نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اتفاق جدة بين لبنان وسوريا: تعاون أمني فعّال بانتظار الترسيم السيادي - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 06:24 صباحاً
ما تحقق حتى الآن يتركز بشكل واضح في الشق الأمني من الاتفاق. فقد أُعلن عن تشكيل غرف عمليات مشتركة على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، بمشاركة مباشرة من ضباط في الجيشين، من أجل التصدي لموجات التهريب المنظم، وضبط خطوط العبور غير الشرعية، وتبادل المعلومات حول المجموعات المسلحة والخلايا الإجرامية التي تنشط في المناطق الحدودية الوعرة.
مصادر أمنية وصفت هذا التعاون بأنه "واقعي وفعّال"، مؤكدة أن الحدود الشمالية والبقاعية شهدت منذ نيسان انخفاضاً ملحوظاً في عمليات التهريب، وتراجعاً في حوادث الاشتباك بين عناصر الأمن والمجموعات المسلحة.
وتكشف المصادر عن "تنسيقً يوميً مباشرً" يتم عبر خطوط اتصال عسكرية، وهو ما كان مفقوداً سابقًا منذ ما بعد عام 2011.
وبحسب المصادر يبدو أنها الخطوة الوحيدة التي تحققت من الاتفاق حتى الآن. فعلى صعيد ترسيم الحدود – وهو البند الأكثر حساسية في اتفاق جدة – لم يتحقق أي تقدم ملموس حتى اليوم. فبالرغم من تشكيل لجنة تقنية مشتركة، لم تنطلق حتى الآن ورشة العمل الميدانية لرسم الحدود البرية بين البلدين.
تعزو مصادر مطّلعة هذا التأخير إلى "تعقيدات داخلية لدى الجانب السوري، وغياب الإرادة السياسية الحاسمة في دمشق"، إضافة إلى "الارتباط العميق لبعض المناطق الحدودية بمصالح قوى غير رسمية"، فهناك العصابات السورية وجماعة التهريب من الناحية السورية بالإضافة الى "حزب الله" من الجانب اللبناني، مشيرة إلى أي تقدم في هذا الملف يتطلب "قراراً سيادياً واضحاً من دمشق"، قد لا يكون متوفراً في المدى المنظور، خاصة في ظل التجاذبات الإقليمية المستمرة، وارتباط الملف برهانات دولية تتجاوز طبيعته الثنائية.
الوقائع حتى الآن تشير إلى أن اتفاق جدة هو ترتيب أمني ناجح، لكنه لا يرقى إلى مستوى اتفاق شامل يعيد تعريف العلاقة بين الدولتين على أسس دبلوماسية وسيادية. لا تزال الملفات السياسية والاقتصادية الكبرى من بينها مسألة النازحين السوريين، والمفقودين اللبنانيين والتبادل التجاري، والتمثيل الدبلوماسي الكامل – خارج إطار التنفيذ العملي، ولا يبدو أن هناك نية حقيقية للقيام به في المدى المنظور.
حتى اللحظة، لا يبدو أن هناك مساراً متكاملاً يجمع بين التقدم الأمني والتفاهم السياسي. بل يمكن القول إن ما تحقق حتى الآن يمثل أرضية ميدانية قابلة للبناء عليها، لكن دون أوهام كبيرة حول حصول "انفراج شامل" في المدى القريب.
في المحصلة يمكن اعتبار اتفاق جدة محطة مفصلية في إعادة ترتيب العلاقة اللبنانية – السورية، لكنه لا يزال في طور الاختبار. فبينما ينجح الجيشان اللبناني والسوري في ضبط الحدود ومنع التدهور الأمني، تبقى الملفات السيادية والسياسية الكبرى مؤجلة، تنتظر إرادة فعلية، وغطاءً إقليمياً متماسكاً، وتفاهماً داخلياً لم يتبلور بعد في كلا البلدين.
0 تعليق