بوابة الكويت - كريم السعدي 

أشعلت تصريحات عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية المعارض (مرجعية إسلامية)، التي دعا فيها الفتيات وأولياء أمورهن إلى التعجيل بالزواج، حتى وإن لم يكنّ استكملن دراستهن، موجة استياء عارمة في صفوف الجمعيات الحقوقية النسائية.

واعتبرت التنسيقية النسائية من أجل التغيير الشامل والعميق لمدوّنة الأسرة، في بيان لها، أن تصريحات ابن كيران تتضمّن دعوات “نكوصية”، ولا سيما بعد أن شبّه النساء العازبات بـ”اللقالق”.

ورأت التنسيقية أيضاً أن هذه التصريحات “معادية لحقوق النساء”، وتتناقض مع الالتزامات الدستورية والدولية للمملكة المغربية في مجال المساواة.

وانتقدت التنسيقية، التي تضم عشرات الجمعيات الحقوقية النسائية، ما وصفته بـ”الخطابات التمييزية”، التي تكرّس صورة نمطية تُجَرِّد النساء من حقوقهن في التعليم والعمل، وتُعيد المغرب إلى عصور الوصاية الأبوية، في تعارض صريح مع مقتضيات دستور 2011، الذي ينص على المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، ومع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا سيما اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية حقوق الطفل.

وأشارت التنسيقية إلى أن تصريحات ابن كيران الاخيرة “تروّج لعقلية تعتبر التبعية والأمية حلّاً لمشكلات الفتيات”، متجاهلةً الجهود الوطنية والدولية المبذولة لمحاربة تزويج القاصرات، والهدر المدرسي، وتهميش النساء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.

وأضاف البيان أن التعليم “حق غير قابل للمساومة”، ويُعَدّ مدخلاً أساسياً للكرامة والحرية والمواطنة الكاملة.

وأجمعت الجمعيات الفاعلة في مجال حقوق النساء بالمغرب على أن ما قاله ابن كيران “يشكّل صدمة حقيقية، خصوصاً بالنسبة إلى الناشطات الحقوقيات اللواتي يشتغلن يومياً على ملفات لفتيات تم تزويجهن قسراً، أو فُرض عليهن ترك المدرسة من أجل الزواج”.

وأكدت الجمعيات أن هذا الخطاب يُعيد إنتاج المآسي بدل السعي إلى تجاوزها، وأن “الفتيات يستحققن فرصاً متساوية في التعليم والعمل، لا اختزال وجودهن في مشروع زواج يُقدَّم كخلاص زائف”.

ودعت التنسيقية السلطات العمومية إلى عدم التساهل مع الخطابات التي تستغل المواقع السياسية للترويج لأفكار تُجهض مكتسبات النساء، وتقوّض أسس الدولة الديموقراطية. وطالبت أولياء الأمور بتشجيع بناتهم على التمدرس، ومقاومة كل أشكال “الوصاية الثقافية” التي تحصر أدوار النساء في الزواج والإنجاب.

ووجّهت التنسيقية نداءً مفتوحاً إلى القوى السياسية والمدنية والحقوقية من أجل “تحصين المكتسبات الدستورية”، والتصدي الجماعي لما سمّته “الخرجات النكوصية”، معتبرةً أن المعركة من أجل كرامة المرأة المغربية هي معركة من أجل الديموقراطية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة.

وفي تسجيل صوتي متداول، أدلى ابن كيران بتصريحات مثيرة بشأن أوضاع النساء في المغرب، دعا خلالها إلى تشجيع الزواج باعتباره “حلّاً عملياً” لمشكلة العنوسة، ومصدراً من مصادر الاستقرار الأسري والاجتماعي.

وحثّ ابن كيران أنصاره على الالتفات إلى ما وصفه بـ”المشاكل الحقيقية” التي تواجه المجتمع، وعلى رأسها ارتفاع نسبة النساء غير المتزوجات، معتبراً أن “العديد من الفتيات ينتظرن دون جدوى فرصة الزواج، إلى أن يكبرن ويجدن أنفسهن في عزلة قاسية”، حسب تعبيره.

وقال ابن كيران، بلغة عامية: “بناتنا جالسين بلا زواج، حتى كيكبروا ويصبحوا بحال بلارض  (اللقلاق)، ومن بعد شكون يديهم للمستشفى؟ شكون يدفنهم إذا ماتوا؟”، بمعنى: “بناتنا جالسات من دون زواج إلى أن يكبرن، ويصبحن مثل اللقالق، فمن يأخذهن إلى المستشفى؟ ومن يدفنهن إذا توفين؟”.

كذلك انتقد ما وصفه بالتدخل في الحياة الزوجية للأسر، محذراً من “إفساد العلاقة بين الأزواج”، وأضاف: “هؤلاء حزب الشيطان، يدخلون بين الزوجين ليفسدوا ما بينهما”.