المجلس الوطني للإعلام في لبنان: هيئة معطّلة في زمن الفوضى الإعلامية - بوابة الكويت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المجلس الوطني للإعلام في لبنان: هيئة معطّلة في زمن الفوضى الإعلامية - بوابة الكويت, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 01:30 مساءً

بوابة الكويت -  في مشهد لبناني تتزاحم فيه المؤسسات المعطّلة والمجالس الشكلية، يبرز المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع كأحد أكثر النماذج إرباكًا في تركيبة الدولة. هيئة يفترض فيها أن تضبط الإعلام وتحمي السلم الأهلي، لكنها بلا أنياب ولا تأثير، فيما تبدو الساحة الإعلامية اللبنانية مفتوحة على كل أشكال الفوضى والخطاب التحريضي والطائفي.

أُنشئ المجلس بموجب القانون 382 الصادر عام 1994، في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، حين كانت الحاجة ملحّة إلى تنظيم الفضاء الإعلامي الذي انفلت خلال سنوات الحرب، ولا سيما بعد انتشار الإذاعات والتلفزيونات الخاصة.

كان يُفترض أن يؤدي المجلس دور المراقب والضابط للمحتوى الإعلامي، وأن يكون مرجعًا مهنيًا لمتابعة المخالفات وتقديم التوصيات لوزارة الإعلام والمجلس الأعلى للإعلام (الذي لم يُفعّل أصلًا منذ إنشائه). إلا أن الأمور سارت في اتجاه آخر تمامًا.

منذ تأسيسه، بقي أسير صفة "الهيئة الاستشارية"، فلا يمتلك صلاحية اتخاذ قرارات تنفيذية، ولا سلطة فرض عقوبات، ولا إمكان توقيف بثّ وسيلة إعلامية حتى في حال المخالفة الجسيمة، وينحصر دوره في رفع تقارير وتوصيات لا يُلزم أحدٌ الأخذ بها، خصوصًا في بلد تطغى فيه الاعتبارات السياسية والطائفية على العمل المؤسساتي.

 

مبنى وزارة الإعلام (أرشيف)

 

ازدواجية وتداخل صلاحيات
تداخُل الصلاحيات بين المجلس ووزارة الإعلام والنيابة العامة، أفرغ دوره من مضمونه. أما تعيين أعضائه بالتوافق السياسي والطائفي، فجعل منه جسمًا هشًا لا يمتلك استقلالية حقيقية، وهو ما يفقده ثقة العاملين في الحقل الإعلامي.

ولعلّ الأهم من كل ما سبق، أن المجلس اليوم يبدو منفصلاً تمامًا عن الواقع الإعلامي الحديث. فبينما تميل التطورت نحو الإعلام الرقمي والمنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، بقي هو منشغلًا بقوانين ومرجعيات تتعلّق بالإذاعة والتلفزيون فقط. لا يمتلك أي آلية قانونية أو فنية لتنظيم المحتوى الرقمي، ولا متابعة ما يُنشر على المنصات التي أصبحت هي المصدر الأول للمعلومة والخبر والرأي.

في السنوات الأخيرة، طُرحت مبادرات عدة لتحديث قانون الإعلام وإنشاء هيئة وطنية مستقلة للإعلام تكون قادرة على مواكبة التحولات الرقمية، وتنظيم العلاقة بين الحريات الإعلامية والمسؤولية المهنية. ولكن كالعادة، بقيت هذه المبادرات حبيسة الأدراج بفعل غياب الإرادة السياسية.

توازيا، تتصاعد دعوات إلى إلغاء المجلس الوطني للإعلام بصيغته الحالية، باعتباره مجرد فائض بيروقراطي في دولة تعاني ترهّلا إداريا حادّا. وفي زمن تتفكك فيه المؤسسات ويغيب الحد الأدنى من التنظيم الإعلامي، تبدو الحاجة ملحّة إلى هيئة فاعلة تراقب وتُنظّم وتحاسب، لا مجرد "مجلس يرفع التقارير" ولا يقرأها أحد. 
في بلد يحفل بالتوترات وتغزوه الإشاعات ويملأه الاحتقان عبر الشاشات والمنصات، لا يبدو أن المجلس الوطني للإعلام، بصيغته الراهنة، يملك ما يؤهله للقيام بأي دور حقيقي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق