نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قناة غامضة وفيديوهات تستغل الرئيس عون... الذكاء الاصطناعي يقتحم القصر الجمهوري! - بوابة الكويت, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 03:47 مساءً
بوابة الكويت - أمر مُحيّر! بينما كنت أشاهد مقابلة على "يوتيوب"، ظهرت أمامي الإعلانات المعتادة التي لا أتردد عادة في تخطيها فوراً، لكن هذه المرة توقفتُ للحظة، ولم أتجاوز الإعلان. لدهشتي، وجدت نفسي مشدودة حتى الثانية الأخيرة.
ما الذي شاهدته؟ إعلان مُولّد بالذكاء الاصطناعي يظهر فيه الرئيس اللبناني جوزف عون وهو يُثني على اللبنانيين لدعمهم جهود منع لبنان من الانزلاق نحو الحرب. إعلان آخر يظهره يحرّض ضد فئة أخرى من اللبنانيين. والمثير أكثر، إعلان يصوّره هو ورئيس الوزراء نواف سلام كطيّارين في طائرة تقود لبنان نحو عهدٍ جديد.
لقطة من الإعلان (انترنت)
دفعني الفضول إلى تصفح القناة التي تنشر هذه الإعلانات، فتبين أنها أُنشئت في آذار/مارس 2025، وتضم نحو 3 آلاف مشترك، وقد تجاوز عدد مشاهداتها 7 ملايين حتى الآن. تعرّف الصفحة محتواها بأنه "ملهم وممتع". لكن، من يقف خلف هذه الصفحة؟ لا معلومات واضحة حتى اللحظة.
ما صدمني ليست رداءة الفيديوهات فحسب، بل الجرأة على التحدث بلسان أعلى مقام في الدولة. لا نتحدث هنا عن فنان يُستنسخ صوته للمزاح، بل عن منصة سياسية تنتحل صوت مسؤولين رفيعي المستوى ليسوا في حاجة لأحد يتكلّم باسمهم.
عمر قصقص: لا شيء اسمه حماية على الهاتف
علّق الصحافي والخبير في الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي، عمر قصقص، على الفيديوهات المتداولة التي تظهر رئيس الجمهورية عبر تقنية "ديب فايك"، قائلاً: "ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها نشر فيديوهات ديب فايك لرئيس الجمهورية، لكن هذه القناة تقدّم نسخة رديئة منها. نلاحظ تغيّراً في الألوان عند الكلام، وأحياناً ستة أصابع بدل خمسة، وتحكم ضعيف بتحريك الفم Lip‑sync. كل هذه المؤشرات تجعل أي شخص يدرك بسهولة أنها مزيفة."
ورغم ذلك، أشار في حديثه إلى "النهار" إلى أن هذه الصفحة تحقق نسب مشاهدات عالية، مضيفاً أن هدف القائمين يعود إلى إطلاق رسائل سياسية.
وأردف: "ضحايا ديب فايك كثيرون، شملوا أيضاً الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولكن نسخهم لم تكن رديئة كما في هذا الفيديو".
وعن احتمال تعرّض أي شخص لتقنية التزييف العميق، أوضح قصقص: "نعم، أي شخص معرّض. يمكن للذكاء الاصطناعي توليد فيديو من صورة فقط وبجودة عالية، لكن البرامج المتقدمة مكلفة".
كيف نحمي أنفسنا؟
يؤكد الخبير الرقمي أن "لا وجود لحماية مطلقة ما دام أن الهاتف متصل بالإنترنت"، مشدداً على أن الخيار الأكثر أماناً يتمثل في عدم الاحتفاظ بأي صور قد تُسبب حرجاً أو ابتزازاً في حال تسريبها، وتخزينها بدلاً من ذلك على جهاز غير متصل بالإنترنت.
ويضيف: "الهواتف معرضة للاختراق في أي لحظة، وما إن تُسرّب الصور، يمكن استخدامها لصنع محتوى مزيّف عبر تقنية الديب فايك بهدف الابتزاز. تصلني شكاوى كثيرة بهذا الخصوص، وأحياناً يكفي رابط واحد من زميل في العمل لفتح باب الاختراق".
كما شدّد على بعض الإجراءات الوقائية الضرورية:
- تجنّب استخدام كلمة مرور موحدة لجميع الحسابات.
- الابتعاد عن كلمات المرور التي تحتوي على الأسماء أو تواريخ الميلاد الشخصية أو العائلية.
