولم تصمد الشرعية الانتخابية التي طالما روجت لها أمام غياب الأداء والبرنامج، وسرعان ما تلاشت الصورة "الإصلاحية" التي روجت لها، لتحل محلها صورة جماعة تُعيد إنتاج ما ثارت عليه الجماهير أصلًا: "تنظيم يُقايض السلطة بالولاء، ويُعلّق إخفاقه على خصومه، دون أن يعترف بأن المشكلة كامنة في جوهر مشروعه"، فالجماعة أدارت السلطة بأيدلوجيتها المتطرفة دون أي سياسة، فقط سياسة: "لست معي إذن أنت عدوي"، وبالتالي كان السقوط مدويًا في 30 يونيو.

 

الانهيار الكبير في 30 يونيو

لم يتوقف الانهيار داخل جماعة الإخوان الإرهابية عند حدود السقوط السياسي، بل امتد إلى بُنيتها التنظيمية ذاتها، فبعد الضربة الأمنية القاصمة التي تلقّتها عقب 2013، دخلت في طور من الانقسامات الحادة، لتجد نفسها أمام مشهد تفكك بين جبهتين تتنازعان الشرعية والقيادة، دون أن تمتلك أي منهما تصورًا واضحًا للمرحلة، أو مشروعًا جامعًا يعيد ترميمها، فبرز تيار يقوده محمود حسين، يهيمن على ما تبقى من البنية الإدارية والإعلامية التقليدية للجماعة، ويحتفظ بأدوات النفوذ المالي والتنظيمي، وتيار مناوئ يقوده إبراهيم منير من لندن، حاول تقديم خطاب إصلاحي، اصطدمت بعجزه عن فرض واقع تنظيمي بديل أو تشكيل قاعدة دعم حقيقية في الصفوف الوسطى.

ولم يكن مجرد هذا الصراع مجرد اختلاف في الرؤى، بل تطوّر إلى معركة كسر عظم حول من يملك "الشرعية الإخوانية"، وهي شرعية لم تعد مستندة إلى ميثاق تنظيمي أو قاعدة انتخابية داخلية، بل إلى شبكة الولاءات والمصالح العابرة للحدود، ومع تعليق اجتماعات "مجلس الشورى العام"، وتبادل قرارات العزل والتجميد، تحوّل التنظيم إلى كيان "مُهلهل" تُحركه حسابات السيطرة لا رؤى التجديد.

ويُجمع مراقبون على أن هذا الانقسام لم يكن وليد اللحظة، بل امتداد لانقسامات صامتة كانت تتفاقم منذ 2013، بفعل النجاحات الأمنية للدولة المصرية من جهة، وغياب عقل للجماعة يعيد ترتيبها من الداخل، وبذلك كان طبيعيًا أن يوُلد داخل الجماعة واقعان متوازيان: كلاهما يفتقر إلى وضوح الرؤية، ويتعامل مع الماضي بوصفه خزانًا شرعيًا، لا دروسًا تستوجب المراجعة، وهو ما أكده تحليل رأي صدر عن معهد واشنطن، أشار إلى أن الجماعة باتت "جبهة مشققة بلا قيادة مركزية فعالة"، في ظل استمرار النزاع على من يملأ الفراغ القيادي، في مشهد من الانقسام التنظيمي العميق تسبب مع الوقت في تآكل البنية الداخلية،  وأضعف قدرة الإخوان على إنتاج خطاب سياسي موحد، أو حتى الحفاظ على ولاء قواعدها التقليدية.

 

الشلل الدماغي وغياب المراجعات الفكرية

بعد سقوطها من سدة الحكم في 2013، لم تلجأ جماعة الإخوان الإرهابية إلى فتح أبواب المراجعة أو طرح أسئلة نقدية حول مسارها، بل فضّلت الاحتماء بتراثها الفكري القديم، وإعادة تدوير مراجعها التأسيسية دون تجديد أو اجتهاد، لم تُقدّم الجماعة منذ ذلك الحين أي قراءة نقدية لخطابها السياسي أو لعقيدتها التنظيمية، بل اكتفت بإلقاء اللوم على "البيئة المعادية" و"المؤامرات الدولية"، متجاهلة أن الفشل كان كامناً بالأساس في طريقة تفكيرها، لا فقط في الظروف المحيطة بها، فبدلا من الاعتراف بنهاية مشروع حسن البنا على يد المصريين، واصلت ترديد مقولات المؤسس وسيد قطب كما لو أن الزمن قد توقّف، وكأن مصر 2013 لا تختلف عن مصر الأربعينيات أو الستينيات، وبالتالي هربت الإرهابية بتفسير فشلها في ترويج خطاب مجتمعي يُفسّر إخفاقها السياسي كتعبير عن "أمراض اجتماعية" أو "بيئة غير ناضجة"، وليس كمحصلة طبيعية لأفكار متطرفة، فلم تستفد من تجارب نظيراتها في الشرق الأوسط وتغيير جلدهم ومراجعة أفكارهم، بل اختارت الصدام مع المصريين دون أي وعي، وساد خطاب يغلب عليه الحزن والرثاء والمظلومية، وكأن الجماعة أصبحت أسيرة رواية من الماضي، غير قادرة على إدراك التحولات أو التفاعل معها.

 

وهم العالمية الذي فضحه المصريون

لم يكن إخفاق جماعة الإخوان في مصر معزولًا عن سياق أوسع، بل جاء كجزء من تراجع متصاعد في حضور الإسلام السياسي على المستوى الإقليمي والدولي، فبعد أن تصدرت الحركات الإسلامية المشهد عقب موجات الربيع العربي في 2011، جاء سقوط الإخوان في مصر بمثابة ضربة البداية لتلاشي مشاريع الإرهاب والحركات ذات الأيدلوجية الإسلامية المتطرفة أو ما عرف بجماعات الإسلام السيسي، وبالتالي لم يكن صدى سقوط الإخوان في مصر على الداخل أو التنظيم فقط بل مثل ضربة موجعة للمشاريع المشابهة أو المنبثقة عن الإخوان.

وهو ما ظهر جلياً في عدد من الدول العربية، حيث خرجت المتظاهرون ضد حكم الإخوان الإرهابية، رافعين شعارات تُركّز على الحكم الرشيد، والعدالة الاجتماعية، ومكافحة الفساد، وإسقاط حكم المرشد، في السودان مثلًا، كان الإسلام السياسي في طليعة القوى المرفوضة شعبيًا، بوصفه جزءًا من النظام الذي تمت الإطاحة به.

أما على المستوى الدولي، فقد تبدّلت خريطة التحالفات والمواقف، فبعد سنوات من النقاش حول "الإسلاميين المعتدلين" في الغرب، باتت العديد من الدول تنظر إلى جماعة الإخوان بوصفها مفرخة فكرية للتطرّف، أو على الأقل كتيار لا يندرج ضمن الأطر الليبرالية التي باتت شرطًا للشراكة السياسية، وبالتالي صنفت عدد من الدول الجماعة على قوائم الإرهاب، فيما فضّلت قوى دولية كبرى دعم نماذج إسلامية "مُروّضة" أو منزوعة الطابع الحركي، إن وُجدت، ويدلل على ذلك ما خلص له تقرير لجنة التحقيق الحكومي حول نشاط "الإخوان المسلمين" في فرنسا في مايو الماضي، إلى تغلغُل الجماعة في أربعة قطاعات أساسية، هي: التعليم، والعمل الخيري، والعمل الشبابي، والعمل المحلي، وحذَّر التقرير من أنّ المشروع الإخواني يُشكِّل تهديداً للمؤسسات المحلية والتماسك الوطني، وتتطلب مواجهته عملاً ميدانياً حازماً ومستمراً.

في هذا السياق، لم تعد تجربة الإخوان تُقرأ كحالة محلية، بل كمثال مُركّز على المأزق الذي وصلت إليه حركات الإسلام السياسي حين تجد نفسها في موقع السلطة دون رؤية مؤسسية أو مرونة فكرية، ومن هنا، لم يعد الطريق إلى "العودة" مفتوحًا كما في الماضي، فحتى لو تبدلت الظروف الداخلية، فإن البيئة الإقليمية والدولية لم تعد تتسامح مع المشاريع الدينية ذات الطابع الأحادي أو الانغلاق العقائدي.

لقد سقط المشروع الأممي للإخوان – الذي طالما تصوّر نفسه تيارًا عابرًا للحدود – أمام الحقائق التي تظهرها الواقعية السياسية، وإذا لم تُنتج الجماعة خطابًا مغايرًا يُخاطب العالم بلغة السياسة لا الأيديولوجيا، فإنها ستبقى خارج الزمن السياسي، محاصرة بتراثها، ومُقيمة على أطلال مشروع لم يعد له جمهور ولا حاضنة دولية.

 

بين رهانات الفوضى وذاكرة وطنية رافضة

بعد سقوطها المدوي في صيف 2013، لم تُقدِم جماعة الإخوان الإرهابية على أي مراجعة فكرية أو تنظيمية حقيقية، بل آثرت خيارًا واحدًا: الرهان على الفوضى، إذ تبنّت قيادة الخارج ما يشبه استراتيجية الانتظار، متعلقة بأي أزمة سياسية أو اقتصادية قد تفتح ثغرة للعودة إلى المشهد، وبالتالي رُوّجت لشعارات سلمية ومتعلقة بالعودة وتآكل الدولة وانهيار قيادتها، لكن هذا التصور سرعان ما اصطدم بالواقع، فلا الجيش انقسم، ولا الدولة انهارت، ولا المصريون تعاملوا مع هذه السيناريوهات الخبيثة، فالمصريون لن يسمحوا مجدداً بسنوات الدم والفوضى التي تلت سقوط حكم الإرهابية.

لقد ترسّخت تجربة الإخوان في الحكم في وجدان المصريين كدرس تحذيري لا يُمحى، فالمزاج الشعبي، الذي كان في لحظة من اللحظات متعاطفًا أو متقبّلًا لتجربتهم، بات يرى في نموذج 2012–2013 مثالًا على الفوضى، والإقصاء، والتوظيف الطائفي للسلطة، وعليه، تحوّلت هذه التجربة إلى جزءٍ من "الذاكرة الوطنية السلبية"، تُستدعى كلما طُرحت أفكار عن إشراك الإسلاميين أو السماح لهم بفرصة جديدة.

تُظهر استطلاعات الرأي المحلية والدولية أن غالبية المصريين يرفضون أي وجود سياسي للتيارات الدينية ككل، والإخوان على وجه الخصوص، وهو مزاج عام ليس عابرًا أو مجرد شعور لحظي، بل تراكم بفعل تجربة صادمة، انكشف خلالها عجز الجماعة عن إدارة دولة، أو التعامل مع التعددية، أو تقديم مشروع وطني جامع، وحتى اليوم، لم تتمكن الجماعة من صياغة خطاب مختلف يُقنع المصريين بأن ما حدث كان استثناءً لا قاعدة.

في المحصلة، لم يكن 30 يونيو مجرد لحظة سياسية، بل نقطة قطيعة حقيقية بين المجتمع والإخوان، ومثلما لم تفهم الجماعة إشارات السقوط في حينها، لا تزال عاجزة عن فهم ما بعده، فلا تزال الإرهابية تُروّج للعودة، لكن الأرض تغيّرت، والناس تغيّروا، والذاكرة الجماعية باتت أكثر وعيًا، ولهذا، فإن التنظيم الذي أخفق في التكيّف مع التاريخ، سيبقى رهينة الماضي، وخارج معادلات المصريين، طالما استمر في إنكار الدرس الذي لقّنه له الشارع في يونيو 2013.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق