نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السويداء واليوم التالي: انتهاكات تُمهّد للتقسيم... وإسرائيل تغض الطرف! - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 04:45 مساءً
بوابة الكويت - كانت السويداء الدرس الذي أرادت السلطات السورية الجديدة تلقينه لكل الأقليات التي لا تزال ترفض الانخراط الكامل بالدولة. ما حصل في الأيام القليلة الماضية في المحافظة السورية ذات الأغلبية الدرزية كان مجموعة رسائل بالنار أرسلتها دمشق إلى الساحل السوري العلوي والشمال الشرقي الكردي بشرعية وقوّة خارجية عربية وغربية، تخلص إلى أن سوريا "موحّدة تحت قيادة أحمد الشرع".
فرضيات عدّة حاولت رسم صورة ما حصل قبل دخول القوات السورية إلى السويداء. الفرضية الأولى تقول إن عشائر البدو بقرار مستقل تسببوا بفوضى استغلتها السلطات الرسمية لاقتحام المحافظة والسيطرة عليها. والفرضية الثانية تشير إلى علاقة مزعومة بين البدو والسلطات وقفت خلف الفوضى لتمهّد دخول القوات العسكرية، وخصوصاً أن الاشتباكات بينهم والدروز بدأت بعد هجمات "داعش" 2018. أما الفرضية الثالثة فتتحدّث عن دور إيراني للإيقاع بين السلطة والدروز، كون لإيران جماعاتها في الجنوب السوري وتجد في الدروز ثغرة لتأجيج الفتنة.
لكن الخلاصة واحدة: السلطات السورية تمكّنت من استغلال الفوضى وجعلت منها مدخلاً لاقتحام السويداء و"تطويعها" بعد أكثر من 7 أشهر من الحالة الخاصة التي تمتعت بها المحافظة والأقلية الدرزية. وبرأي القيادة السورية الجديدة، فإن السيطرة على السويداء كانت "حاجة" لتوحيد سوريا وإرسال رسائل للأكراد والعلويين بأن الاندماج في الدولة مصير لا خيار، بظل التطبيع الدولي مع السلطات الجديدة.
السؤال اليوم هو عن مصير السويداء. مصدر متابع عن كثب من السويداء يطرح تسلسلاً تشاؤمياً للأحداث المتوقعة. يقرأ في انسحاب الجيش من المحافظة وترك قوات وزارة الداخلية وفتح المجال أمام العشائر والبدو للدخول إشارة إلى توقّع المزيد من الانتهاكات التي بدأت بحق الدروز، من سرقة وتصفية وتدمير منازل ومحلات.
وفي حديث لـ"النهار"، يقول إن الدروز لا يزالون يحملون السلاح، وبعد الأحداث والانتهاكات التي حصلت وستحصل من المستبعد أن يصلح الحال بينهم وقوات وزارة الداخلية والبدو والسنّة المتطرفين، وبالتالي قد تنتشر عمليات ثأرية مما سيفاقم المشكلة أكثر، وعندها قد تجد إسرائيل مبرراً للتدخّل وإرساء واقع سياسي وأمني جديد، وخصوصاً أن دعوات التدخّل الدولي قد تتصاعد أكثر.
ومع العلم أن المصدر المذكور كان من رافضي فكرة انفصال السويداء عن سوريا ومعارضي دعوات التدخّل الإسرائيلي، ومن أنصار فكرة الاندماج بالدولة الجديدة، إلّا أنّه يشير إلى أن ممارسات القوات الحكومية من تصفية وقتل عشوائي وسرقة ونهب وفتح المجال للعصابات، أمور ستعزّز من رفض فكرة الدولة السورية الموحّدة وستدفع كثيرين للمطالبة بـ"حماية دولية" أياً كانت، ما يفتح الباب أمام تدخل إسرائيلي، علماً أن إسرائيل "لا تحمي بل تنشر الفتنة".
يربط المصدر بين تحليله والمشروع الإسرائيلي القائم على تقسيم سوريا وتغيير خريطتها، وبين اللقاء السوري – الإسرائيلي في أذربيجان وتوقيت الهجوم على السويداء، ويطرح فرضية مفادها أن التوافق الذي حصل في باكو يبدو أنه كان على تثبيت حكم دمشق مقابل تقسيم الجنوب السوري، وإسرائيل سمحت باقتراب الحشود العسكرية الحكومية ولم تقصفها حتى ترتكب المذابح وتتدخل.
على المقلب الآخر، ثمّة فرضية تقول إن الحكومة السورية حشدت ما يكفي من قوات لتمنع أي عمليات انتقام وتفلّت، وقد تتجه الأمور نحو التهدئة التي بات يريدها الدروز بعد "المذبحة" التي وقعت، والحكومة بعد سيطرتها على المحافظة نسبياً. لكن الأنظار تتجه نحو الموقف الإسرائيلي مما يحصل، كون الأخير يقوم على مبدأ فرق تسد ولا مجال لفكرة الوحدة عندها.
في المحصلة، فإن خريطة جديدة ترسم في الجنوب السوري، بأقلام سورية وإسرائيلية واحتمال أن تكون إيرانية أيضاً. وإن كانت الفرضيات بشأن ما حصل وما قد يحصل تبقى في خانة التكهنات، فالمؤكّد أن هذا المسلسل لن ينتهي عند حدود السويداء، والساحل السوري والشمال الشرقي يتحضّران لسيناريوات مشابهة.
0 تعليق