من طقوس الشاي إلى مهرجانات النار: عادات لا تعرف الحدود - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من طقوس الشاي إلى مهرجانات النار: عادات لا تعرف الحدود - بوابة الكويت, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 01:19 مساءً

بوابة الكويت - في كل زاوية من العالم، تختبئ عادات وتقاليد تُشكّل هوية الشعوب وتروي قصصها العميقة، قصص لم تكتبها الكتب بقدر ما تناقلها الناس عبر الأجيال، في المناسبات والأعياد والتفاصيل اليومية. ومن بين هذه العادات ما يتجاوز حدود الجغرافيا واللغة، ليعبر القارات ويلامس قلوب شعوب أخرى، كأنها لغة بشرية مشتركة تُفهم دون ترجمة. سواء كانت طقوسًا هادئة كاحتساء الشاي، أو مهرجانات صاخبة كرقص النار، فإنها تشكل ملامح ثقافية أصيلة، لكنها في الوقت نفسه تنفتح على العالم وتلهمه.

طقوس الشاي: لحظة تأمل عابرة للثقافات

ليس الشاي مجرد مشروب في كثير من البلدان، بل هو طقس يومي يحمل دلالات اجتماعية وروحية عميقة. ففي اليابان مثلًا، تتحول جلسة الشاي إلى طقس رسمي يُعرف بـ"تشا نو يو"، حيث تُحضّر وتُقدّم أكواب الشاي الأخضر وسط هدوء صارم وجمالية دقيقة تعكس الفلسفة الزِن. المشهد كله – من ترتيب الأواني إلى حركات اليد – مصمم ليحقق انسجامًا داخليًا وتأملًا عميقًا، ما يجعل الشاي أكثر من نكهة، بل تجربة روحانية كاملة.

وفي المغرب، للشاي حضور آخر لا يقل رمزية، إذ يُعد الشاي بالنعناع في إبريق معدني ويُصب من ارتفاع معين في الكأس، ضمن طقس اجتماعي يجمع العائلة والضيوف ويعبر عن الكرم والضيافة. أما في بريطانيا، فقد تطور طقس "شاي العصر" ليصبح طقسًا أنيقًا يرافقه الكعك الصغير والمحادثات الرقيقة، في رمز للهدوء والتمدن. ورغم اختلاف الثقافات، يبقى الشاي رابطًا مشتركًا، وعادة يتبناها الناس من مختلف الخلفيات، ويمنحها كل شعب لمسته الخاصة.

مهرجانات النار: الاحتفال بالحياة على وقع اللهب

وعلى الطرف النقيض من الهدوء، تأتي مهرجانات النار، التي تقام في دول متعددة بأشكال وأساليب مختلفة، لكنها جميعًا تحتفي بالضوء، والحياة، والتحول. في الهند مثلًا، يحتفل الملايين بعيد "ديوالي"، مهرجان الأنوار، حيث تُضاء المصابيح والشموع وتُطلق الألعاب النارية في كل مكان، تعبيرًا عن انتصار النور على الظلام. إنه احتفال ديني لكنه أيضًا مناسبة اجتماعية تحتفي بالتجديد والأمل.

أما في إسبانيا، وتحديدًا في مدينة فالنسيا، فهناك مهرجان "لاس فاياس" الذي يُحرق فيه الناس تماثيل ضخمة من الورق والخشب تمثل مشاهد ساخرة من الحياة والسياسة. الحرق هنا ليس دمارًا، بل رمزية للتخلص من القديم وفتح الطريق للجديد، وسط أجواء موسيقية واحتفالية تستمر لأيام. في بعض قرى اليابان، يُقام مهرجان النار "ناتسوماتسوري" حيث يحمل الرجال المشاعل الضخمة ويقفزون بها في طقوس تعبّر عن القوة والتطهير الروحي.

عادات تتجاوز الحدود وتوحد البشر

ما يلفت الانتباه في مثل هذه العادات أنها لا تبقى حكرًا على الشعوب التي نشأت فيها. بل كثيرًا ما تنتقل وتُعاد صياغتها بطرق جديدة في ثقافات أخرى، لتُصبح جزءًا من الفولكلور العالمي. فطقوس الشاي مثلًا تُمارس اليوم في نوادٍ خاصة في باريس ونيويورك، وتُقدّم مهرجانات النار كمشاهد جاذبة للسياح في بلدان بعيدة عن جذورها. وهذا الانتقال لا يُفقدها معناها، بل يثبت قدرتها على الاندماج والتأثير.

العادات، في جوهرها، ليست جدرانًا تفصل بين الناس، بل جسورًا تصلهم ببعضهم البعض، وتُظهر تنوع الإنسان وغناه الثقافي. من لحظة صمت تأملية مع كوب شاي، إلى احتفال ناري صاخب تحت السماء، تبقى هذه الطقوس شاهدة على شغف البشر بالحياة، وعلى حاجتهم المستمرة للمعنى والانتماء، حتى وسط أكثر العصور تطورًا وازدحامًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق