شريف الأسواني يكتب "30 يونيو... من توقيع في الشارع إلى زلزال في الميدان" - بوابة الكويت

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شريف الأسواني يكتب "30 يونيو... من توقيع في الشارع إلى زلزال في الميدان" - بوابة الكويت, اليوم الأحد 29 يونيو 2025 05:58 مساءً

بوابة الكويت - تمر اليوم الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو، تلك اللحظة المفصلية التي وقف فيها المصريون صفًا واحدًا دفاعًا عن دولتهم وهويتهم ومستقبل أبنائهم. لم تكن ثورة 30 يونيو وليدة الصدفة، ولم تكن موجة غضب عابرة، بل كانت تتويجًا لوعي شعبي راكمه الغضب، وصقلته التجربة، وأشعلته الإرادة.

في البدايات كنا مجموعة من الشباب المؤمن أن الوطن أكبر من أي سلطة، وأن صوت الناس أقوى من أي مشروع استبدادي مغلف بالشعارات.

شريف الاسواني يكتب "30 يونيو... من توقيع في الشارع إلى زلزال في الميدان"

 بدأنا بجملة بسيطة على استمارة: "أرفض استمرار محمد مرسي رئيسًا للجمهورية، وأطالب بانتخابات رئاسية مبكرة." لكنها كانت جملة ثقيلة بالمعنى، مشحونة بالأمل، ومفتوحة على المجهول.

ثم جمعنا التوقيعات من الشوارع، من المقاهي، من البيوت، من المصانع، من القرى والنجوع. لم نكن نملك تمويلاً، ولا إعلامًا، ولا ظهرًا سياسيًا، لكننا كنا نملك ما هو أهم: ثقة الناس شيئًا فشيئًا، تحولت الاستمارة إلى سلاح سلمي في يد المواطن. 

توقيع وراء توقيع، حتى بدأت الأرقام تتضاعف، والصدى ينتشر في كل محافظة وحي ومدينة.وشارع وحارة.

في ذروة الحملة، كانت غرفة العمليات المركزية لحركة تمرد في القاهرة أشبه بخلية نحل لا تهدأ. شباب من كل الأطياف يجلسون على الأرض أو على مكاتب متواضعة، يفرزون استمارات جاءت من كل شبر في مصر: من أسوان إلى الإسكندرية، كنا نستقبل الاستمارات في أكياس، أو في ملفات، أو حتى مربوطة بحبل، وكل استمارة كانت تحمل صوتًا، معبراً عن غضب، وأملاً.

مع كل رقم جديد، كانت الروح تتجدد، أتذكر جيدًا لحظة إعلان وصولنا إلى عشرة ملايين استمارة، ساد الغرفة صمت رهيب، قبل أن ينفجر الجميع بالتصفيق والدموع.

 لم يكن فرحًا فقط، بل كان شعورًا ساحقًا بالمسؤولية، أدركنا حينها أن ما بدأناه تحول إلى زلزال شعبي لا يمكن إيقافه.

وفي 30 يونيو 2013، انفجرت اللحظة. ملايين نزلوا إلى الشوارع، في مشهد لم تعرفه مصر منذ عقود. لم يخرج الناس لسرقة وتخريب وفتح سجون، بل خرجوا لإنقاذ وطنهم. 

وفي موقف تاريخي نبيل، وكما الشعب أراد انحازت القوات المسلحة إلى الشعب، لتحمي اختياره، وتصوب المسار، وتؤكد إيمان راسخ عند كل اعضاء الجمعيه العموميه أن مصر فوق الجميع.

بعد اثني عشر عامًا، أنظر إلى الخلف بشعور عميق بالرضا. لم أسعَ إلى مكسب سياسي، ولم أطلب مقابلًا، يكفيني أنني كنت شاهدًا ومشاركًا في لحظة كتبتها الجماهير بإرادتها، ودفعت فيها من روحها وأملها.

والأجمل اليوم، أن مصر أصبحت تضم جيلًا من الشباب أكثر وعيًا وإخلاصًا. جيل يؤمن بالعمل التطوعي، ويشارك في خدمة مجتمعه، ويعرف أن الوطن ليس شعارًا، بل مسؤولية يومية. هذا التحول في وعي الناس – وخصوصًا الشباب – هو أحد أعظم مكاسب 30 يونيو. فقد صارت الوطنية سلوكًا، والانتماء فعلًا، والتضحية استعدادًا دائمًا.

...وبنفس الروح التي صنعت 30 يونيو، نستقبل القادم، لم تكن 30 يونيو نهاية الحلم، بل بدايته الحقيقية، نحن الذين آمنّا أن التغيير ممكن، وأن الدولة يمكن أن تنهض بإرادة شعبها، لا زلنا نؤمن أن ما هو قادم يمكن أن يكون أفضل. فكما خرج المصريون ليكتبوا تاريخهم بأنفسهم، فإنهم اليوم مدعوون ليبنوا مستقبلهم بنفس العزيمة.

شريف الاسواني يكتب "30 يونيو... من توقيع في الشارع إلى زلزال في الميدان"

نحن بحاجة إلى أن نحافظ على روح 30 يونيو، لا في الشعارات، بل في الأفعال: في الجدّ، في الصدق، في العمل، وفي الإيمان بأن كل لبنة نبنيها في هذا الوطن هي امتداد لتلك الوقفة المليونية الشامخة.

الأمل ليس مجرد فكرة، بل هو التزام يومي بالتحسن، بالإصلاح، وبأن نترك لمن بعدنا بلدًا أقوى، وأعدل، وأجمل. مصر قادرة، وشعبها يستحق، وتاريخها شاهد على أن أبناءها – إذا قرروا – لا يقف أمامهم شيء.

فلنصن ما أنجزناه، ولنُكمل الطريق بنفس الإيمان والبسالة. لأن الوطن لا يُبنى في يوم، بل يُبنى على مدار عمر كامل... بنفس الروح التي صنعت 30 يونيو.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق