البتراء: المدينة الوردية المنحوتة في قلب الصخر - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البتراء: المدينة الوردية المنحوتة في قلب الصخر - بوابة الكويت, اليوم الأحد 13 يوليو 2025 04:08 مساءً

بوابة الكويت - في صحراء جنوب الأردن، تختبئ واحدة من أعظم عجائب العالم القديم، مدينة البتراء، تلك المدينة التي نحتها الأنباط قبل أكثر من ألفي عام في صخور وردية اللون، لتكون شاهدة على براعة معمارية فريدة وتاريخ غني بالإبداع والتجارة والثقافة. الزائر للبتراء لا يدخل مجرد موقع أثري، بل يسافر عبر الزمن إلى حضارة ازدهرت في قلب الصحراء وخلّدت وجودها في الجبال.

البتراء ليست فقط من مواقع التراث العالمي المدرجة لدى اليونسكو، بل هي أيضًا أحد عجائب الدنيا السبع الجديدة. وقد بقيت لقرون طويلة مجهولة للعالم الخارجي، حتى أعاد اكتشافها المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بوركهارت عام 1812. ومنذ ذلك الحين، أصبحت مقصدًا للباحثين عن التاريخ والعظمة والدهشة.

الطريق إلى الخزنة: ممر السيق المذهل

يبدأ معظم الزوار رحلتهم إلى البتراء عبر "السيق"، وهو ممر ضيق وطويل يمتد لنحو 1.2 كيلومتر بين جدران صخرية شاهقة. هذا الطريق ليس مجرد ممشى، بل مقدمة درامية تُمهد لانكشاف أعظم معالم البتراء. وعلى امتداد السيق، تظهر بقايا منحوتات ونقوش نبطية قديمة، وقنوات المياه التي تدل على مدى براعة الأنباط في إدارة الموارد الطبيعية.

وعندما تقترب من نهاية السيق، تظهر "الخزنة" فجأة أمام عينيك، مشهد مهيب لا ينسى. إنها تحفة معمارية نُحتت في واجهة صخرية شاهقة، ويعتقد أنها كانت مقبرة ملكية أو معبدًا. ارتفاعها يبلغ حوالي 40 مترًا، وزُيّنت بتماثيل وأعمدة وتفاصيل نحتية دقيقة، لتكون رمزًا للبتراء وللعبقرية المعمارية النبطية.

استكشاف المعابد والمقابر والمرتفعات

لكن الخزنة ليست سوى البداية. فالبتراء تمتد على مساحة واسعة وتضم عشرات المعالم الأخرى التي لا تقل روعة، مثل "المدرج الروماني"، و"شارع الأعمدة"، و"قصر البنت"، و"الدير" الذي يتطلب صعود نحو 800 درجة للوصول إليه، لكنه يُكافئ الزائر بمنظر بانورامي خلاب للجبال والوديان المحيطة.

تمنحك هذه الجولة بين المعابد والمقابر شعورًا بأنك تمشي في مدينة حية، كانت يومًا ما ملتقى القوافل التجارية القادمة من الشرق والغرب، ومنتدى ثقافيًا كبيرًا. كل زاوية في البتراء تروي حكاية عن شعب اتقن فن العمارة، وعاش متصالحًا مع تضاريسه الصخرية الصعبة، بل واستغلها لبناء حضارة لا تزال تبهر العالم حتى اليوم.

تجربة ثقافية وطبيعية متكاملة

زيارة البتراء ليست مجرد رحلة تاريخية، بل تجربة ثقافية وطبيعية شاملة. يمكن للزائرين التفاعل مع السكان المحليين من البدو الذين يعيشون في محيط الموقع، ويمارسون حياتهم اليومية بين الجبال والوديان، ويعرضون الحرف اليدوية التقليدية مثل الفخار والنسيج والسيراميك.

كما أن التوقيت يلعب دورًا كبيرًا في تعزيز التجربة، فزيارة البتراء عند شروق الشمس أو غروبها تضفي ألوانًا ساحرة على الصخور الوردية، بينما يُقدَّم في بعض الليالي عرض "البتراء ليلاً"، حيث تُضاء الخزنة بأكثر من 1500 شمعة وسط أجواء موسيقية وروحانية فريدة.

البتراء ليست فقط وجهة سياحية، بل رحلة داخل حضارة ناطقة بالصخر، وشهادة على إبداع الإنسان في التكيّف مع بيئته وتحويلها إلى عمل فني خالد. ومن يزور البتراء مرة، يعود محمّلاً بروح المغامرة والانبهار، وكأنها مدينة لا تنتمي إلى زمننا، بل إلى ذاكرة العالم بأسره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق