نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشاعرة والمترجمة سارة حواس لـ"النهار": لماذا تنتحر شاعرات الاعتراف؟ - بوابة الكويت, اليوم الأحد 29 يونيو 2025 10:04 مساءً
بوابة الكويت - تتناول الشاعرة والمترجمة سارة حواس، في الترجمة العربية لديوان "ثقب المفتاح لا يُرى" (بيت الحكمة للصناعات الثقافية)، قصائد لعشرين شاعرة أميركية حائزات جائزتي "نوبل" و"البوليتزر" (تسع عشرة نلن "البوليتزر"، وشاعرة واحدة نالت "نوبل" في الآداب)، وهن من أصول مختلفة، أفريقية وألمانية وروسية. منهن من اتبعت الشِّعر الحر أو النثري أو السردي، ومنهن من اتبعت الشعر التقليدي أو الكلاسيكي القديم، ومنهن من اتسمت بالحداثة في الشكل والمضمون.
هناك شاعرات تبنَّين الشِّعر الاعترافي، مثل آن سيكستون وسيلڤيا بلاث وسارة تيسديل وشارون أولدز، ومن الملاحظ أن كثيرات من اللاتي كتبن الشعر الاعترافي كانت نهايتهن الانتحار. "لا أدري هل كان هذا الفعل بمحض المصادفة أم أنَّ له علاقة بالكتابة الاعترافية الصريحة، وهل فشلت الكتابة في إنقاذ حيواتهن من الخراب والموت"، تقول حواس لـ"النهار"، "فدائماً ما يُقال إنَّ الكتابة شفاء من الألم، ولكن من الواضح أن الكتابة لم يكن لها ذلك التأثير على حيواتهن ، فعلى رغم نجاحهن في كتابة أحزانهن وآلامهن لم تشفِ جراحهن وأوجاعهن الغائرة، فثمة جروح لم تُعالج ولم تنته من دواخلهن، وظلت تنخر أرواحهن حتى انتحرن بكامل إرادتهن مستسلمات للموت كراحةٍ أبديةٍ لهن من الحياة".
من الملاحظات الدقيقة في ترجمة الديوان أيضاً، أنَّ الشاعرات اللاتي انتحرن وكتبن الشعر الاعترافي كن يُعانين من فشل في علاقاتهن العاطفية. تروي حواس أنّه "عندما انتهت من ترجمة الشاعرة سيلڤيا بلاث، شاهدت فيلماً يعرض حياتها الخاصة والأدبية وتأثرت كثيراً بها إلى درجة أنها بعد الانتهاء من كل ما يتعلق بها، شعرت بالحزن الشديد ولم تنتقل إلى ترجمة قصائد شاعرة أخرى إلا بعد مرور عشرة أيام تقريباً تأثراً بها وحُزناًً عليها وعلى نهايتها المأسوية"، والأمر نفسه تكرّر بعد ترجمة الشاعرتين آن سيكستون وسارة تيسيديل.
وعن مشاركتها الحسية والتفاعلية في هذا الديوان الغائص في الاغتراب والتغريب بعبثية وجود محطم ببشره وكائناته، تقول المترجمة: "لا أترجم فحسب، بل أتفاعل وأشعر بالشاعرة وأتقمَّص شخصيتها وروحها وحالها حتى صرت أتوحَّد مع كلٍّ منهن، فأنا أترجم رُوح الإنسان وليس فقط اللغة أو الأسلوب أو حتى الحرف. فالترجمة فعلُ حبٍّ وفن وشعور، والمترجم إنسانٌ وليس آلة ، يتخلله شعور إنسان آخر في عالم آخر يتقمصه ويتوحد به. المترجم الحق هو من ينقل روح الشاعر وحروفه بأمانةٍ حتى في الشعور، فالأمانة تتضمن الأمانة في الشعور وليس فق نقل الصورة الشعرية أو التشبيه أو المجاز، فكيف إذا كان هذا التواجد لشاعرات من أصول أفريقية".
غلاف ديوان “ثقب المفتاح لا يرى“. (بيت الحكمة)
الشاعرات من أصولٍ أفريقية، وجدت أن معاناتهن كانت تكمن في التفرقة العنصرية والمضايقات التي يتعرضن لها بسبب أصولهن، فقصائدهن كانت تنبض بإحساسهن بعدم الانتماء إلى وطن وإحساسهن الدائم بالغربة وفقد الهوية، "وفي هذا السياق قد نجد بعض الاختلافاتٍ بين تيمات قصائد الشاعرات الأميركيات البيض، واللاتي من أصل أفريقي، أي أن هناك تشابها كبيراً في موضوعات قصائد الشاعرات من أصل أفريقي التي تتناول قضايا التفرقة العنصرية والقمع السياسي، الذي تعرضن له في مسيرة حياتهن، فالحياة الاجتماعية لأي شاعر قد تؤثر في شكل كتابته ومضمونها، ومحتواها إلى حدٍّ كبير، فمن الصعب، بل من المستحيل أن ينفصل الشاعر عن واقعه ويكتب عن الحب وهو يعاني حياةً اجتماعية وسياسية مضطهدة على سبيل المثال".
أما الشاعرات من أصولٍ ألمانية أو روسية - كالألمانية ليسيل مولر والروسية ماريازاتورينسكا - فوجدت المترجمة أن هناك اختلافات بينهما وبين الشاعرات الأخريات، سواء البيض أم اللاتي من أصول أفريقية.
ليسيل مولر على سبيل المثال، مختلفة في أسلوبها واختيارها موضوعات قصائدها وشكلها، إذ كانت تهتم كثيراً بالأساطير في قصائدها، وهذا لم تلحظه في الشاعرات الأخريات كما أنها متنوعة في شكل قصائدها، ونجد ذلك في قصيدة ''لوحات خيالية'' (Imaginary Paintings)، التي جاءت في شكل سؤالٍ وجواب، وفيها أسئلة عن الحب والموت والمستقبل والسعادة والإيمان بالقدر والحنين والكذب، وهي قصيدة مختلفة شكلاً ومضموناً. كما أنّ خيالها الجامح وإتقانها للغة واللعب بالألفاظ عزَّزت شغفها بالأساطير فأصبحت لديها القدرة على تطويع قدراتها اللغوية وثقافتها الواسعة في الأساطير لخدمة قصائدها فأنتجت لنا شعراً مختلفاً كلياً عن بقية قريناتها.
أما ماريا زاتورينسكا الروسية فوجدتها المترجمة "تقليدية كلاسيكية متأثرة بالثقافة الإنكليزية والشكل التقليدي الكلاسيكي للشعر الإنكليزي حتى في شعرها الرومانسي، إذ كانت تميل إلى الكتابة عن الحب والرومانسية والشمس والقمر والبحر والطبيعة بصفة عامة متأثرة بالشعر الإنكليزي القديم ،وربما جاء ذلك التأثر من أصلها الروسي أي الأوروبي".
الشاعرات اللاتي تناولتهن حواس هنّ: إيمي لويل، ولويز غلوك، وتريسي ك. سميث، وشارون أولدز، وماريان مور، وإليزابيث بيشوب، وإدنا سانت، ڤينسنت ميلاي، وناتاشا تريثيوي، وماري أوليڤر، وكارولين فورشيه، وريتا دوڤ، وماريا زاتورينسكا، وليسيل مولر، وكارولينكايزر، وسيلڤيا بلاث، وآن سيكستون، وسارة تيسيديل، وفيليس ماكجينلي، وجويندلون بروكس ، وكلوديا إمرسون.
إما لماذا الشِّعرُ الأميركي؟ توضح حواس: "اخترتُ أن أُقيمَ مشرُوعاً لترجمة الشِّعر الأميركي لِمَا وجدتُ فيه من تجديدٍ وحداثةٍ في الموضُوع وبنية القصيدة والأسلوب، كما أنَّ الشُّعراءَ الأميركيين يتنافسون على الكتابة الإبداعية الخلَّاقة وابتكار أشكالٍ شعريةٍ جديدةٍ لم يذهب إليها أحدٌ قبلهم". وتضيف: "وجدتُ لغةً جديدةً ومفرداتٍ حديثةً عصريةً ومشاعر لم تتأثَّر بمادية المجتمعات الحديثة، بل حافظت على حُبِّها الفطري للطبيعة والجمال الإلهي والتأمُّل في كل ما يحيط بنا، والاهتمام بالتفاصيل العادية اليومية، ومُلاحظة غيمة تحملُ كثيراً من الأسرارِ، وقطة تعبرُ طريقاً، وعنكبوت عالق في مبنى عتيق. يجعلني الشِّعرُ الأميركيُّ رُوحاً مُعاصرةً مواكبةً للأحداث الداخلية الخاصة بإنسانٍ أميركيٍّ يعيشُ في قارَّةٍ طبيعتُها التنوُّع والاختلاف".
0 تعليق