معركة الزعامة داخل "الشعب الجمهوري" تُنذر بسقوط المعارضة التركية - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معركة الزعامة داخل "الشعب الجمهوري" تُنذر بسقوط المعارضة التركية - بوابة الكويت, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 06:17 صباحاً

بوابة الكويت - تتركّز الأنظار في تركيا، اليوم الاثنين، على الدعوى القضائية المرفوعة ضد "حزب الشعب الجمهوري"، أبرز أحزاب المعارضة في البلاد، التي تطالب بإلغاء مؤتمره العام العادي الثامن والثلاثين لعام 2023، بدعوى وجود "شبهات" قانونية، بموجب بند "البطلان المطلق".
وكان المؤتمر المذكور قد أفضى إلى إزاحة رئيس الحزب السابق ومرشح المعارضة الخاسر في انتخابات 2023 كمال كلجدار أوغلو، وإعادة تشكيل المجلس الأعلى للحزب، وهو ما يُعدّ جوهر الدعوى المنظورة أمام المحكمة المدنية الابتدائية الثانية والأربعين في أنقرة.

شعبية "العدالة والتنمية" في أدنى مستوياتها
تأتي هذه الدعوى القضائية في توقيت بالغ الحساسية للمعارضة، التي نجحت للمرة الأولى منذ عقود في تصدّر استطلاعات الرأي، متجاوزة شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه "العدالة والتنمية".
وقد تمكن "حزب الشعب الجمهوري"، لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن، من انتزاع كبرى البلديات في الانتخابات المحلية التي جرت في آذار/مارس 2024، متصدراً النتائج بزعامة رئيسه الجديد أوزغور أوزيل، الذي خلف كلجدار أوغلو عقب المؤتمر الذي تسعى الدعوى إلى إلغاء نتائجه.
وعلى مدى أربعة عشر عاماً من رئاسته للحزب، أخفق كلجدار أوغلو في تحقيق أيّ نصر انتخابي، وخسر مختلف الاستحقاقات أمام أردوغان، من الرئاسية والبرلمانية إلى البلدية، وصولاً إلى الاستفتاء الدستوري بشأن نظام الحكم.
ومع تولي أوزغور أوزيل، المدعوم من رئيس بلدية إسطنبول المسجون أكرم إمام أوغلو وعدد من الشخصيات الحزبية البارزة، شهد الحزب تحولاً نوعياً في الخطاب والسياسات، ما أحيا آمال المعارضة بالوصول إلى السلطة، مستفيداً من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة وتراجع الحريات إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية التركية.
وقد أظهرت استطلاعات الرأي، للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، اقتراب الحزب من عتبة 40%، مقابل تراجع "العدالة والتنمية" إلى ما دون 30%، وهو ما يُنذر بسقوطه في أول استحقاق انتخابي، ويدفع المعارضة للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة العام المقبل، من دون انتظار موعدها الرسمي في أيار/مايو 2028.

 

، تستهدف رأس الحزب المعارض من خلال محاولة إقصاء أوزيل.

 

المعارضة تحت الحصار القضائي
في ظل هذه التغيرات، بدأت السلطة –المشكَّلة من تحالف "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" – باتخاذ إجراءات ذات طابع سياسي عبر القضاء للضغط على "الشعب الجمهوري" وإرباك مسيرته، بدءاً من إلغاء الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الفائز على أبرز مرشحي أردوغان في استحقاقي 2019 و2023.
ثم تلت ذلك حملة اعتقالات طالت العشرات من رؤساء البلديات التابعين للحزب، فضلاً عن عدد من المديرين العامين والمسؤولين الإداريين، بتهم تتعلق بالإرهاب والفساد وإهانة الدولة ورموزها.
ومع الدعوى القضائية الأخيرة، تدخل حملة أردوغان السياسية مرحلة جديدة، تستهدف رأس الحزب المعارض من خلال محاولة إقصاء أوزيل، وإعادة كلجدار أوغلو إلى القيادة، بسياسات توصف بأنها أقرب إلى القبول بدور المعارضة التقليدية من دون تهديد فعلي للسلطة.
وقد دأب أردوغان، طوال 23 عاماً من حكمه، على تبنّي استراتيجية تقوم على إضعاف خصومه بدل تقوية حزبه، عبر استقطاب عناصر ضعيفة من أحزاب المعارضة، ومنحها دوراً أكبر من حجمها، بما يخدم استمراريته في الحكم.
وفي مؤتمر "العدالة والتنمية" الأخير، في شباط/فبراير 2024، قال أردوغان بوضوح: "لن نتردّد في أداء واجبنا في تحويل المعارضة"، وهو ما ينعكس اليوم من خلال تشجيع بعض الشخصيات داخل "الشعب الجمهوري" على الطعن في نتائج مؤتمره.

"الشعب الجمهوري" أمام أخطر اختبار داخلي
يبدو أن أردوغان يسعى إلى إغراق "الشعب الجمهوري" في نقاشات داخلية تعوق قدرته على وضع السياسات، ما يجعل من الصعب صدور أيّ قرار حاسم في جلسة 30 حزيران/ يونيو.
وأكد مسؤول رفيع في الحزب، في حديث لـ"النهار"، أن الدعوى "هدفها الممطالة لا النتيجة"، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى لإطالة أمد النزاع القضائي لتأجيج الانقسام الداخلي.
من جانبه، يبدو كلجدار أوغلو واثقاً من إمكانية عودته إلى زعامة الحزب بقرار قضائي، خصوصاً أنه سبق أن دعم بعض الإجراءات التي فرضتها السلطة، وصوّت لرفع الحصانات ودعم التعديلات الدستورية.
أما أوزغور أوزيل، فقد نجح في تكوين انطباع إيجابي واسع داخل الحزب وخارجه، كممثل لخط إصلاحي ديموقراطي يركز على حلّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، غير أن أداءه بدأ بالتراجع مع احتدام المعارك الداخلية، فاضطرّ إلى خوض صراع مزدوج ضد خصومه الخارجيين وخصومه داخل الحزب.
وفي حال صدور حكم بالبطلان المطلق، فلن يُنفذ إلا بعد استنفاد مراحل الاستئناف والتمييز، ما يتيح للحزب إمكانية الدعوة إلى مؤتمر عام جديد خلال تلك الفترة، وإبطال مفاعيل الدعوى. لكن مصادر في الحزب تحذّر من إمكانية إصدار المحكمة قراراً احترازياً يقضي بتعيين وصيّ موقت من داخل الحزب لإدارته، وهو إجراء يخضع لتقدير القاضي وليس ملزماً قانوناً. وتُرجّح بعض التقديرات أن يكون كلجدار أوغلو هو المرشح الأوفر حظاً لهذا المنصب، وهو ما وصفه أوزيل بأنه "وصمة عار في سجلّ كل من يقبل الزعامة المفروضة عليه بقرار قضائي".
وتتوقع أوساط داخل الحزب أن تؤدي عودة كلجدار أوغلو إلى تراجع كبير في شعبية الحزب، وربما تؤدي إلى أزمة داخلية حادة. غير أن هناك أيضاً من يرى أن هذه العودة، إن حدثت، ستكون موقتة، وستنتهي بعقد مؤتمر جديد يعيد انتخاب أوزيل بالإجماع، وهو أمر لم يحدث منذ عهد مصطفى كمال أتاتورك.

ويذهب الرأي الغالب داخل القيادة الحالية إلى أن كلجدار أوغلو، حتى إن عاد، فلن يستطيع ممارسة مهامه فعلياً في ظل رفض كوادر الحزب وغضب الشارع المعارض. وفي حال حدوث ذلك، تُخطّط الإدارة الحالية لمنع دخوله إلى مقر الحزب، وتنظيم احتجاجات على مختلف المستويات لإظهار الرفض الشعبي لعودته.

في المقابل، يعترف فريق كلجدار أوغلو بإمكانية حدوث صدمة أولية، لكنه يرى أن الأزمة يمكن احتواؤها، خصوصاً إذا أعلن الرئيس السابق للحزب منذ البداية أنه لن يترشح في المؤتمر المقبل، وأن مهمته هي "إنقاذ الحزب" فقط.
وتتصاعد الدعوات في الأوساط الأكاديمية والسياسية داخل المعارضة إلى ضرورة الوصول إلى تسوية أو مصالحة بين الزعيمين، لتجنّب الانقسام، وضمان عدم تراجع الحزب الذي يمثّل العمود الفقري للمعارضة في تركيا بعد قرن على تأسيسه.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق