نزيه خاطر النّاقد التشكيلي الراحل... "الشّرس في ميدانه والحنون في بطانته" - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نزيه خاطر النّاقد التشكيلي الراحل... "الشّرس في ميدانه والحنون في بطانته" - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 06:48 مساءً

بوابة الكويت - إسماعيل فقيه

غادرنا الناقد الفني التشكيلي نزيه خاطر قبل عقد ونيّف، في نيسان/أبريل 2014، ومنذ ستينيات القرن الماضي، كان نزيهاً وشاهداً على الحركة الفنية الثقافية وناقداً تشكيلياً عليماً، لأكثر من نصف قرن.

تزاملتُ مع الراحل خاطر لمدة زمنية طويلة، قرابة 15 سنة متواصلة في الصفحة الثقافية لـ"النهار"، والتي أسسها وأشرف عليها الشاعر الراحل شوقي أبي شقرا لمدة نصف قرن.
بيروت تشهد لخاطر الذي كان شاهداً عليها بما تمثّل من ثقافة راقية، عاصمة الثقافة العربية، مدينة المعارض التشكيلية، حيث رصد وتابع حركة الفن التشكيلي وعاصر رموزها الكبار، وتشهد بدايته الفنية تسلّمه إدارة أولى صالات العرض الفني في بيروت مثل "غاليري أليكو"، و"غاليري وان" (مع الشاعر الراحل يوسف الخال)، كما كان أحد مؤسسي مسرح بيروت (مع ليندا سنّو). إلى تكريس قلمه للكتابة في "النهار". كتب مئات المقالات النقدية، ولم يتعب، جانب التكرار، كان ناقداً مهنياً رفيع النظرة، شديد البصيرة، وربما لا نظير له في عالم النقد التشكيلي.

 

الناقد الفني الراحل نزيه خاطر.

 

حصّل شهادة دكتوراه في فنون المسرح من جامعة "السوربون" عن أطروحته "المسرح اللبناني بين ثورتين 1958 - 1975". وتابع تخصصه الفني في فرنسا في ميدان المتاحف، ثم عاد نهائياً إلى بيروت العام 1978 كي يتابع التدريس في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (مدة 25 عاماً).
صالات العرض وأغلب المعارض التشكيلية في المدينة كانت تنتظر وصوله، وتترقب ما سيكتبه في "النهار". كان قاطعاً وحاسماً في نقده، لا يتحرك خارج قناعته، فإما يرفع الفنان أو يسقطه، لا مجال للمساومة. وهذا ما أوقعه في عداوات كثيرة في عالم الفن التشكيلي والحياة الثقافية بمجملها.

كتب الكثير من المقالات والدراسات في الفن التشكيلي والمسرح، لكنه لم يترك كتاباً واحداً، لم يجمع مقالاته التي تصلح لتكون مرجعاً وتاريخاً للحركة التشكيلية على مدى نصف قرن.
وأعتقد جازماً أن الكتاب الوحيد الذي صدر عنه هو كتاب الصحافية والنحاتة والباحثة والأكاديمية اللبنانية نادين أبو زكي "نزيه خاطر جمهورية الأعداء" الصادر عن "دار النهار" باللغة الفرنسية، وترجمته نهلة بيضون.

 

ef7856ab81.jpg

 

نزيه الناقد التشكيلي فقط، ربما كان  الوحيد ممن عملوا في الصحافة الثقافية ولم يكن على علاقة بموهبة أخرى كالشعر أو الرواية أو الرسم، وهذا ما حصّنه ضدّ التنظير والإنشائية. أعطى النقد كلّ وقته، ومارسه بحب واحترام وصدق، ولذلك ترك مكانه فارغاً في النقد الفني.

كما  ساهم في العمل التلفزيوني، وأعد برنامج "ثقافة وناس" في "تلفزيون لبنان"، وكان من الكتّاب الأذكياء الى حدّ الدهاء، يعشق الكتابة ويعيش لأجلها فقط. وسألته في إحدى جلساتنا في المقهى "إذا توقفت عن الكتابة، ماذا سيحل بك؟"، فأجابني وبسرعة فائقة: "أموت فوراً".
كان يتنفس من الكتابة، ويعيش بفضل متعتها، على حدّ قوله.

وحين تقاعد وتوقف عن الكتابة في "النهار" العام 2010، تغيرت حياته كلياً، فانقطع عن التواصل وتوقف عن  ممارسة عاداته اليومية التي رافقته طويلاً. كان دائم الحضور في مقاهي شارع الحمراء القريبة من بيته، وفجأة عزف عن ذلك وتوقف هذا النشاط الذي كان يمدّه بسعادة خاصة، فانتابه الهم، وبدأت صحته تتدهور حتى حان موعد رحيله.

عاش نزيه 84 سنة ورحل. ورثاه معلمه الشاعر شوقي أبو شقرا في "النهار": "نزيه لم يكن إلا الشرس في ميدانه، في ساح الكلمة. ولم يكن أيضاً إلا الحنون في بطانته في حاشيته وفي من حواليه".

نزيه خاطر هو ابن الأديب والمؤرخ اللبناني المعروف لحد خاطر، الذي امتلك مكتبة غنية وضخمة ساعدت في نشأة نزيه الناقد المثقف الشقي العنيد والمحنك.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق