بوابة الكويت - هل يُعقل أن تكون قمّة مجموعة البريكس الأخيرة، قد مرّت بالإعلاميين العرب، من دون أن تحرّك فيهم ساكناً؟ قد يكون لهم عذرُ الغوص في عظائم الشؤون السياسية والاقتصادية، لكن البكور إلى هذه المبادرة الطيّبة، من حزم الأمور، فالقمة السابعة عشرة، التي انعقدت في ريو دي جانيرو، بالبرازيل، قد فجّرت لدول الجنوب عيناً جاريةً زلالاً يشرب بها الإعلاميّون، حمَلة أمانة السمعيّ البصريّ الرقميّ الشبكيّ؟ تلك الديار محظوظة، حتى لا يقول أحد إن «البِرَّ أُزيل» من البرازيل.
حدثٌ لم يحدث له مثيل، فهو بحق مثال: طوال هذا الربع من القرن، رأى العالم العربي، وبلدان شتى في إفريقيا وآسيا، كل منكر من أنواع الإعلام المتحيّز، في قضايا إنسانية لا يرتضي ضمير بصير مستنير، السكوت عليها والتنكّر لها. لفتة استراتيجية في تاريخ الإعلام، أضافتها القمّة إلى جدول أعمالها، باقتراح من الزعيم الصيني شي جين بينغ، تتمثل في أن يكون لمجموعة البريكس ما يشبه الميثاق الإعلامي، لكنه أدق تنظيماً من الميثاق، ولا تصح تسميته حلفاً إعلاميّاً، فالأحلاف والتحالفات عليها مسحتان عسكرية وإيديولوجية، أمّا التنسيق فمستوى أقل من الغاية المنشودة، فتفضل بوضع الميثاق والحلف والتنسيق، في خلاّط المعاني، واعثر على كلمة تتجلّى فيها باقة «ميثاق حلف التنسيق الإعلامي البريكسي».
العبارة التي أطلقها الزعيم الصيني هي ذات أبعاد إعلامية ثقافية: «التبادل بين الشعوب»، مع إضافة صورة في الخلفيّة على غرار«يداً بيد»، مثلاً: «التبادل يداً بيد بين الشعوب». في الليلة التي سبقت القمّة، جرت محادثات بين الوفود المشاركة، توصلت فيها، من خلال تلك العبارة، إلى ضرورة إنشاء نظام إعلام لمجموعة البريكس، لمواجهة الهيمنة الإعلامية التي يريد الغرب فرضها على الرأي العام العالمي، بفكر واحد ورأي واحد وتعبير واحد، من زاوية واحدة. كان بوش الابن أبلغ في الإيجاز: «من ليس معنا، فهو ضدّنا».
نفهم من هذه الصيحة الإعلامية البريكسية، أن ألعاب إخراج الأرانب من تحت القبعة، وأحابيل بعبع: الشرعية الدولية، المجتمع الدولي، القانون الدولي، التحرير ونشر الديمقراطية.. وغيرها، ممّا يسمى في تراثنا العربي «أسماء الأضداد»، ستعود إلى مطلقيها خاسئةً وهي حسيرة. لا شكّ في أن الأوساط الإعلاميّة في الديار العربيّة، لن تدع قضيّة مهنيّة وضميريّة من هذا الطراز، تمرّ مرور سحابة صيف؟ إنها أهمّ قضيّة في إعلام بلدان الجنوب.
لزوم ما يلزم: النتيجة الإيقاظية: لا شك في أن كبريات وسائط الإعلام الغربية قد بدأت التفكير والتخطيط في طبخات بديلة من «طبخات البحص» السابقة.
[email protected]