نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوسن حبال: حين تتحوّل الفكرة إلى طَعم، والذكرى إلى قالب كيك - بوابة الكويت, اليوم الخميس 26 يونيو 2025 11:29 صباحاً
بوابة الكويت - بين الجدّ والمزح
منذ اثني عشر عامًا، قبل أن يأخذ عالم الكيك شكله الحالي الذي نعرفه اليوم، كنت أعشق "العبث" في المطبخ – أو "التخريب" كما كانوا يصفونني دائمًا كلما رأوني هناك، تروي سوسن حبال لـ"النهار".
لكن ما بدا تخريبًا في الظاهر، كان في الحقيقة شغفًا يتشكّل بصمت. ففي منزل يلتقي فيه فن الطبخ مع الفنون التشكيلية، وخصوصًا من خلال والدتها، وجدت لنفسها مكانًا بين النكهات والألوان، واكتشفت مع الوقت أن لديها معرفة فطرية بهذا العالم، تنمو مع كل تجربة جديدة.
كانت تصنع قوالب الكيك في كل مناسبة، سواء في المدرسة أو ضمن العائلة، بدافع التسلية فقط. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي طلب منها أحدهم كيكًا مزيّنًا بعجينة السكر، يتضمّن مجسمًا ثلاثي الأبعاد لريشة ملوّنة.
ورغم أن خبرتها آنذاك كانت معدومة تمامًا، قبلت التحدي بكل ثقة. بل إنّ الخوف من النتيجة لم يكن موجودًا أصلًا.
تقول: "بعد أن أنهيت الكيك، تفاجأت بالنتيجة… وكانت تلك اللحظة مفصلية. فقد زادت ثقتي بنفسي، وبدأت أؤمن بأنّ لي مكانًا حقيقيًا في هذا العالم".
بعد 12 عامًا من الخبرة، بات "الابتكار في تصميم الكيك" هو اللغة التي تُدرّسها سوسن لتلاميذها، وللمؤسسات التي تعمل معها مستشارة.
وتوضح: "شهد عالم الكيك تطورًا هائلًا وانفتاحًا عالميًا، وأصبح من الضروري أن نبتكر تصاميم تميزنا وسط موجة النسخ والتقليد السائدة".
وترى أن الابتكار لا يبدأ من الشكل، بل من الفكرة. "الفكرة قد تكون شعورًا، تعبيرًا، حلًا لمشكلة، أو حتى رسالة موجهة لفئة عمرية معينة… ومن هذه النقطة نبدأ بتطوير الفكرة إلى تصميم قابل للتنفيذ على الكيك".
وتحذر من خطأ شائع يقع فيه كثيرون من المصممين عند بحثهم عن مصادر الإلهام، إذ يبدأون بالاطلاع على أعمال غيرهم من مصممي الكيك عبر مواقع البحث.
"بهذا الشكل، نحن لا نبتكر، بل نعيد تدوير ما تم ابتكاره فعلًا"، تقول سوسن، مضيفةً: "الأجدر بنا أن نبحث خارج هذا العالم – من الفنون، من الطبيعة، من الحياة اليومية – من شيء يشبه الفكرة التي نحملها، ثم نسأل أنفسنا: كيف يمكنني تحويل هذه الصورة أو الشكل إلى قالب كيك؟ وهكذا نكون قد أضفنا شيئًا جديدًا وأصيلًا لهذا المجال".
وتعترف بأنّ كونك "مصممًا مبتكرًا" ليس بالأمر السهل، فالتحديات كثيرة، سواء كانت تقنية أو مجتمعية.
وتشرح: "حين أبدأ بفكرة وأسأل نفسي كيف يمكن تجسيدها على هيئة كيك، أحتاج إلى معرفة دقيقة بصناعة الكيك – من البنية الأساسية والدعامات، إلى التقنيات الأنسب، والمواد الأكثر صلابة، وأدق وسائل التنفيذ. أحيانًا أضطر الى صنع أدوات أو قوالب خاصة لأتمكن من الوصول إلى الشكل الذي أطمح إليه".
أما على الصعيد المجتمعي، فتقول إنّ الابتكار أحيانًا قد يثير الجدل أو يحرك مشاعر غير متوقعة لدى الجمهور.
"هنا يكمن التحدي الحقيقي"، تضيف، "فالمصمم ينتظر تفاعل الناس، ويشعر بثقل نظراتهم. ولذلك فإنّ فهم نفسية المتلقي وسيكولوجية الجمهور أصبح جزءًا لا يتجزأ من العمل الإبداعي".
في لحظة من لحظات الإبداع، قررت سوسن أن تبتكر قالبًا جديدًا لعيد الأم، يجمع بين الفكاهة والحنين.
تقول: "صممت قالبًا مكتوبًا عليه ’بطلة الرماية‘، وعليه المشّاية الطائرة. الهدف من هذا التصميم كان تحريك النوستالجيا بطريقة مرحة لدى متابعيني، وليس بهدف تحقيق مبيعات".
وتتابع: "على رغم الجدل الذي واجهته من الأفراد من حولي، بأن هذا التصميم قد لا ينال إعجاب الناس، إلا أنني قررت أن أخوض التجربة. نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتظرت النتائج… وما حدث كان مذهلًا. فقد تصدّر الترند في يوم الأم، وأصبح الناس يتداولونه بدلًا من المعايدة التقليدية، حتى أنه ذُكر في بعض نشرات الأخبار المحلية.
وتؤمن سوسن بأننا عندما نرى شيئًا جميلًا، غالبًا ما نُعجب به من دون أن نعرف لماذا؟
"لكنني أعتقد أن تنسيق الألوان هو أول ما يجذب العين ويجعلنا نشعر بالجمال. ومن هذا المنطلق، يجب أن يكون اختيار ألوان التصميم منسجمًا مع هدفه، والشعور الذي نريد أن يصل للمتلقي".
أما نكهة الكيك، فعادة ما يختارها الزبون حسب رغبته، ولكنها ترى أن على المصمم دورًا في تحسين التجربة من الداخل أيضًا.
"يمكننا اقتراح نكهات جديدة وغير تقليدية، مثل نكهات فاكهة صيفية لتصميم صيفي، أو نكهات تراثية لعمل يحمل طابعًا وطنيًا أو ثقافيًا".
وتختم بالقول: "لكي نقول إن تصميمًا ما ناجحاً، يجب أن يخدم الهدف الذي صُنع من أجله أولًا، وأن يكون متناسقًا مع الشعور الذي نريد أن نوصله. وأهم عنصر مخفي في التصميم الناجح هو البنية الداخلية للكيك – من حيث الوزن، والدعامات، والمواد المستخدمة – لضمان أن يحافظ على شكله لأطول مدة ممكنة".
وتضيف: "تصميم الكيك ليس مجرد هواية، بل هو فن يتطلب الإبداع والجرأة في آن واخد. وأنا أؤمن بأن الخوف من الفشل هو العائق الأكبر أمام الابتكار. لذلك، أدعو كل مصمم كيك إلى تحدي نفسه، وابتكار أفكار جديدة. الكيك هو تجربة... للصانع، وللمتلقي، وذكرى تُحفَر في الذاكرة إلى الأبد".
0 تعليق