بوابة الكويت - يبدو أن براد بيت لا يعيش فقط مرحلة تعافٍ من الماضي، بل مرحلة ولادة جديدة بكل ما للكلمة من معنى. في إطلالاته الأخيرة خلال جولة الترويج لفيلمه "F1"، لفت الأنظار بتجدد لافت: قصة شعر بسيطة، طلّة مريحة تنضح بالثقة، وابتسامة تقول: أنا هنا من جديد".

وعلى السجادة الحمراء في لندن، كانت إلى جانبه حبيبته الحالية، مصممة المجوهرات إينيس دي رامون، في مشهد بدا فيه بيت أكثر قرباً من الحياة الهادئة والحميمة التي طالما ابتعد عنها في زحمة النجومية والاضطرابات الشخصية التي خاضها مع طليقته الممثلة أنجلينا جولي.

بيت، الذي لم يتحدث سابقاً كثيراً عن حياته العاطفية بعد انفصاله عن أنجلينا جولي، لا يخفي اليوم انفتاحه على الحب، وامتنانه لوجود من يحبّه بصدق. في إحدى مقابلاته الأخيرة، أشار إلى أن حياته باتت "أبسط، وأكثر توازناً"، محاطاً بأشخاص يمنحونه الطمأنينة، لا العناوين العريضة. هذا الوجه الجديد للنجم العالمي لا يعبّر فقط عن تغيّر خارجي، بل عن رحلة داخلية طويلة بدأت قبل سنوات، وكان عنوانها: النهوض.

مرّ ما يقارب العقد منذ أن اتخذ براد بيت قرار التوقف عن شرب الكحول، وهو قرارٌ شكّل منعطفاً حاسماً في حياته، جاء في أعقاب انفصاله عن زوجته السابقة، الممثلة أنجلينا جولي، عام 2016. بعد سنوات من الإنكار، وجد بيت نفسه في لحظة مصارحة مؤلمة. في مقابلة مع بودكاست Armchair Expert عام 2025، قال: "كنت حرفياً على ركبتي، منفتحاً على كل شيء... كنت بحاجة لإعادة تشغيل نفسي، لأستيقظ. وكل ما مررت به حينها كان يعني لي الكثير".

وفي مقابلة مع "نيويورك تايمز" عام 2019، كشف للمرة الأولى أنه انضم إلى برنامج علاجي مكوّن من 12 خطوة، ساعده في الإقلاع عن الإدمان، وفتح له باباً للتعامل مع أعمق ما في داخله من ألم وارتباك.

لم يكن الإدمان وليد لحظة، بل تراكم سنوات من الانغماس في النجومية والهروب من الذات. ففي حديث مع The Hollywood Reporter عام 2012، أقرّ بيت بأنه استهلك كميات كبيرة من الماريجوانا في التسعينيات كوسيلة للهروب من ضغط الشهرة: "كنت أختبئ من واقع النجومية... أعود إلى المنزل لأختبئ وأخدّر نفسي حتى أنام". لكن نقطة التحوّل جاءت خلال زيارة إلى المغرب، حيث رأى الفقر بأقسى صوره، وشهد حالات من التشوّهات بين الأطفال، كان يمكن تفاديها". ويقول في هذا الإطار: "هذا المشهد بقي عالقاً في ذهني". وهناك قرر التوقف عن المخدرات، وإن بقيت الكحول رفيقه الوحيد.

لاحقاً، ومع بداية تأسيسه عائلة، أدرك بيت أن الكحول أيضاً لم تعد ملائمة. قال في مقابلة مع "GQ" عام 2017: "كنت أستطيع أن أنافس الروس على شرب الفودكا. كنت محترفاً. لكن عندما أسست عائلتي، قررت التوقف عن كل شيء... باستثناء الكحول".

لكن هذه العادة سرعان ما تحوّلت إلى عبء ثقيل، دفعه لاحقاً إلى الامتناع الكامل: "أدركت أني أشرب كثيراً... لكنه كان صعباً. ومع ذلك، أعاد إليّ مشاعري. أصبحت أشعر من جديد".

انفصاله عن جولي، عقب حادثة وقعت على متن طائرة خاصة، كانت لحظة انهيار. ورغم أن التحقيقات لم تثبت وجود إساءة، إلا أن بيت وجد نفسه في مفترق طرق: "كنت قد بلغت الحد الأقصى... سحبت من نفسي امتياز الشرب". انضم إلى مجموعة دعم رجالية، وصفها بأنها مساحة حرة وصادقة، تعلّم فيها التحدث عن "الجهات القبيحة" في ذاته من دون خجل أو حكم.

براد بيت اليوم ليس مجرد نجم يعاود الظهور على الشاشة، بل رجل أعاد تشكيل ذاته. بين حضور أنيق على السجادة الحمراء، ويد ممسكة بشريكة تشاركه سكينة اللحظة، وبين نضج داخلي لا يخجل من الاعتراف بالضعف... يروي بيت قصة تحوّل نادرة في هوليوود: من الهروب إلى المواجهة... من الانكسار إلى التوازن، ومن الصمت... إلى الحب.