نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الشرق الأوسط في منتصف 2025 تحولات جيوسياسية عميقة وتوقعات مضطربة - بوابة الكويت, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 01:30 مساءً
بوابة الكويت - شربل ساسين
يشهد الشرق الأوسط في منتصف عام 2025 تحولات جيوسياسية متسارعة وتوترات متصاعدة، مما يعيد تشكيل موازين القوى ويلقي ظلالاً من عدم اليقين حيال المستقبل. لم تعد المنطقة مجرد ساحة للصراعات التقليدية، بل أصبحت بؤرة لتصادم المصالح الكبرى والتفاعلات المعقدة، مدفوعة بأحداث بارزة وتقاطعات إقليمية ودولية.
الأحداث الراهنة: استمرارية الأزمات وتعميق التعقيدات
لا يزال الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو الأكبر في المنطقة. ففي غزة، على رغم انحسار العمليات العسكرية الكبرى، تواجه جهود إعادة الإعمار تحديات هائلة بسبب الدمار الشامل ونقص التمويل الدولي والخلافات على مستقبل الإدارة في القطاع. كما أن التوترات على الحدود لا تزال مرتفعة، وهناك مخاوف مستمرة من تجدد المواجهات. أما في الضفة الغربية، فيشهد الوضع تصاعدًا ملحوظًا في التوترات مع تزايد عمليات الاستيطان والاشتباكات بين المستوطنين والفلسطينيين، مما يهدد بإشعال جبهة جديدة للعنف. ويبدو مسار حل الدولتين في حالة جمود تام، مع غياب أي مبادرة دولية فاعلة.
ويمثل الملف النووي الإيراني نقطة تحول رئيسي. فبعد انتهاء الحرب الكبيرة القصيرة بين اسرائيل وإيران بضربة أميركية دقيقة على مواقع نووية ايرانية رئيسية، مما أدى إلى تدميرها بالكامل كما جاء في كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأمر الذي يعيد عقارب الساعة للوراء بشكل كبير بالنسبة الى البرنامج النووي الإيراني، ووقف النار الشامل بوساطة أميركية-قطرية، تركت المنطقة في حالة من الغموض حيال مستقبل الأمن والاستقرار فيها، مع تساؤلات حادة حيال قدرة إيران على استئناف برنامجها النووي.
وبعد سقوط النظام الأسدي المخلوع في كانون الأول\ ديسمبر 2024، تشهد سوريا مرحلة انتقالية معقدة ومحفوظة بالتحديات. وعلى رغم التوقعات بتحسن الوضع الأمني خصوصاً بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، فإن الهجمات الإرهابية لا تزال تشكل تهديداً، إذ شهدت دمشق قبل أيام هجومًا على كنيسة مار الياس. كما أن هناك تحديات كبيرة تتعلق بإعادة بناء البلاد، وعودة النازحين، وتوفير مقومات العيش الأساسية ومعالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
وفي اليمن، يستمر النزاع على رغم فترات هدوء هشة، ولا تزال المفاوضات متعثرة، وتستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، مع تداعيات إقليمية على الملاحة في البحر الأحمر.
أما التنافس السعودي-الإيراني، فعلى رغم التقارب الذي شهدناه عام 2023 على مستوى خفض التصعيد المباشر، لا يزال التنافس على النفوذ قائماً. العلاقات الديبلوماسية قائمة وهناك قنوات اتصال لتجنب المواجهة المباشرة، لكن المنافسة الجيوسياسية على النفوذ في اليمن والعراق وسوريا ولبنان مستمرة، وإن كانت تتم بوسائل أقل حدة وأكثر ديبلوماسية في العلن.
التوقعات المستقبلية: مزيد من التعقيد وعدم اليقين
من المتوقع أن تستمر حالة "لا حرب ولا سلم" في العديد من مناطق الصراع، مع فترات من الهدوء النسبي تتبعها موجات من التصعيد، من دون التوصل إلى حلول جذرية. مع غياب الأفق السياسي، من المتوقع أن تزداد التوترات في الضفة الغربية، وقد تتجدد المواجهات العسكرية في غزة بشكل متقطع. وستظل التداعيات الإقليمية على دول الطوق مثل الأردن ولبنان مصدر قلق بالغ.
ستواصل الصين تعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة من خلال مبادرة "الحزام والطريق" والاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية، وقد يتبع ذلك تعزيز لنفوذها السياسي. بينما ستحافظ روسيا على وجودها العسكري والديبلوماسي في سوريا، وتسعى الى تعزيز علاقاتها بدول المنطقة، خصوصاً في مجالي الطاقة والأسلحة.
وقد نشهد مزيداً من التقاربات غير المتوقعة بين بعض الدول الإقليمية لتشكيل تحالفات جديدة لمواجهة التحديات المشتركة أو لموازنة نفوذ قوى أخرى. كما أن هناك تطلعاً متزايداً لدى بعض الدول العربية من أجل تنويع تحالفاتها وعدم الاقتصار على شريك دولي واحد.
وستظل التحديات الاقتصادية، مثل الحاجة إلى تنويع الاقتصادات بعيداً من النفط وتوفير فرص عمل للشباب ومواجهة التضخم، قضايا ملحة تضغط على الاستقرار الداخلي للدول. وتزداد حدة أزمة المياه وتأثيرات التغير المناخي، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات حيال الموارد وزيادة الهجرة الداخلية والإقليمية.
بالإضافة إلى ذلك، ستلعب وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا دوراً متزايداً في تشكيل الرأي العام وتأجيج الاحتجاجات أو التعبئة الاجتماعية، مما يمكن أن يكون عاملًا في زعزعة الاستقرار الداخلي للدول أو تعزيزه.
الخلاصة
يواجه الشرق الأوسط في منتصف عام 2025 مستقبلًاً معقداً تتشابك فيه الصراعات القديمة مع التحديات الجديدة. وبينما لا تبدو في الأفق حلول سريعة للعديد من الأزمات، فإن قدرة دول المنطقة على إقامة حوارات بناءة، وتغليب المصالح المشتركة على الخلافات، والتعامل مع التحديات الاقتصادية والبيئية، ستحدد إلى حد كبير مسارها نحو الاستقرار أو مزيد من الاضطراب. إن الدور المتغير للقوى الدولية والتنافس المتزايد يزيدان من صعوبة التكهن بمستقبل المنطقة، لكن المؤكد أن المرحلة امقبلة ستكون حافلة بالتحديات والتحولات الجيوسياسية العميقة.
0 تعليق