نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قرار المحكمة العليا حيال الحقّ بالجنسيّة بالولادة: انتصار موقت لترامب… وانتصار كبير للترامبية - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 06:17 صباحاً
بوابة الكويت - هذا حق دستوري يعود إلى زمن العبودية. التعديل الرابع عشر صدر في عام 1868 بعد ثلاث سنوات على التعديل الذي ألغى العبودية تماماً. في حينها، وللمفارقة، كان هناك انقسام جذري في المجتمع الأميركي على "جنسية" الأفارقة، هل هم أميركيون أم لا. هؤلاء الذين وصلوا إلى الشواطئ الأميركية مختطفين من قارتهم بدءاً من عام 1619 استمروا لقرنين ونصف قرن في تجارة هائلة مربحة قام عليها الاقتصاد الأميركي، لكنها وصمت تاريخ أميركا بعار لا يُمحى، واضطرتها إلى حرب أهلية هائلة حتى انتصر الاتحاد الشمالي على الكونفيدرالية الجنوبية وتحرر السود.
كل الأجيال الأفريقية التي لم تر تراباً آخر غير الذي تعيش عليه، كان على المشرعين الأميركيين حمايتها من حرمانها من المواطنة بالتعديل الذي حسم بأنّ كل مولود في الولايات المتحدة هو أميركي تلقائياً. حق من المفترض أن يكون تلقائياً ولن يكون بأي حال تعويضاً عن هذا التاريخ القاتم للعبودية.
والمشرّعون لم يحددوا شروطاً للمولود. لا عرقه ولا بلد أبويه ولا وضعهما القانوني في أميركا. في بلد قام على فكرة الهجرة والأحلام، يكفي أن تولد فيه كي تصير منه. هذا ما لن ترضى عنه تيارات سياسية لاحقاً، لأنه بات باباً للتجنيس "المجاني" لعائلات من حول العالم تريد تأمين الجنسية المرموقة لأطفالها. تنال الأمهات تأشيرات سياحية، أو غيرها، فيأتين ويضعن موالديهن الذين ينالون تلقائياً رقم ضمان اجتماعي ويحصلون على وثيقة ولادة وجواز السفر الكحلي. لكن هذه الحالات تبقى كسوراً أمام الهجرة "غير الشرعية" التي تشكل الهم الأساسي عند التيار الذي يمثله الرئيس دونالد ترامب، والذي استهدف الحقّ بالجنسية بالولادة في قراره التنفيذي الذي وقعه مع عودته إلى البيت الأبيض. القرار "غير الدستوري" بحسب معارضيه لأنه يعدل على التعديل الرابع عشر، فيمنع الحق عمّن ليس لأحد والديه إقامة دائمة أو جنسية أميركية. وحول لا دستورية القرار كانت النقاشات والقرارات القضائية التي أوقفت العمل به، قبل أن تقرر المحكمة العليا التي لجأ إليها ترامب تقييد سلطة المحاكم الدنيا على السلطة التنفيذية، ويعلن ترامب بالتالي انتصاره، وإطلاق يد إدارته فعلياً في تنفيذ كل القرارات التنفيذية التي كان قضاة هنا أو هناك يجمدون العمل بها.
قرار المحكمة العليا انتصار كبير للترامبية وأجدنتها السياسية. (رويترز)
ترامب يسيطر على الأكثرية في الكونغرس في الأصل، وسيطر على الوكالات والأجهزة الأساسية في البلاد، ونظف الجسم الفيدرالي من كل من قد يعوق سياساته. قرار المحكمة العليا يأتي في الوقت الملائم تماماً ليحرره من إزعاج القضاة والمحاكم، وليثبت من جديد أن المزارع الجيد عليه أن يبدأ بزرع حلفاء في المحكمة العليا التي لها اليد الطولى في كتابة التاريخ. ثلاثة من التسعة عيّنهم ترامب، يضاف إليهم ثلاثة محافظين آخرين، يشكلون أكثرية تصوّت في العادة لما فيه خير إدارة ترامب، بينما تطرح سؤالاً كبيراً حول حدود سلطة ترامب في ظل تهميشه السلطة التشريعية بالاعتماد على الأوامر التنفيذية، وألفة المحكمة العليا معه.
المحكمة لم تبت بدستورية الأمر التنفيذي نفسه، وقالت المدعية العامة بام بوندي إن المحكمة ستقرر ما إذا كانت ستنهي منح الجنسية بالولادة خلال جلستها المقبلة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. وأعطى القرار مهلة شهر لدخول الأمر التنفيذي حيز التنفيذ، مع إفساح المجال للمحاكم الأدنى للحد من تأثيره على من يحق لهم رفع دعاوى قضائية. 28 ولاية أميركية لم يتم الاعتراض على الأمر فيها. هذه يمكنها البدء بتطبيقه، وبالتالي، ستنقسم الولايات بين من تعطي الجنسية بالولادة ومن تمنعه، بينما انطلقت المعارك التي تديرها المجموعات الحقوقية في دعاوى قضائية في طول البلاد وعرضها، في ضوضاء لم تهدأ مذ عاد ترامب إلى البيت الأبيض.
قرار المحكمة العليا، في أي حال، انتصار موقت لترامب في ملف الحقّ بالجنسية، لكنه انتصار كبير للترامبية وأجندتها السياسية التي كانت المحاكم الفيدرالية آخر العوائق أمامها، وقد أزاحت المحكمة العليا عملياً هذا العائق من طريقها.
0 تعليق