استنزاف اللاعبين يهدّد "الساحرة المستديرة" وجودياً؟ - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
استنزاف اللاعبين يهدّد "الساحرة المستديرة" وجودياً؟ - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 06:06 مساءً

بوابة الكويت - لم تعد كرة القدم مجرّد رياضة فحسب، بل تحوّلت إلى صناعة تدر المليارات سنوياً. صناعة تتوسع إنما يبقى أساسها الرئيسي اللاعب، لكنّ هذا العنصر الأهم يرفع صوت الإنذار والتحذير من خطر لا يقل عن الإصابات أو الخسارات، وهو ضغط المباريات المتزايد.

تتضاعف موسم بعد آخر، الالتزامات وتتقاطع الأجندات وتُضغط الروزنامة حتى بات اللاعبون يركضون في سباق بلا نهاية، فيما تتفرج المؤسسات الكروية، أو تساهم، في مفاقمة هذا الواقع.

أصدرت رابطة اللاعبين المحترفين "FIFPRO" تقارير بأنّ نجوم الكرة العالمية يخوضون أكثر من 70 مباراة في موسم واحد، ما معدله مباراة كل ثلاثة أيام موسمياً، أو بمعدل مباراة كل خمسة أيام سنوياً. وقدمت مثالاً بأنّ الدولي الإنكليزي جود بيلينغهام لم يحصل على أكثر من أسبوع راحة خلال صيف 2023، بينما لعب الدولي الفرنسي أنطوان غريزمان ما يزيد عن 80 مباراة خلال عامين فقط، ما يعدّ انتهاكاً صريحاً لمتطلبات الاستشفاء البدني والراحة الذهنية التي يحتاجها أي رياضي محترف.

ويبدو أنّ الأرقام في طور الارتفاع في ظل "الجدول الجنوني"، ومواصلة الاتحادات والأندية توسيعها، واستمرار معاناة اللاعبين .

 

اللاعبون يعانون الإرهاق بسبب كثافة المباريات. (وكالات)


وألقى الرئيس التنفيذي السابق لبايرن ميونيخ كارل هاينز رومينيغه باللوم على اللاعبين ووكلائهم، وأوضح: "أتفهم سبب إحباطهم، لكنّ اللاعبين ووكلاءهم ساهموا في هذه الفوضى. كلما طالبوا برواتب أعلى، اضطرّت الأندية لزيادة إيراداتها. ومن أين تأتي هذه الأموال؟ من مزيد من المباريات".

وضع أسطورة الكرة الألمانية والإداري المحنك "الأصبع على الجرح"، مسلّطاً الضوء على بُعد اقتصادي قلّما أدرج على بساط البحث، وهو العلاقة المباشرة بين تضخم رواتب اللاعبين، وتكثيف الروزنامة الكروية. فكلما زادت المطالب المالية، احتاجت الأندية إلى مزيد من مصادر الدخل، والتي غالباً ما تأتي من بث المباريات، والرعاة، والجولات التسويقية، وكلها تفضي إلى مزيد من المباريات وكذلك الضغط.

توسع بلا حدود
الاتحادان الدولي "فيفا" والأوروبي "يويفا" لا يظهران أي نية في التراجع عن سياسة التوسع في البطولات، إذ أعلنا تباعاً عن نسخ موسعة من البطولات الكبرى، على غرار كأس العالم للأندية الجارية حالياً في الولايات المتحدة بمشاركة 32 نادياً، وكذلك كأس العالم العام المقبل 48 منتخباً، فضلاً عن تعديل دوري أبطال أوروبا ليتضمن مرحلة مجموعات طويلة ومعقدة ترفع عدد المباريات. وإزاء هذا التوسع، تتقاطع المباريات القارية مع البطولات المحلية، وتُضغط الفترات الدولية، فيما تقل أيام الراحة، وتزداد فترات السفر، وتُختصر فترات الإعداد البدني بين المواسم.

ورأى الأمين العام لرابطة اللاعبين الأوروبيين دافيد أيناسيو أنّ "التوسع المستمر في البطولات ليس خياراً صحياً. لا بد من إعادة التفكير قبل أن نصل إلى نقطة اللاعودة".

ومع تطوّر اللعبة، طالب اللاعبون برواتب فلكية، وباتت الصفقات التي تزيد عن مئة مليون يورو أمراً عادياً إذ يضخم الوكلاء الصفقات من دون النظر للعواقب، وتالياً تدخل الأندية في سباق تسويقي وتجاري لا يتوقف، بينما تسعى الاتحادات الدولية الى تحقيق أقصى استفادة من حقوق البث والجماهير التي بدورها، تستهلك مزيداً من المحتوى الكروي وتضغط نحو متابعة مستمرّة بلا انقطاع. الجميع يساهمون في تفاقم الوضع، لكن قلة من تعترف أو تتحرّك لإصلاحه، ما حدا بالمدرب الاسباني بيب غوارديولا الى القول: "نحن نقتل اللاعبين. لا أحد يمكنه الاستمرار بهذا النسق. حتى الآلات تحتاج للتوقف".

البحث عن الحلول أفردت له مساحات واسعة في الإعلام، وحددت أنه ينبغي إيجاد إرادة مشتركة من مختلف الجهات. وأبرز هذه الحلول هو فرض حد أقصى لعدد المباريات السنوية لكل لاعب، ما يجبر الأندية والمنتخبات على توزيع الحمل والمداورة. كما يمكن تطبيق نظام تقييم للإجهاد البدني والذهني، بحيث يُمنع إشراك اللاعبين إذا تجاوزوا مؤشرات محددة، إضافة إلى تخصيص فترة راحة سنوية إلزامية لا تقل عن 30 يوماً، واعتماد تقويم عالمي موحّد يُنظم العلاقة بين البطولات المحلية والدولية، ويمنع التداخل القاتل للمباريات. الأهم من كل ذلك، هو تمكين "FIFPRO" من لعب دور حقيقي في اتخاذ القرارات الكبرى. فمن غير المعقول أن يُناقش مصير اللاعبين من دون وجود صوتهم على الطاولة.

ما يحدث اليوم في كرة القدم ليس مجرّد خلل تنظيمي، بل أزمة وجودية تهدد جودة اللعبة وسلامة عناصرها، إذ تحوّلت اللعبة الشعبية الأولى في العالم إلى ما يشبه آلة عملاقة لا تتوقف.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق