نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا لم تصل أحزاب اليسار الجزائري إلى الشعب وإلى الحكم؟ - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 04:40 صباحاً
بوابة الكويت - لماذا ليس لليسار الجزائري صوت متميز ومعبر عن طموحات المواطنين البسطاء في المشهد السياسي الوطني، منذ سماح السلطات الجزائرية بالتعددية الحزبية انطلاقاً من ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن؟ ثم كيف نفسر عدم وصول أي حزب يساري جزائري إلى الحكم ولو مرة واحدة على مدى سنوات الاستقلال؟
وفي الحقيقة فإن اليسار الجزائري لم يتمكن حتى اليوم من التحوّل إلى قوة ملهمة للشعب الجزائري كما عجز عن توحيد صفوف المعارضة، وعن تأسيس قطبية حزبية لها تأثير في المشهد السياسي الوطني.
إن حزب القوى الاشتراكية، الذي يعتبر أقدم حزب يساري جزائري تأسس بعد الاستقلال، لم يحصّن نفسه بإطارات من جيل حركة التحرر الوطني لها جذور شعبية ومثقفة تملك فكراً استراتيجياً متطوراً ونابعاً من فرادة خصائص المجتمع الجزائري، كما أنه لم يتمكن من تغذية صفوفه بكفاءات شابة مدربة على تقنيات تحديث وتفعيل إدارة وتسيير شؤون الدولة، وفضلاً عن ذلك فقد افتقد هذا الحزب، الذي طغت عليه على مدى سنوات طويلة كاريزمية شخصية آيت أحمد الحسين الذي يعتبر أحد الزعماء التاريخيين لحركة التحرر الوطني وهو الأمر الذي جعله يبدو مجرد حزب شخص مهيمن حيناً أو مجرد جهاز جهوي يكتفي غالباً بإعادة إنتاج الشعارات الاشتراكية التقليدية على الصعيد النظري التي لا يمكن أن تجد لنفسها تطبيقاً في الممارسة في الجزائر العميقة. إنه جراء هذه النقائص لم يصبح هذا الحزب مظلة جامعة لمختلف تيارات اليسار الجزائري بما في ذلك التيار الشيوعي، ونقابة العمال فضلاً عن جمعيات المجتمع المدني التي كان من المفروض أن تكون جزءاً عضوياً وصلباً من كتلة المعارضة.
وفي الواقع فإن حزب القوى الاشتراكية ليس وحده الذي ضيع الرهان التاريخي، بل هناك أيضاً حزب العمال الذي ما فتئ يقدم نفسه كممثل للعمال الجزائريين ولكنه لم يتجاوز ثقافة الحزب الواحد، الأمر الذي منعه من ترسيخ نموذج حيوي لليسار الجزائري المتطور تنظيمياً واستقطاباً لملايين العمال والمثقفين اليساريين ولشريحة الفلاحين المحسوبة تاريخياً على التيار الاشتراكي الوطني، وفضلاً عن ذلك فقد بقي هذا الحزب يعيد إنتاج قشور الأفكار التروتسكية الغارقة في التقليدية.
وعلى مستوى أخلاقيات العمل السياسي الديموقراطي فإن فسيفساء اليسار الجزائري قد سكت طويلاً على احتكار السيدة لويزة حنون رئاسة حزب العمال لأكثر من عشرين عاماً كاملة، علماً أن أبجديات الديموقراطية التي ينادي بها اليسار الجزائري المتشظي تفترض اتباع أسلوب التداول على تسيير هذا الحزب.
على أساس هذه الإخفاقات يمكن لنا إدراك لماذا لم يستقطب اليسار الجزائري شرائح العمال والفلاحين والمثقفين إلى صفوف حزب القوى الاشتراكية وحزب العمال منذ إنشائهما. ولقد أدى هذا إلى شلّ قوتهما السياسية وأفقدهما الفاعلية سواء في الانتخابات المختلفة أو في تسطير سياسات البلاد.
وهكذا بقي حزب العمال على مدى أكثر من 20 سنة مجرد ديكور هامشي في البرلمان بغرفتيه العليا والسفلى، علماً أن الإحصائيات الوطنية الحيادية قد أكدت مراراً أن تعداد العمال والفلاحين الجزائريين يشكل حصة الأسد في الوعاء الانتخابي عبر القطر الجزائري.
0 تعليق