- تفعيل المصادقة الثنائية (Two-Factor Authentication)
- الحذر من الضغط على الروابط الغريبة حتى لو بدت صادرة عن أشخاص نعرفهم، مشيراً إلى أن العديد من الصحافيين والسياسيين وقعوا ضحايا هذا النوع من الهجمات.
"الكل رح يقعد بالبيت"
عندما طلبت من قصقص أن يخبرني متى ينبغي أن نقول "كفى" للذكاء الاصطناعي، ضحك وقال إن سؤالي غير صحيح؛ فليس هناك رجوع إلى الوراء، والأخطر أنّ الناس لو عرفوا ما تفعله شركات الذكاء الاصطناعي سيصدَمون – لأن "الكل رح يقعد بالبيت" ولن ينجو أي مجال من البطالة المقبلة.
يتابع: "سائقو سيارات الأجرة، الصحافيون، الأطباء الكل سيتأثر. سيتم الاستغناء عن 90% منهم، ولن تكون للبشر حاجة خلال سنوات قليلة، سيتحقق هذا، ما دامت الدول تُضخ استثمارات ضخمة في هذا المجال."
وختم: "رح يقوموا علييّ العالم بس هيدي الحقيقة".
الذكاء الاصطناعي في مرآة القانون اللبناني
يعتبر المحامي عزام عباني أن التعامل القانوني مع "كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي من دون المسّ بالحقوق والحريات العامة والدستورية" يمثل تحدياً كبيراً، إذ لا تزال التشريعات اللبنانية تفتقر إلى نصوص واضحة في هذا السياق.
ويُشير في حديثه إلى "النهار" إلى وجود نصوص حالية في قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2018 توضّح أن "المنشورات الإلكترونية" تقع ضمن وسائل النشر التي يمكن رفع دعاوى في شأنها تتعلق بالقدح والذم عبر مكتب جرائم المعلوماتية، لكنه يؤكد: "في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، فالأمر أخطر. هناك مبادئ أخلاقية وقانونية يجب تطبيقها، خصوصا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم للتستر على أعمال إرهابية أو جريمة منظمة."
ويوضح أن "في القانون اللبناني، مواد تنظّم جرائم التشهير والقدح والذم، لكن الإشكالية تظهر عندما تصدر هذه الانتهاكات عن منصات غير لبنانية. وهنا يمكن الاستفادة من التجربة الأوروبية، التي أنشأت مكاتب قانونية متخصصة للتعامل مع هذا النوع من الجرائم".
ويلفت إلى أنه على رغم إنشاء الهيئة الوطنية للذكاء الاصطناعي حديثاً، "لكن حتى الآن، لا توجد أطر تشريعية واضحة تنظم هذا المجال الحيوي".
ويختم مطلبه بدعوة واضحة لمجلس النواب اللبناني الى أن يسرّع في إصدار تشريعات متوائمة مع المعايير الدولية لحماية الإنسان وخصوصيته وكرامته، نظراً إلى الفراغ القانوني الحالي في قضايا الذكاء الاصطناعي.
كيف تفاعل المشاهد مع هذه الإعلانات؟
أعربت الزميلة في صحيفة "النهار"، سكينة السمرة، المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، عن انزعاجها من كثافة تكرار الإعلان، خصوصاً أنه صادر عن جهة غير واضحة ويتضمّن محتوى استفزازياً. وأشارت إلى أن الإعلان يقتحم جميع الفيديوهات تقريباً، حتى تلك التي لا تمتّ بصلة إلى السياسة، مما يطرح تساؤلات حول خوارزميات التوزيع الرقمي.
ولفتت إلى أن "بعض المستخدمين حاولوا حجب الإعلان، لكن من دون جدوى، إذ استمر في الظهور عبر مصادر أخرى"، محذّرة من خطورته على فئات غير مطلعة، قد لا تدرك أنه فيديو مفبرك، ما قد يساهم في تأجيج التوترات في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد.
وأضافت: "كمشاهدة، عندما أرى إعلاناً يُبثّ بهذه الكثافة وبميزانية ضخمة، أتساءل فوراً: من يقف وراءه؟".
"لبيك يا لبنان"
اعتادت الصفحة التي تقف خلف هذه الفيديوهات أن تنهي مقاطعها بعبارة "لبيك يا لبنان"، وبدوري أقول "لبيك يا وعي" و"لبيك يا قوانين" لدرء خطر هكذا صفحات عن لبنان. ويبقى السؤال، حتى تُسنّ قوانين تحمي الأفراد من استخدام صورهم وأصواتهم من دون إذن، هل يمكننا الاعتماد فقط على ضمائر صنّاع المحتوى؟
0 تعليق