"التمويل الغبي" لسد النهضة... ترامب يغازل المصريين ويغضب الإثيوبيين! - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"التمويل الغبي" لسد النهضة... ترامب يغازل المصريين ويغضب الإثيوبيين! - بوابة الكويت, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 04:28 صباحاً

بوابة الكويت - نكأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب جراح مصر والسودان وأغضب الإثيوبيين. ففي أحدث تعليقاته بشأن سدّ النهضة، قال إنّ السد بنته إثيوبيا بتمويل "غبيّ" من الولايات المتحدة، وهذا يقلّل بشكل كبير من تدفّق المياه إلى نهر النيل. وهذا أخطر اعتراف عن دعم واشنطن سياسياً ومالياً للسد الإثيوبي الذي تعتبره دولتا المصب "خطراً وجودياً"، في ظل رفض أديس أبابا توقيع "اتفاق قانوني ملزم" ينظم الملء والتشغيل، ويضمن حصتيهما المائية، وهما اللتان تنظران إلى السدّ بوصفه جسراً للفتن والمؤامرات!

أقامت إثيوبيا "سد النهضة" على النيل الأزرق، بالقرب من الحدود مع السودان، لحجز 74 مليار متر مكعب من المياه وتوليد الكهرباء. ونظراً للخلافات حول المشروع، خاضت مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات طوال 13 عاماً، منذ 2011، لكنها باءت بالفشل الذريع، بينما اكتمل بناء السد، لتحقق أديس أبابا كل أهدافها، في الوقت الذي تحلّت القاهرة والخرطوم بـ"الصبر الاستراتيجي"، على أمل انتظار الفرصة المواتية لإنهاء الأزمة سلماً أو حرباً. وشدّد السودان ومصر مراراً على رفضهما القاطع السياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد القانون الدولي، بوصفها خرقاً لاتفاق "إعلان المبادئ" بين الدول الثلاث عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن في 15 أيلول/سبتمبر 2021.

وبرغم من أن قدراتها العسكرية تمكنها من تدمير السد، فإن القاهرة دأبت على تطويق التوتر مع أديس أبابا الناتج عن تصرفاتها المنفردة بالاستمرار في ملء بحيرة السد. الحالة الصراعية مع إثيوبيا لها تكاليف تحاول مصر تجنبها، مما يفسر المجهود الديبلوماسي المكثف الذي تقوم به دولياً أو إقليمياً لتوضيح خطورة النهج الإثيوبي على دولتي المصب. وقد أثمر ذلك تصنيف أزمة سد النهضة "مهددة للسلم الإقليمي والدولي".

 

لاحت فرصة للوصول إلى اتفاق عام 2020، عندما ضغطت مصر والسودان على إثيوبيا، للانخراط في مباحثات بواشنطن، تحت رعاية أميركية في تشرين الثاني/نوفمبر 2019، امتدت لثلاثة أشهر، وبلورت مسوّدة اتفاقية، وافقت عليها أديس أبابا بالفعل، لكنها انسحبت من التوقيع في شباط/فبراير 2020، في خطوة غير مبررة، فأحرجت واشنطن، مما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ولايته الأولى، للقول: إنه "لن يستغرب إذا قامت مصر بعمل عسكري ضد السد"، مما عدّه بعض المتابعين ساعتها محاولة لجرجرة القاهرة لضرب السد.

 

ثمّ أعادت تصريحات ترامب الأسبوع الماضي عن "التمويل الأميركي الغبي" للسد الإثيوبي "صب الزيت على النار"، لإشعال حرب جديدة في إقليم متخم بالحرائق، أو محاولة لاستدراج مصر وإضعافها، بينما رأى بعض الخبراء أن ترامب لم يغفر لإثيوبيا استهتارها السابق بالوساطة الأميركية وتنصّلها من التوقيع على الاتفاق في واشنطن في اللحظات الأخيرة.

بيد أن محمود أبوزيد، وزير الري المصري الأسبق، أوضح أن أميركا دعمت السد الإثيوبي ليس من أجل تنمية إثيوبيا، بل للضغط على مصر من أجل مصالح واشنطن في المنطقة. لذلك سبق لوزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن وجّه خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، عقب الملء الخامس للسد، في تموز/يوليو الماضي، أكد فيه أن السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان، موضحاً بأن القاهرة ستظل متابعة عن كثب للتطورات، ومستعدة لاتخاذ جميع التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه.

إن إعادة أزمة "سد النهضة" إلى "دائرة الضوء" على يد الرئيس الأميركي، وسط عواصف الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، قد يكون لها ما بعدها. وإذا كانت الصراعات الحادة تجعل العالم يقف على قرن ثور، فإنّ أفريقيا تقف على "القرن الإفريقي"، في ظل الاستقطابات الجيواستراتيجية في هذه المنطقة الحساسة، والتي أصبحت مفتوحة على كل السيناريوات، في إطار إعادة توزيع القوّة والقيم على فواعل جديدة في إقليم مضطرب، في ضوء تنافس استراتيجي، بين مصر وإثيوبيا وآخرين، على النيل والبحر الأحمر والممرات المائية. أشار رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى أن "السيطرة على النيل الأزرق - بإنشاء السدود - وامتلاك منفذ على البحر الأحمر - إثيوبيا دولة حبيسة - ضرورة وجودية لأديس أبابا"، وهو ما يعتبره جيران إثيوبيا دليلاً على أطماعها الاستعمارية، في أراضيهم ومياههم، واستمراراً لنهجها المثير للقلاقل والمهدد لاستقرار الإقليم.

تتوازى هذه التطورات مع تصاعد التوترات بين مصر وإثيوبيا، على خلفية إرسال القاهرة معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال، للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، وربما يكون التصريح "الترامبي"، أخيراً، مغازلة لمصر، لانتزاع تأييدها في ملفات أخرى تهم أميركا وحلفاءها بالشرق الأوسط، أو فتح لباب الوساطة بين الدول الثلاث، مرة أخرى، إذ لا بد من أن يكون الوسيط في أزمة السد - لو تجددت المفاوضات - مالكاً لعلاقات دافئة مع القاهرة والخرطوم، وأوراق ضغط على أديس أبابا، في ضوء تهرّبها الدائم من توقيع اتفاق ملزم، يضمن الحياة لمصر والأمان للسودان والتنمية لإثيوبيا!

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق