أنغكور وات عند الفجر: مغامرة في قلب كمبوديا - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أنغكور وات عند الفجر: مغامرة في قلب كمبوديا - بوابة الكويت, اليوم السبت 12 يوليو 2025 10:48 صباحاً

بوابة الكويت - في قلب كمبوديا، وسط الغابات الاستوائية الكثيفة والهدوء العميق، تقف أنغكور وات كرمز خالد لحضارة الخمير القديمة، ومعجزة معمارية لا تزال تبهر كل من تطأ قدماه أرضها. ورغم أن هذا المعبد الشهير يجذب الزوار على مدار اليوم، إلا أن لحظة شروق الشمس خلف أبراجه الحجرية تظل التجربة الأجمل والأكثر سحرًا، إذ يتحوّل المكان إلى مسرح سماوي تصمت فيه الكلمات، وتتكلم فيه الأضواء.

قبل الفجر، يتوافد الزائرون بصمت، بعضهم يأتون سيرًا على الأقدام، وآخرون بالدراجات أو التوك توك، يتجهون نحو البحيرة الأمامية التي تعكس صورة المعبد كمرآة ناعمة. هناك، في عتمة ما قبل الضوء، تختلط أصوات الطبيعة بأنفاس المسافرين المتحمسين، وتتشكل حالة من الترقب الصامت، وكأن الجميع في انتظار إعلان من السماء.

ولادة الضوء خلف المعابد

حين يبدأ الفجر في الانبلاج، يختلط لون السماء من الأزرق الحالك إلى درجات البنفسجي والبرتقالي، ثم تنساب خيوط الشمس الأولى خلف الأبراج الحجرية الرمزية لأنغكور وات، مكونة لوحة خلابة من الضوء والظل. انعكاس المعبد في الماء يجعل المشهد أكثر سحرًا، وكأنك ترى معبدًا في السماء لا على الأرض. هذا التوازن المدهش بين الضوء والحجر والماء والطبيعة، هو ما يجعل لحظة الشروق في أنغكور وات واحدة من أكثر لحظات السفر شاعرية وروعة.

الهدوء الذي يسود المكان لا يشبه أي لحظة أخرى في اليوم، فالضوء في هذه الدقائق الأولى لا يفضح التفاصيل، بل يكتفي بإبراز الخطوط العامة للمعبد، ليمنحه هيبة مهيبة تتجاوز قدرات الهندسة. إنها لحظة روحانية بامتياز، لا تحتاج فيها إلى فهم تاريخ المعمار أو الدين، فقط تحتاج إلى قلب مفتوح ونفس هادئة تتأمل روعة الكون.

تحفة الخمير الخالدة

أنغكور وات ليس فقط مكانًا جميلًا عند شروق الشمس، بل هو أضخم نصب ديني في العالم، بني في القرن الثاني عشر كمعلم هندوسي مكرّس للإله فيشنو، ثم تحوّل لاحقًا إلى معبد بوذي، وما زال حتى اليوم موقعًا مقدسًا ونشطًا للعبادة. يُظهر المعبد مزيجًا فريدًا من العمارة الكلاسيكية للخمير، ويحتوي على ممرات طويلة، ونقوش دقيقة على الجدران تروي قصصًا من الأساطير الهندوسية والبوذية، نُحتت بأيدٍ مهرة لا تعرف الكلل.

المعبد يتكون من ثلاثة مستويات ترتفع تدريجيًا، تمثل مراحل التنوير الروحي، ويُتوَّج بخمسة أبراج مركزية ترمز إلى جبال الميرو، مركز الكون في الميثولوجيا الهندوسية. كل حجر هنا تم وضعه لغاية، وكل زاوية بنيت بانسجام تام مع حركة الشمس والنجوم، ما يضيف إلى تجربة الشروق عمقًا رمزيًا وروحيًا.

لحظة تتجاوز الصورة

رغم أن الكثيرين يحرصون على التقاط الصور الفوتوغرافية لهذه اللحظة، إلا أن جمالها الحقيقي لا يُحصر في الصورة. إنها تجربة حية، صوت الضفادع في المياه، ورائحة النباتات المبللة بالندى، وهمسات الريح في أوراق الأشجار المحيطة، كلها تضيف طبقات من الإحساس لا توثقها العدسات. بعد شروق الشمس، يمكن للزائر أن يبدأ جولة استكشافية في أرجاء أنغكور وات، بعيدًا عن الزحام، وهو يحمل بداخله هدوءًا خاصًا تمنحه لحظة الفجر.

مشاهدة شروق الشمس في أنغكور وات ليست مجرد نشاط سياحي، بل تجربة تمسّ الروح وتضعك وجهًا لوجه أمام عظمة الإنسان والطبيعة والتاريخ. هي لحظة صافية تختصر آلاف السنين من الحضارة، وتُشعرك بأنك كنت شاهدًا على ولادة جديدة في معبد لا يعرف الموت، بل ينهض كل يوم مع الشمس، ليحكي قصته من جديد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق