بزشكيان... الرقص بين الشيطانين - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بزشكيان... الرقص بين الشيطانين - بوابة الكويت, اليوم الخميس 10 يوليو 2025 04:07 صباحاً

بوابة الكويت - يشكو الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للصحافي الأميركي تاكر كارلسون خديعة نفذها الأميركيون ضد إيران. يشكو الأمر إلى إعلامي مناصر للرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن أعمدة تيار "لنجعل أميركا عظيمة من جديد" MAGA، وهو تيار يعارض انخراط الولايات المتحدة في حروب الخارج. وما دام الكلام يجرّ الكلام، فإن بزشكيان يُسرّ لمحدثه من واشنطن أن المرشد علي خامنئي لا يمانع دخول الاستثمارات الأميركية إلى إيران بل يرحّب بها.

في سيرة الشكوى يضيف بزشكيان إلى شكواه أن إسرائيل قد حاولت اغتياله. بدا في تلك المقابلة أن الرئيس الإيراني يروي للمشاهد الأميركي متظلماً ما تفعله إسرائيل ببلاده. يقوم بذلك وهو يعرف أن إسرائيل شنّت حربها الأخيرة على إيران على مدى 12 يوماً مستخدمة أسلحة أميركية الصنع، ولم يتوقف جسر جوي أميركي عن تزويد إسرائيل بها قبل وخلال وبعد تلك الحرب، فضلاً عن أن الحرب الإسرائيلية تلك لم تجرِ إلا بترخيص أميركي، ولم تنته إلا بقرار أميركي، بعد ساعات من إلقاء مقاتلات وغواصات أميركية استراتيجية عشرات من "أم القنابل" والصواريخ العابرة للقارات على منشآت نووية إيرانية استراتيجية.

تودِعُ إيران شكواها لدى "الشيطان الأكبر". تتودّد له. تغريه بتريليونات من الاستثمارات يبيحها الوليّ الفقيه. ارتضت طهران تطبيع الوصل مع ذلك الشيطان وإبقاء سقف الحرد عالياً مع "الشيطان الأصغر". انهارت فكرة العداء لـ"الاستكبار" وهي مفصل عقائدي لوجود الجمهورية الإسلامية وأحد مبرّرات بقائها وتمدّدها. يقوم بزشكيان بالدور الذي رُسم له حين تمت هندسة انتخابه رئيساً في تموز/ يوليو 2024. كُلف الرجل بطرق أبواب العودة للتفاوض، حتى مع إدارة ترامب الثانية، على الرغم من أن خامنئي كاد يُقسم برفض التعامل مع الأميركي الذي "خان" اتفاق فيينا لعام 2015 وسحب بلاده من تلك الصفقة عام 2018.

انتهك ترامب محرّماً لم تعرفه إيران منذ قيام جمهورية الخميني عام 1979. ولئن نقل "طوفان الأقصى" حروب إيران بالوكالة إلى حضن الجمهورية الإسلامية، فإن الرئيس الأميركي "ارتكب" سابقة لجوء الولايات المتحدة إلى الخيار العسكري المباشر، وهو ما برح لا يستبعد احتمال تكرارها إذا ما احتاج الأمر ذلك.


بدا لوهلة أن مناعة الجمهورية الإسلامية خلال 46 عاماً كانت رهن ابتعاد "الشيطان الأكبر" عن التعامل الفظّ المباشر مع إيران. وبدا أن سياسة حافة الهاوية التي لطالما مارستها طهران بمهارة وأصبحت مدرستها في العلاقات الدولية، ذهبت إلى غلوّ، وربما إلى انتفاخ ثقة بالنفس، جرّت الذئب الكبير إلى التكشير عن أنيابه.

يُخيّل أن مظالم بزشكيان وتطوّعه بالودّ وإبداء الذهول من "ظلم ذوي القربى" تهدف إلى إعادة ترميم المعادلة الأساس: ما دامت مخالب "الشيطان الأكبر" بعيدة، فإن الجمهورية وحرسها ووليّها وربما محورها بألف خير. صحيح أن في مناورة الرئيس الإيراني ما يُظهر، وربما عن قصد، ضعفاً وتصدّعاً في الخطاب الرسمي المعهود، غير أن في ذلك التكتيك مخاطرة أن تستنج واشنطن ذلك الضعف فترفع من منسوب ضغوطها، فضلاً عن أن العالم تغيّر، وقد لا تجد طهران في واشنطن من يرقّ قلبه لشكوى الشاكي على أبوابها.

تقديم بزشكيان أوراق اعتماد بلاده الجديدة من خلال منبر أميركي "ترامبي" هو من عدّة الشغل التي ترسم طريق العودة إلى المفاوضات. كانت شروط واشنطن حازمة قبل أن تغتال الحرب الأخيرة الجلسة السادسة من المفاوضات، وتعرف طهران أن الشروط ستكون أكثر حزماً بعدما ألقت واشنطن حمماً على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان.

الأرجح أن الإدارة في واشنطن أصغت إلى مطالعة بزشكيان وشكواه. والأرجح أيضاً أن الرئيس الإيراني استنتج من قمّة ترامب-نتنياهو أن الشياطين على أشكالها تقع، وأن مراقصة الشياطين حرفة محفوفة بالمخاطر، وأن تحريض الشيطان الأكبر على الأصغر من أعراض غشاوة في قراءة هذا العالم. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق