بوابة الكويت - المهارة وحدها لا تصنع المجد في عالم كرة القدم، فهناك عوامل عدة تشكّل ملامح النجاح، وعلى رأسها العقلية. وكم من لاعب امتلك موهبة مميزة، لكنه عجز عن تحقيق إنجاز يُذكر؟ والسبب ببساطة: عقلية لم تكن على مستوى الإمكانات.

يُعد ليونيل ميسي أحد أبرز الأمثلة على أهمية العقلية في صوغ المسيرة الكروية. الأسطورة الأرجنتينية التي يكاد أن يُجمع الجميع على مكانته كأفضل من لامس الكرة عبر التاريخ، لم يُعرف بقدراته الفنية الفذة فحسب، بل تميز بعقلية استثنائية وجّهت تلك القدرات نحو القمة. "البرغوث" لم يكن مجرّد لاعب يُمتع الجماهير، بل كان لاعباً يعرف ماذا يريد، ومتى، وكيف؟

إدارة ميسي لموهبته كانت مثالاً في الذكاء والتخطيط، وهي التي جعلته يقترب اليوم من أن يكون الهداف التاريخي الأول في عالم الكرة، من دون أن يأتي هذا الإنجاز من فراغ، بل من مسيرة نُسجت بخيوط من الطموح، والنضج، والاحتراف الحقيقي.

منذ ظهوره الأول بقميص برشلونة، كانت موهبته واضحة، لكن ما جعله يختلف عن غيره هو استمراريته وقدرته على التطوّر المستمر، حتى أصبح رمزاً للنجاح في كرة القدم الحديثة. مع برشلونة، حقق كل الألقاب الممكنة، جماعية كانت أم فردية، وبنى إرثاً يصعب تكراره. وعندما حان وقت المغادرة، اختار التحدي الأوروبي مع باريس سان جيرمان، وفي الوقت ذاته ركز على هدف طال انتظاره، وهو التتويج مع منتخب بلاده.

رغم أنّ الفريق الباريسي لم يكن بالحدة التنافسية التي عرفها ميسي مع برشلونة، إلا أنه استغل تلك المرحلة بذكاء، وحافظ على مستواه الفني وقوته البدينة، فحقق ما كان ينقص خزائنه، وهو التتويج مع منتخب بلاده بكل الألقاب الممكنة؛ كوبا أميركا 2021 و2024، كأس الأبطال 2022 "الفيناليسيما"، كأس العالم 2022. ثلاثة ألقاب قلبت موازين المقارنة في كرة القدم، وأغلقت باب الجدل حول مكانته في التاريخ.

ومع تقدمه في العمر، كان قراره الانتقال إلى إنتر ميامي مدروساً بحيث ابتعد من صخب أوروبا ليحافظ على شغفه، ويستمتع بكرة القدم من دون ضغوط، ويكتب فصلاً جديداً في قارة مختلفة.

ما وصل إليه ميسي في مسيرته، وما حققه من ألقاب وتفوقه على الأساطين الكبار، ليس فقط نتاج موهبة نادرة، بل انعكاس لعبقرية ذهنية عرفت كيف تسير في طريق النجاح بثبات في الملاعب.