بوابة الكويت - لم يكن هناك حدثٌ مفصليّ دفع خبيرة المظهر السعودية دارين مدني إلى قلب حياتها رأساً على عقب. بل كان الأمر أشبه بحلم قديم يرافقها منذ سنوات طويلة، يسكنها بصمت ويضيء داخلها بصوت خافت. سؤال ظلّ يتردّد في أعماقها: متى تبدأ الخطوة الأولى نحو الشغف؟ 

تقول دارين لـ"النهار": "كنت في وظيفة مستقرة داخل القطاع المصرفي، لكن شيئاً بداخلي كان يخبرني بأنّ هناك مكانًا آخر ينبغي أن أكون فيه. لم يكن القرار سهلاً. الخوف من المجهول كان حاضراً بقوّة: ماذا ينتظرني؟ هل سينجح الأمر؟ هل سأتمكن من إثبات نفسي؟".

رغم ذلك، كانت تؤمن بشيء واحد: "طالما هناك شغف حقيقي وجديّة وتفانٍ، لا بدّ أن أصل". وهكذا خطت أولى خطواتها نحو عالم الموضة، لتصبح اليوم خبيرة مظهر تحمل رسالة تسعى إلى إيصالها لكل امرأة تبحث عن ذاتها.

تنسيق المظهر علم

تؤمن دارين بأنّ المرأة الخليجية باتت أكثر وعياً وذكاءً في ما يتعلّق بالموضة. وتقول: "اليوم، النساء يفهمن معنى الـ"Styling"، ويعرفن كيف يخترن ملابسهن بعناية، وكيف ينسّقن الألوان حتى في اختيار العباءة أو الملابس اليومية".

وتشدّد على أنّ "تنسيق المظهر علمٌ بحد ذاته. ليس مجرّد ذوق أو موضة عابرة، بل عملية مدروسة تقوم على معرفة دقيقة بشكل الجسم، الألوان، والأقمشة، وكيفية المزج بينها لتحقيق الانسجام".

لكن، برأيها، لا يزال هناك عائق نفسي يقيّد الكثير من النساء: الخوف من نظرة الناس. "كثيرات يرغبن في تجربة إطلالة جديدة تعبّر عنهن، غير أنّ الخوف من الانتقاد أو أحكام الآخرين يمنعهن من التعبير عن أنفسهن بحرية".

وتتابع: "كثير من السيدات لا يعرفن شكل أجسامهن أو الألوان التي تليق بهن. حتى دمج القطع القديمة مع الجديدة بأسلوب عصري هو مهارة تحتاج إلى تعلم وثقة".

الستايلست السعودية دارين مدني (الصورة من دارين مدني)

الملكة رانيا نموذج للأناقة

بالنسبة لـ دارين: "الأناقة الحقيقية تبدأ من الداخل"، الملابس ليست مجرد مظهر خارجي، بل هي رسالة تعبّر عن الشخصية والهوية".

وتلفت: "حين تفهم المرأة ذاتها بصدق، يمكنها بناء أسلوب خاص بها يعكسها. وأؤمن بأنّ الاحتشام هو جوهر الأناقة. المرأة التي تحافظ على أنوثتها ورقيّها دون ابتذال هي التي تفرض احترامها".

الملكة رانيا والاميرة ايمان بنت عبدالله الثاني في حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز في البندقية (مواقع التواصل الاجتماعي)

وتستشهد بالملكة رانيا العبدالله كنموذج حيّ للأناقة المتزنة: "أناقة الملكة رانيا ليست فقط في مظهرها، بل في طريقة تعبيرها عن ذاتها، فهي مثال على أن الأناقة الحقيقية لا تتعارض مع الاحتشام". وتضيف: "حتى الأميرة رجوة الحسين والأميرة إيمان بنت عبدالله الثاني تقدّمان اليوم صورة مشرقة للمرأة العربية العصرية التي تجمع بين الاحتشام والرقيّ والبساطة. إطلالاتهما دائماً تعبّر عن ذوق رفيع وشخصية هادئة".

وتلفت إلى أنه "لا يمكن اتباع أي صيحة لمجرّد أنها رائجة. لا بدّ من التأكد أنّها تعبّر عني وعن قيمي ورسائلي".

الملكة رانيا والاميرة ايمان بنت عبدالله الثاني والأميرة رجوة الحسين في حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز في البندقية (مواقع التواصل الاجتماعي)

"فاشن هاوس" في السعودية... حلم يتحقّق

دارين اليوم على أبواب تحقيق حلمها الأهم: "فاشن هاوس"، مشروع متكامل للمرأة العربية والخليجية، وتقول في هذا السياق: "في هذا المركز، سنرافق المرأة من اكتشاف شخصيتها وذوقها، إلى تعلّم أسس تنسيق المظهر وتناسق الألوان، وصولاً إلى ورش عمل متخصصة تساعدها على الوصول إلى الصورة التي تحلم بها".

دارين مدني ستايلست سعودية تتحدّث عن فاشن هاوس في السعودية (الصورة من دارين مدني)

وتختم: "المرأة السعودية اليوم باتت أكثر حضوراً وتأثيراً. التمكين منحها الثقة، وأنا أؤمن أنّ كل سيدة قادرة على أن تكون قائدة بطريقتها".

نصيحتها تلخّص الرحلة: "اتبعي شغفكِ. طوّري أدواتكِ. كوني جريئة لكن بخطوات مدروسة".