القانون ضامنُ الشعائر في دولِ الخليج العربي! - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
القانون ضامنُ الشعائر في دولِ الخليج العربي! - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 7 يوليو 2025 05:14 صباحاً

بوابة الكويت - موسم عاشوراء في دول مجلس التعاون الخليجي كان واضحاً فيه، هذا العام، حسنُ التنظيم، والتعاون بين الجهات الحكومية والقائمين على المآتم والمساجد، والتزام المواطنين الضوابط التي تم تحديدها مسبقاً؛ وهي اشتراطات لا يرادُ منها الحدُّ من ممارسة الشعائر الحسينية والحريات الدينية إنما حفظ النظام العام، وتوفير بيئة آمنة، تقامُ فيها مجالس الوعظ والندب، بكلٍ يسرٍ، من دون أن يعكّر صفوها شيء، أو أن تستغلها أيُ جهةٍ بهدف "التسييس" والتحشيد أو ترويج الخطابات المذهبية والراديكالية!

إن الكلمة المفتاحية لنجاح مراسم عاشوراء في الخليج العربي هي "القانون"، لأنه هو الحامي والناظم والضامن لحقوق المواطنين، وهو المرجعية التي يحتكم إليها الجميع باختلاف مدارسهم الفكرية.

ثم هناك الوعي المتنامي يوماً بعد آخر لدى المواطنين بأهمية احترام القانون، وبأنه جاء خدمة لهم، وبما يحقق مصالحهم، ويصون المجال العام من أي خروق أو خلل؛ هذا الوعي المتنامي هو حجر زاوية في التكامل بين المؤسسات الرسمية والمواطنين أثناء موسم المحرم، لأن القوانين - على أهميتها - تحتاج إلى من يطبقها ويتفاعل معها بكياسة، وأن تكون بينه وبينها صلةٌ ليست مبينة فقط على التزامها نتيجة مهابة النظام، وإنما فهمه، وإدراك أنه جاء من أجل المصلحة العامة.

من خلال مشاهداتي هذا العام، وفي محافظة القطيف، شرقي السعودية، وجدت أن هنالك سعةً في إقامة الشعائر، وعدداً متنامياً في المجالس التي تحيي المناسبة؛ وهي رغم كثرتها، تميز إحياؤها بانسيابية واضحة في حركة الناس بين الحسينيات المختلفة، وبتقيّد بالاشتراطات التي تم الإعلان عنها مسبقاً، فانعكس ذلك إيجاباً بشكل واضح على: حركة السيارات، النظافة العامة، الهدوء وعدم الإزعاج، الطرق المفتوحة وعدم إغلاقها، وسط حضور ملحوظٍ لرجال الأمن الذين يقومون بدورهم بيقظة عالية، رغم درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف!

بقية دول مجلس التعاون الخليجي هي الأخرى اتسمت "عاشوراء" فيها بالتنظيم المتقن؛ وبعض الحكومات اتخذت اجراءات احتياطية أكثر تشدداً من العام السابق، وذلك أمرٌ طبيعي ومفهوم في سياق التوترات الأمنية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بعد الحرب الإسرائلية – الإيرانية، واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.

هذه الإجراءات الاحترازية أمنياً، التي اتخذتها الدول الخليجية، الهدف منها حماية المجتمعات من أي ارتدادات سلبية نتيجة الحروب التي شهدتها وتشهدها المنطقة، لأن ما يمر به الشرق الأوسط هو تغيرات بنيوية شديدة الخطر؛ ولذا فإن حماية كيان الدولة والوحدة الوطنية متطلبات رئيسة لا يمكن التهاون حيالها.

إدراك خطوة المرحلة السياسية والأمنية في الإقليم جعل المواطنين في الخليج العربي أكثر وعياً بأن الأمن والأمان مكتسباتٌ مهمةٌ يجب الحفاظ عليها، وبأن ممارستهم حرياتهم الاجتماعية والثقافية وإقامة الشعائر يجب أن تكون ضمن هذا الإطار، الذي لا يمنعُهم من التعبير عن معتقداتهم الخاصة، ويكون في الوقت نفسه عبر خطاب رشيدٍ ومسؤول، بعيد عن الطائفية والكراهية، ويظهر التنوع الثقافي بوصفه عنصر قوة لا ضعفاً!


إن الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي تمتاز بالقرب من وجدان شعوبها، وهي تتفهم التنوع المذهبي القائم، ولا تسعى لأن تشطب أي مجموعة من المواطنين، بل تعمل على تحقيق العدالة وترسيخ المواطنة؛ وكل هذه الجهود المتراكمة منذ سنواتٍ، هي بهدف تنظيم المجال العام، وترشيد الخطاب الديني، وتحرير المنابر من الوعاظ المتشددين - أياً كانت طائفتهم – والحد من خطابات المتشددين؛ وهي خطوات تصحيحية من أجل تحقيق الرفاهية والتنمية والحياة الكريمة التي يريدها المواطنون، ويسعون لها.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق