بوابة الكويت - عندما نفكر في المطارات، غالبًا ما نتخيل مباني ضخمة ذات تصميم عصري ومدارج طويلة تمتد في أفق مفتوح، لكن في بعض بقاع العالم، خرجت هندسة الطيران عن المألوف، لتنتج مطارات ذات مواقع غريبة ومدارج غير تقليدية، تجعل من الهبوط والإقلاع مغامرة بحد ذاتها. هذه المطارات لا تُدهش فقط بطبيعتها الجغرافية، بل تروي أيضًا قصصًا عن التكيف البشري مع البيئة، وعن التحدي والإبداع في خدمة الطيران المدني والسياحي.

بعض هذه المطارات شُيّد في قلب الجبال، وأخرى على جزر ضيقة بالكاد تتسع لطائرة، بينما يمر بعضها وسط طرقات يستخدمها الناس يوميًا. ورغم غرابتها، فإنها تعمل بكفاءة، وتخدم آلاف الركاب كل عام، لتضيف إلى رحلتهم بداية أو نهاية لا تُنسى.

مطار بارو – بوتان: طيران بين القمم

يُعتبر مطار بارو الدولي في مملكة بوتان من أخطر وأغرب المطارات في العالم، نظرًا لموقعه الجبلي الصعب. يقع المطار على ارتفاع أكثر من 2200 متر فوق سطح البحر، ويحيط به عدد من القمم التي يصل ارتفاعها إلى 5000 متر، ما يجعل الهبوط تحديًا حقيقيًا لا يُسمح إلا لقلة قليلة من الطيارين المدربين تدريبًا خاصًا.

ما يزيد من إثارة المكان أن المدرج ضيق نسبيًا ومحاط بتضاريس وعرة، ويُجبر الطيارين على الالتفاف بين الجبال قبل الاقتراب النهائي. لكن مقابل هذه المخاطرة، يحظى المسافر بمشهد بانورامي مذهل لجبال الهيمالايا والمعابد البوذية المنتشرة على التلال، ليكون الهبوط في بارو تجربة تجمع بين الرهبة والجمال في آنٍ واحد.

مطار خوانشو إي. يراوسكوين – جزيرة سابا

في جزيرة سابا الكاريبية التابعة لهولندا، يوجد أقصر مدرج تجاري في العالم بطول لا يتجاوز 400 متر، في مطار خوانشو إي. يراوسكوين. هذا المدرج القصير جدًا محفوف من جهة بالجبال، ومن الجهتين الأخريين بمنحدرات تنتهي مباشرة في المحيط، ما يعني أن أي خطأ بسيط في الهبوط أو الإقلاع قد يؤدي إلى نتائج خطيرة.

ورغم هذه التحديات، فإن المطار يخدم الجزيرة بانتظام عبر طائرات صغيرة مخصصة للهبوط في هذا النوع من المدارج. ويمنح الركاب مشهدًا فريدًا للجزيرة المحاطة بالشعاب المرجانية والمياه الفيروزية، لتكون الرحلة إليه جزءًا أساسيًا من تجربة استكشاف الجزيرة نفسها.

مطار جبل طارق: المدرج الذي يقطع الطريق

أحد أكثر المطارات غرابة من حيث التصميم والموقع هو مطار جبل طارق، حيث يمر المدرج الرئيسي مباشرة عبر طريق السيارات الرئيسي في المدينة. عند إقلاع أو هبوط الطائرات، يتم إغلاق الطريق تمامًا، تمامًا كما تغلق إشارات المرور عند معابر السكك الحديدية، مما يجعل المشهد اليومي للمواطنين والسياح غير اعتيادي على الإطلاق.

هذا التداخل بين حركة المرور الجوية والبرية يجعل من مطار جبل طارق مثالًا مدهشًا للتكيف الحضري. ورغم بساطة حجمه، فإن المطار يتمتع بموقع استراتيجي بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، ويوفّر إطلالة فريدة على صخرة جبل طارق الشهيرة.

في النهاية، تشكل هذه المطارات جزءًا من عالم الطيران الذي لا يتوقف عن إدهاشنا. إنها ليست مجرد بوابات عبور، بل تجارب قائمة بحد ذاتها، تنقلنا إلى أماكن جديدة ليس فقط جغرافيًا، بل نفسيًا ومفاهيميًا أيضًا. وبين مدارج تحفها الجبال، أو تحيط بها مياه لا تنتهي، يبقى السفر من خلالها مغامرة لا تنسى، تبدأ قبل أن تُقلع الطائرة أو بعد لحظات من هبوطها.