بوابة الكويت - أسدلت محكمة جنايات شبين الكوم بمحافظة المنوفية، اليوم الثلاثاء، الستار على واحدة من أكثر القضايا إثارة للغضب الشعبي، بإصدار حكمها في فاجعة "حادث الطريق الإقليمي"، الذي راح ضحيته 19 مواطنًا وأصيب 3 آخرون، معظمهم من الفتيات العاملات، بعد أن دهستهم سيارة نقل ضخمة "تريلا" كانت تسير عكس الاتجاه.

وقضت المحكمة بالسجن المشدد 15 عامًا لسائق التريلا، وتغريمه مبلغ 50 ألف جنيه، كما عاقبت مالك السيارة بالسجن لمدة 5 سنوات، في جلسة شهدت حضورًا كثيفًا من أهالي الضحايا الذين بدت عليهم علامات الانكسار والمرارة، وتخللها لحظات بكاء مؤثرة وهتافات تطالب بالعدالة والقصاص.

مشاهد مؤلمة على أبواب المحكمة

توافدت أسر الضحايا منذ الساعات الأولى من الصباح إلى مقر المحكمة في شبين الكوم، وهم يحملون صور أبنائهم وبناتهم، في محاولة لاستعادة بعض من كرامة فقدوها مع رحيل أحبائهم في واحدة من أبشع الحوادث المرورية التي شهدتها المحافظة. سادت حالة من الحزن المخيم، ولم يتمالك العديد منهم أنفسهم مع بدء الجلسة، حيث تعالت أصوات البكاء والأنين على فراق من رحلوا دون وداع.

قال أحد أقارب الضحايا: "بناتنا كانوا راجعين من شغلهم.. مش راجعين من ساحة حرب. ذنبهم إيه؟"، فيما أضاف آخر: "القانون قال كلمته.. بس إحنا عايزين التنفيذ بأقصى سرعة".

تفاصيل الواقعة

الحادث، الذي وقع على الطريق الإقليمي، جذب اهتمامًا واسعًا من الرأي العام، بعدما تبين أن سائق التريلا كان يقود السيارة الضخمة تحت تأثير مخدرَي الحشيش والميثامفيتامين، وبلا رخصة قيادة صالحة، وقرر بشكل جنوني أن يسير عكس الاتجاه بسرعة مروعة، ليصطدم مباشرة بسيارة ميكروباص كانت تقل العاملات.

النيابة العامة، التي باشرت التحقيقات منذ اللحظة الأولى، أكدت في قرار الإحالة أن السائق ارتكب جريمة القتل الخطأ الناتجة عن الإهمال الجسيم، مضيفة أنه تسبب في إزهاق أرواح الضحايا بسبب قيادته وهو تحت تأثير المخدرات، كما حمّلت مالك السيارة المسؤولية الجنائية لسماحه لهذا السائق بقيادة السيارة دون التأكد من قانونية أوراقه أو حالته الصحية.

تفاصيل الجلسة والحكم

شهدت الجلسة مرافعات قانونية ساخنة، حاول خلالها دفاع السائق الدفع بأن الحادث لم يكن متعمدًا، بل جاء نتيجة "فقدان السيطرة"، إلا أن الأدلة الفنية وتقارير الطب الشرعي وتحاليل المخدرات قطعت الشك باليقين، وثبت أن السائق تعاطى المخدرات قبيل الحادث مباشرة.

المحكمة برئاسة المستشار أسامة الحلواني، قضت بعد مداولة المرافعات بإدانة السائق ومعاقبته بالسجن المشدد 15 عامًا، وتغريمه 50 ألف جنيه، فيما أصدرت حكمًا بالسجن لمدة 5 سنوات بحق مالك السيارة، بتهمة الإهمال الجسيم ومخالفة أحكام المرور.

ردود الأفعال

أعرب أهالي الضحايا عن رضاهم بالحكم، مؤكدين أن القضاء المصري لا يخذل المظلوم، واعتبروا الحكم خطوة على طريق تحقيق العدالة، وإن كانوا ينتظرون تنفيذ العقوبة كرسالة رادعة لكل من يستهين بأرواح الأبرياء على الطرق.

فيما قال أحد المحامين المدافعين عن أسر الضحايا: "الحكم جاء ليؤكد أن الدولة لن تتهاون في قضايا القتل الناتج عن الإهمال والتهور، خصوصًا حين تكون النتيجة إزهاق أرواح بريئة كانت تسعى وراء لقمة العيش".