"أمي"... ليست من أنجبتني - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"أمي"... ليست من أنجبتني - بوابة الكويت, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 09:39 صباحاً

بوابة الكويت - في دراما سعودية تُعرض على منصة "شاهد" وقناة "MBC"، يُطرح السؤال المزمن بوجعه: هل الأم من تلد، أم من تحب؟ هل الحنان يولد مع الجنين أم يُخلق في لحظة انكسار؟ مسلسل "أمي"، النسخة السعودية من الدراما التركية "Anne" والمستوحاة من الأصل الياباني "Mother"، يعيد تشكيل هذا السؤال عبر قصة تمزج بين الحب، الوجع، والمغفرة.

 

الطفلة المعنَّفة "بسمة" (ترف العبيدي)، تجد نفسها بين ذراعي امرأتين: الأولى، سهام (رنا جبران)، أمها البيولوجية التي لم تستطع حمايتها. والثانية، مريم (العنود سعود)، معلمتها التي رأت فيها الطفلة التي لم تنجبها. سهام صمتت أمام العنف، خذلتها هشاشتها، ومريم صرخت بالحب، سرقتها من الجحيم لا لأنها أم، بل لأنها قررت أن تكون كذلك.

 

الطفلة ترف العبيدي

قدسية الدم

ليست هذه الحكاية فقط عن طفلة وأم، بل عن مجتمع كامل. في النسخة السعودية، تنقلب المعادلة: يصبح الجدل عن الأمومة مرآة لثقافة ترى في الدم قدسية، لكنها تُغمض عينيها عن الوجع الحقيقي. المسلسل لا يستنسخ، بل يعيد التأويل. يضع السؤال في قلب العائلة الخليجية، حيث الأعراف تقيد، والخوف من "العيب" أشرس من العنف نفسه.

العنود سعود في دور المعلمة مريم (انترنت)

العنود سعود في دور المعلمة مريم (انترنت)

 

المسلسل لا يُدين بالمطلق، بل يُحاكم المجتمع. يطرح أسئلة من دون أجوبة قاطعة: هل يمكن للأم البديلة أن تُحب أكثر؟ وهل يُصبح الحب جريمة حين يتحدى النظام؟ وهل المغفرة ممكنة في عائلة مزّقها الخوف؟

وفي حبكة مؤثرة، نكتشف أن مريم نفسها كانت الطفلة ذات الماضي المخفي: قَتلت والدها دفاعاً عن نفسها، ووالدتها سجنت لتحميها. وفي إنقاذها لبسمة، كانت تحاول إنقاذ طفلتها الداخلية، وغسل ذنب لم ترتكبه بالكامل.

 

الممثلة رنا جبران في دور الوالدة البيولوجية للطفلة بسمة (انترنت)

الممثلة رنا جبران في دور الوالدة البيولوجية للطفلة بسمة (انترنت)

 

الدراما هنا ليست فقط في الحكاية، بل في النبضات الصامتة، في النظرات، في الحنان حين يُمنح خلسة، وفي الاختيارات الصعبة التي قد يُحاسبها القانون، لكن يُبررها القلب.

 

سردية الألم والرأفة

العمل من إخراج جودت مرجان، وسيناريو فاروق الشعيبي، يقدم سردية تواجهها الشعوب على اختلافها، تلك التي تجمع بين الألم والرأفة، الواقعية والرومانسية الاجتماعية.

 

النسخة العربية

بمقارنة النسخ الثلاث من العمل – اليابانية، التركية، والسعودية – نجد أن كل واحدة تحمل الطابع الثقافي لبيئتها. اليابانية كانت صامتة، رمزية، تختبر حدود المشاعر في صبر. التركية مشحونة، انفعالية، تحتفي بالدموع والمجابهة. أما السعودية، فجاءت مؤلمة: واقعية تعترف بأنه ليس كل أم قدّيسة، وأن المنقذة غريبة أحياناً.

النسخة السعودية تتفوق حين تضع المجتمع في قفص الاتهام، لا الشخصيات. لماذا تصمت الأمهات؟ لماذا يتكرر العنف؟ ولماذا يُنظر إلى الأمومة كحق بيولوجي لا كمسؤولية يومية؟

 

الام البديلة

الام البديلة

 

ماذا عن الرجل؟

في النسخة السعودية من "أمي"، كما في نسختيه التركية واليابانية، لا يُقدَّم الرجل المعنِّف كشخصية معقدة أو محورية، بل يظهر في الغالب كـ"ظل ثقيل" يُحدث الجرح ثم يختفي، وكأنّ وجوده لا يُطلب إلا ليصنع الألم الذي تُبنى عليه القصة.

وعنفه لا يُستخدم فقط كأداة إيذاء، بل كمحفّز لتدخّل المرأة الأخرى (مريم)، أي أنه ليس محوراً بحد ذاته، بل دافع للسرد
بالمعنى الدرامي، يُستخدم كشخصية وظيفية، لا كشخصية ذات نسيج داخلي.

ولأنّ المسلسل لا يبحث في العدالة الاجتماعية بقدر ما يغوص في بطولة الحنان. فإنّ تركيزه منصبّ على رد الفعل الأنثوي للعنف: كيف تصمت الأم؟ كيف تتمرد المعلمة؟ كيف تنجو الطفلة؟

المرأة هنا ليست فقط بطلة، بل حاملة الندبة، والمنقذة، والشاهدة. أما الرجل، فإما المصدر أو الغياب.

 

دراما في مسلسل

"أمي" ليس مجرد دراما في مسلسل. إنه رسالة إلى من نسوا صوت الطفولة. إلى من خافوا أن يحبوا خارج قواعد الدم. إلى من حملوا ذنب غيرهم وظلوا صامتين. إلى أولئك الذين يختارون في كل يوم أن يكونوا أوطاناً صغيرة لأطفال لم يطلبوا أكثر من يدٍ في الظلام.

في مشهد مؤثر، تختار مريم أن تحتضن بسمة لا لأنها ضحية، بل لأنها تشبهها. ومن خلال هذا القرار، تُعلن للعالم: "أنا لست أمها... لكني سأكون وطنها".

ويبقى السؤال معلقاً، يتردّد في نهاية مفتوحة كما في الأصل الياباني: هل يكفي الحب؟ وهل الأمومة قرار... لا قدر؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق