أين كانت الحكومة صاحبة مشروع قانون الإيجار القديم من الاقتراحات المقدمة من السادة نواب الشعب، ولجان الحوار المجتمعي لتعديله بدلاً من تمريره اعتمادًا على حزب الأغلبية؟! ولماذا تجاهلت كل الآراء المعارضة وأصرت على إصدار قانون يمس حقًّا دستوريًّا أساسيًّا للمواطن ألا وهو حقه في مسكن آمن؟! وتغاضت عن عدم وجود تقارير احصائية دقيقة للمنتفعين بنظام الإيجار القديم توضح المستوى الاجتماعي والاقتصادي لهم!! ولماذا لم يتم تكليف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بذلك قبل الشروع في إصدار قوانين تزيد من صعوبة المعيشة للمواطن محدود الدخل؟!

ما السر وراء تجاوز الحكومة للرأي- الأكثر قربًا للمنطق- المطالب برفع القيمة الإيجارية وفقًا لضوابط قانونية محددة تضمن حق طرفي العلاقة الإيجارية مع استبعاد فكرة طرد المستأجر، وإصرارها على إنهاء العقود القديمة، وتنفيذ الطرد بالتعميم على جميع الحالات وبالرغم من طرح اقتراحات بتسليم العين المؤجرة لمالكها إذا كان المستأجر مالكًا لمسكن آخر، أو تاركًا العين فارغة، ومغلقة لسنوات طويلة دون الاستفادة منها، أو بانتهاء الجيل الأول من ورثة المستأجر الأصلي؟!

لماذا لم تقم الحكومة بدورها في تعويض أصحاب العقارات القديمة، ونزع ملكيتها لصالح سكانها تحقيقًا للمصلحة العامة، ودعمًا للطبقات الكادحة، وحفاظًا على ثبات المجتمع المصري بدلاً من إطلاقها وعودًا يصعب تنفيذها بشأن توفير مساكن بديلة للمطرودين من منازلهم؟! ألم يكن من الأسهل، والأقل تكلفة أن تحل محل الملاك مقابل تعويضات مناسبة لهم، وتتولى إدارة العقارات، وتتقاضى الإيجارات بعد زيادتها زيادة عادلة!!!

للأسف، أصرت الحكومة على تهديد استقرار الأسر المصرية، وانصاع حزب الأغلبية، وتعامى جميعهم عن الآثار الكارثية المتوقعة، ولم تبال الحكومة بالأمن الاجتماعي، وتناست أن دورها الأساسي هو ضمان الاستقرار المجتمعي، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء فنزعت فتيل قنبلة ستنفجر إذا لم يتم وقف هذا القانون المريب الذي أفسح المجال للكثير من التكهنات بشأن دوافعه!!